8 ملايين باوند لإصلاح بيانات توظيف غير قابلة للاستخدام في بريطانيا
خصصت وكالة الإحصاء الحكومية في بريطانيا ميزانية قدرها 8 ملايين باوند لتوظيف عدد كبير من العمال المؤقتين ذوي الأجور المنخفضة، في محاولة لتلافي الخلل الذي وصفته بـ”غير القابل للاستخدام عمليًّا” في بياناتها المتعلقة بالتوظيف.
انتقادات لجودة البيانات
وجاءت هذه الخطوة بعد تزايد الانتقادات بشأن جودة البيانات، حيث وافقت هيئة الإحصاء الوطنية الشهر الماضي على عقد ضخم مع وكالة التوظيف “راندستاد” لاستقطاب باحثين ميدانيين يسعون إلى تعزيز دقة مسح القوى العاملة (LFS).
ويُعد هذا المسح من الأدوات الأساسية التي تعتمد عليها الحكومة وبنك إنجلترا لاتخاذ قرارات مهمة، ويشمل ذلك تحديد أسعار الفائدة التي تؤثر على ملايين الأسر. غير أن خبراء الاقتصاد حذروا من أن صُنَّاع القرار يتخذون قراراتهم “دون رؤية واضحة”؛ بسبب تراجع معدلات الاستجابة للمسح، وهو ما قد يستمر حتى عام 2027 لإصلاحه.
في تطور آخر، أرجأت الهيئة تحديث قاعدة بيانات التضخم التي كان من المقرر إطلاقها في مارس المقبل لمدة عام، في إطار جهودها لدمج ملايين الأسعار التي تُجمع من أجهزة الدفع في السوبرماركت. وأوضحت الهيئة أن قرار التأجيل جاء “تحسبًا لأي طارئ” ونظرًا لأهمية البيانات وتعقيدها.
تأثير انخفاض جودة البيانات على قرارات السياسة النقدية
وبينما يترقب بنك إنجلترا اتخاذ قرار مصيري بشأن أسعار الفائدة في السادس من فبراير المقبل، صرح أندرو جودوين، كبير الاقتصاديين في أكسفورد إيكونوميكس، قائلًا: “هناك مخاوف حقيقية بشأن جودة بيانات مسح القوى العاملة في بريطانيا، ما يجعل استخدامها غير ممكن في الوقت الراهن. صُنَّاع القرار يعتمدون على بيانات غير موثوقة”.
وبحسَب تفاصيل العقد، ستعمد هيئة الإحصاء إلى استخدام “راندستاد” لتوظيف باحثين ميدانيين يتنقلون بين المنازل في مختلف أنحاء بريطانيا؛ لحث السكان على إكمال الاستبانات الإلكترونية للهيئة.
ومن المتوقع أن تُوظف الهيئة 148 شخصًا مؤقتًا عن طريق وكالة “راندستاد” لدعم فريقها الأساسي البالغ عدده 549 موظفًا دائمًا. كما تخطط لتوسيع الفريق من خلال الاستعانة بوكالة “ألكسندر مان سوليوشنز” لتوظيف نحو 200 باحث ميداني إضافي بحلول نهاية مايو 2025.
وأعلنت وكالة “راندستاد” عن رواتب تبلغ 12.55 باوند في الساعة للباحثين الميدانيين الذين يعملون بين 22 و30 ساعة أسبوعيًّا لفترة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وهي أعلى بقليل من الحد الأدنى للأجور الوطنية البالغ 12.21 باوند ابتداء من إبريل. وفي لندن، تصل الرواتب إلى 14.85 باوند للساعة.
انتقادات النقابات العمالية
غير أن النقابات العمالية أعربت عن استيائها من هذه الجهود، مشيرة إلى أن المشكلات التي تعاني منها الهيئة متجذرة وتشمل انخفاض الرواتب، وتقليص الميزانيات الحكومية، وتدهور الروح المعنوية للموظفين.
وصرحت فران هيثكوت، الأمينة العامة لنقابة (PCS)، بأن “تخصيص مبالغ كبيرة لوكالات التوظيف من أجل حلول مؤقتة ليس هو الحل. على إدارة الهيئة التركيز على حل مشكلات التوظيف والاحتفاظ بالموظفين على المدى الطويل”.
وأبرز قادة النقابات ارتفاع معدل دوران الموظفين السنوي الذي وصل إلى 25 في المئة بين الموظفين الدائمين، وأشاروا إلى نتائج استبانات داخلية تعكس حالة السخط على الإدارة ومستويات الرواتب.
وقال نيك ماليس، ممثل نقابة “بروسبكت”: “ينبغي للهيئة أن تدرك الواقع. تُتخذ قرارات سياسية واقتصادية استنادًا إلى بيانات يمكن جمعها بفعالية أكبر”.
وشهدت معدلات الاستجابة للاستبانات الاقتصادية انخفاضًا مستمرًّا في بريطانيا والولايات المتحدة، ولا سيما خلال فترات الإغلاق بسبب وباء كورونا عندما توقفت المقابلات المباشرة. وتسعى الهيئة حاليًّا إلى التركيز على الاستبانات الإلكترونية.
وانخفضت معدلات الاستجابة من 40 في المئة في عام 2019 إلى 12.7 في المئة في عام 2023، لكنها تعافت مؤخرًا لتصل إلى نحو 20 في المئة. ومع ذلك، تُستخدم حاليًّا نحو 47,000 استجابة فقط لتقدير أوضاع العمل لنحو 45 مليون شخص.
ارتفاع البطالة وتأثيرها على القرارات النقدية
وأظهرت أحدث الإحصاءات التي نُشرت يوم الثلاثاء ارتفاعًا في معدلات البطالة، وهي من أكثر البيانات مراقبة قبيل إصدار بنك إنجلترا قرار أسعار الفائدة.وأكدت “راندستاد” التزامها بتقديم رواتب ومزايا تنافسية تتجاوز أو تتماشى مع معايير الصناعة.
وذكرت متحدثة باسم الهيئة أن الجهود الحالية تسعى إلى مواجهة عقبات انخفاض معدلات الاستجابة للاستبانات، عبر توظيف مزيد من الباحثين والاستعداد لإطلاق مسح القوى العاملة المُحسن بوصفه حلًّا طويل الأجل. وأضافت: “بوصفه مسحًا جديدًا يعتمد على الإكمال الذاتي، استغرق تطويره وقتًا لضمان تحقيق الجودة المطلوبة. وقد اختبرنا مؤخرًا نسخة أقصر من الاستبانة لتحسين جودة البيانات. سنعلن الخطوات المقبلة في الربيع”.
وأوضحت الهيئة أنها تسعى لإيجاد ثقافة صادقة وشاملة تحث الموظفين على تقديم ملاحظاتهم للتعامل مع المشكلات بطريقة جماعية. وأكدت أنها كلفت بإجراء مراجعة لاستخلاص الدروس المستفادة لضمان سماع آراء جميع المشاركين في مشروع المسح الجديد.
يُذكَر أن الصورة المرافقة لهذا المقال قد استُبدلت في الـ23 من يناير 2025، إذ كانت الصورة السابقة تُظهر مبنى هيئة الإحصاء الوطنية في لندن، لكنها كانت في الواقع لمبنى سابق تابع للهيئة.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇