كيف سيتأثر الاقتصاد البريطاني بعودة ترامب إلى البيت الأبيض؟
رجحت مؤسسة أبحاث اقتصادية أن عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية قد تؤدي إلى خفض نمو الاقتصاد البريطاني إلى النصف، إذا مضى في فرض تعريفاته الجمركية الجديدة المشددة التي هدد بها. وأوضح “المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية” (NIESR) أن سياسات ترامب الحمائية، التي يخطط لها الجمهوري الساعي للعودة إلى البيت الأبيض، قد تؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي البريطاني، وارتفاع معدلات التضخم، وزيادة بنك إنجلترا لأسعار الفائدة.
عودة ترامب قد تهدد نمو الاقتصاد البريطاني
وفي هذا السياق أكد أحمد كايا، وهو اقتصادي في (NIESR)، أنه في حال فرض ترامب تعريفة جمركية بنسبة 60 في المئة على السلع الصينية و10 في المئة على السلع من دول أخرى، فإن التصعيد التجاري المتوقع سيؤدي إلى خفض نمو الاقتصاد البريطاني بمقدار 0.7 نقطة مئوية في العام الأول و0.5 نقطة مئوية في العام التالي. وبيّن كايا أن “الاقتصاد البريطاني، لكونه صغيرًا ومفتوحًا، سيغدو من أكثر الاقتصادات تأثرًا”. وقدّر المعهد أن ارتفاع التضخم في بريطانيا قد يصل إلى 3-4 نقاط مئوية على مدار عامين، في حين قد ترتفع أسعار الفائدة بمقدار 2-3 نقاط.
ودون فرض ترامب لهذه التعريفات، توقع (NIESR) في تقرير نُشر قُبيل نتائج الانتخابات الرئاسية أن ينمو الاقتصاد البريطاني بنسبة 1.2 في المئة في 2025 و1.4 في المئة في 2026، مع استقرار التضخم عند هدف الحكومة البالغ 2 في المئة، وانخفاض أسعار الفائدة من مستواها الحالي البالغ 5 في المئة إلى 3.25 في المئة.
وأشار كايا إلى أن تأثير سياسات ترامب قد يتفاقم إذا فرضت الدول المتضررة تعريفات انتقامية، إذ يُتوقع أن ينخفض النمو الاقتصادي الأمريكي بنحو 1.3 في المئة إلى 1.8 في المئة خلال أول عامين من تطبيق التعريفات، اعتمادًا على رد الفعل الدولي.
الميزانية الجديدة وإمكانات النمو الاقتصادي
من جانب آخر، أبدى المعهد شكوكه بشأن التأثير المتوقع للميزانية الجديدة على إمكانات النمو الاقتصادي الطويلة الأجل، التي يُقدرها بنحو 1.2 في المئة سنويًّا. وقال ستيفن ميلارد، نائب مدير (NIESR) لنمذجة الاقتصاد الكلي والتنبؤ: إن زيادة الإنفاق على البنية التحتية التي أعلنتها راشيل ريفز، وزيرة المالية، تعوض فقط التخفيضات التي أعلنتها الحكومة السابقة.
وغيّرت ريفز الطريقة التي تُقيِّم مدى استدامة الدين الوطني، وأوضح ميلارد أن النظر إلى أصول والتزامات الدولة المالية يُمكّن من زيادة الاستثمار العام، غير أنه أضاف: “التوقيت وحجم الزيادة يبقيان غير محددين، لكنني أرى أن هناك حاجة لمزيد من الإجراءات”.
وأشار ميلارد إلى أن “الميزانية التاريخية التي أُعلنت الأسبوع الماضي -الأولى من حزب العمال منذ 14 عامًا- ستدفع الطلب خلال السنوات المقبلة، ما سيؤدي إلى ارتفاع في نمو الناتج المحلي الإجمالي والتضخم، وتثبيط انخفاض أسعار الفائدة. كما أن رفع معدل التأمين الوطني على أصحاب العمل سيُسهم في تقليص فرص العمل على المدى الطويل، ما قد يؤدي إلى زيادة البطالة”.
وورد في التقرير الفصلي للمعهد بشأن الوضع الاقتصادي أن قرار ريفز بالإبقاء على تجميد إعفاءات ضريبة الدخل والعتبات حتى إبريل 2028 سيتسبب في تحميل الأسر الفقيرة ضرائب إضافية قدرها 600 باوند سنويًّا.
وكانت الأسر الفقيرة في بريطانيا هي الأكثر تضررًا من عدم مواكبة الأجور لارتفاع الأسعار خلال أزمة تكلفة المعيشة، ما أدى إلى تراجع مستوى معيشتها بنسبة 20 في المئة، أي ما يعادل نحو 2500 باوند من 2021-2022 إلى 2024-2025. ورغم تحسن مستويات المعيشة الآن، فإنه وفقًا للتوجهات الحالية، لن تعود إلى مستويات ما قبل عام 2022 للأسر المتوسطة حتى عام 2026.
دعوات لتغيير السياسات الضريبية لدعم النمو
وبهذا الشأن أشار أدريان بابست، نائب مدير السياسات العامة، إلى أن “تركيز الحكومة على تحقيق نمو أسرع من خلال زيادة الاستثمار خطوة جيدة، لكن بعض القرارات الضريبية قد تُثني المستثمرين وتُثقل كواهل الأسر ذات الدخل المنخفض”. وأضاف: بدلًا من تمديد تجميد العتبات الضريبية الشخصية لثلاث سنوات ونصف إضافية، كان من الأفضل أن ترفع الحكومة ضريبة الدخل على أصحاب الدخل المرتفع وتحرر العتبات ابتداءً من عام 2025.
واختتم بابست بقوله: “حان الوقت للتخلي عن القيود المالية المفروضة ذاتيًّا واتخاذ خطوات تحقق الفائدة للاقتصاد والمجتمع”.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
6°C