بعد فضيحة جويش كرونيكال.. مطالبات بإقالة روبي جيب من بي بي سي
لم تنتهِ أزمة صحيفة “جويش كرونيكال” البريطانية اليهودية عند استقالة ثلاثة من أبرز كُتّابها؛ فما زالت تتعرض لسيل من الانتقادات؛ بسبب نشر أحد كُتّابها تقارير مفبركة ومعلومات كاذبة تدعم الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على غزة.
وقد وصل هذا السيل إلى عتبة هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، حيث أُثيرت شكوك بشأن جدارة السير روبي جيب -المالك السابق لمجلة جويش كرونيكال- بمنصب عضو في مجلس إدارة الهيئة في إنجلترا.
فضيحة جويش كرونيكال
بدأت فضيحة جويش كرونيكال عندما كشفت صحيفة الغارديان أن الكاتب المستقل في الصحيفة إيلون بيري نشر تقاريرَ مزيفة خلال الأشهر الماضية عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، بناءً على مصادر أمنية ادعى امتلاكها.
ولكن محتوى التقارير أثار شكوك بعض الصحفيين ووسائل الإعلام الإسرائيلية، التي أثبتت أن بيري كان يكذب؛ سعيًا لدعم ادعاءات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بشأن الحرب على غزة، ونشر معلومات كاذبة عن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار.
وبعد تحقيق شامل أجرته مع بيري، حذفت “جويش كرونيكال” المقالات، واعتذرت إلى القرّاء وقطعت علاقتها بالكاتب؛ في خطوة ظنّت أنها ستحفظ ماء وجهها وتُنهي قضية حساسة تمسّ بمصداقية الإعلام ونزاهته.
وقد أعلن جوناثان فريدلاند، وهادلي فريمان، وديفيد آرونوفيتش -وهم من أبرز كُتّاب جويش كرونيكال- استقالتهم من مناصبهم؛ احتجاجًا على عدم كفاية المساءلة فيما يتعلق بالمقالات الملفقة. ووصف فريدلاند الفضيحة بأنها “وصمة عار كبيرة” على جبين أقدم صحيفة يهودية في العالم.
مسيرة السير روبي جيب في بي بي سي
بعد التخرج، عمل السير روبي جيب في هيئة الإذاعة البريطانية باحثًا سياسيًّا، ثُمَّ ترك هذا الدور بعد مدة وجيزة من انتخاب شقيقه نيك نائبًا عن حزب المحافظين في (Bognor Regis) و( Littlehampton).
وعاد إلى هيئة الإذاعة البريطانية في عام 2002، وتولى مناصب عدة، وشمل ذلك: رئاسة تحرير البرنامج التلفزيوني الإخباري (Newsnight)، والتحرير السياسي لبرامج (Daily Politics) و(The Andrew Marr Show)، و(This Week)، إضافة إلى تحرير الأحداث السياسية المباشرة، ومن ذلك (The Great Debate) خلال حملة استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.
وفي عام 2017، عُيِّن جيب مديرًا للاتصالات في داونينغ ستريت، في عهد رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي. وفي عام 2020، نجح في الاستحواذ على صحيفة “جويش كرونيكال”، في صفقة رفض الإفصاح عن الجهة التي مولتها، وبلغت قيمتها نحو 3.5 مليون باوند.
وأصبح جيب عضوًا في مجلس إدارة “بي بي سي” في إنجلترا في مايو 2021 لثلاث سنوات، بدعم من المستشار السياسي لحزب المحافظين دوجي سميث، الذي -وفقًا للصحفي تيم شيبمان- “ضغط لعدة أشهر”؛ لكي يصبح جيب على رأس هرم التحرير في بي بي سي!
وفي الـ13 من مارس 2024، جددت “بي بي سي” عضوية السير روبي جيب في مجلس الإدارة لأربع سنوات إضافية، من الـ7 من مايو 2024 حتى الـ6 من مايو 2028.
ولطالما كان منصب جيب في بي بي سي موضوعًا مثيرًا للجدل في أوساط الصحفيين ووسائل الإعلام البريطانية؛ باعتبار أن السياسة التحريرية يجب أن تكون حيادية وبعيدة عن التحالفات السياسية.
دعوات لإقالة روبي جيب من بي بي سي
وجاءت فضيحة جويش كرونيكال لتضع السير جيب مجددًا تحت مجهر وسائل التواصل الاجتماعي والنقاد في بريطانيا، الذين طالبوا بإقالته من منصبه في”بي بي سي”؛ بسبب مخاوف من تأثير خلفيته السياسية وملكيته لصحيفة “جويش كرونيكال” على نزاهة الهيئة ومصداقيتها والتزامها الحياد، وبخاصة في التقارير الإخبارية عن العدوان الإسرائيلي على غزة.
وقد حذّر أليستر كامبل، وهو المعلق السياسي ومدير الاتصالات السابق لتوني بلير، من تأثير جيب على حيادية “بي بي سي”، مشيرًا إلى أن مثل هذه الشخصيات ذات التحالفات السياسية العلنية لا ينبغي أن تشغل مناصب رئيسة في هيئة إعلامية عامة.
كما شككت عدة شخصيات في عالم الصحافة والإعلام في بريطانيا بمدى ملاءمة جيب لمنصبه في “بي بي سي” بعد فضيحة “جويش كرونيكال”، حيث قال الصحفي إيان أوفرتون: إن ثقة الجمهور بالمؤسسات الإعلامية أصبحت على المحك، مضيفًا: إن قناة ممولة من دافعي الضرائب مثل “بي بي سي” يجب أن تلتزم بالشفافية ومعايير الحياد الصارمة.
من جهته قال رئيس الشؤون البرلمانية بمجلس التفاهم العربي البريطاني جوزيف ويليتس: إن فضيحة “جويش كرونيكال” ستؤدي إلى تشويه سمعة “بي بي سي” إذا ظلّ جيب في مجلس الإدارة، محذرًا من أن تَحِيد وسائل الإعلام عن أخلاق المهنة لتوظف تقاريرها في خدمة الأحزاب السياسية في بريطانيا وخارجها!
وفي صحيفة “صنداي تايمز” تساءل المحرر غابرييل بوغروند عن المالك “الحقيقي” لصحيفة “جويش كرونيكال”، ورأى أن الصحيفة تضرّ باليهود البريطانيين الليبراليين، الذين يشعرون أن الصحيفة لم تَعُد تُمثلهم!
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇