50 مليون باوند هدرت هباءً.. مركز لجوء حكومي لم يسكنه أي مهاجر

في خطوة مثيرة للجدل، قررت الحكومة البريطانية إلغاء خطط إنشاء مركز لجوء في موقع تاريخي، الأمر الذي كلف دافعي الضرائب ما يعادل 48.5 مليون باوند، رغم أنه لم يقم أي مهاجر بالإقامة في هذا المركز. فشل المشروع يأتي في وقت يتزايد فيه تدفق المهاجرين إلى المملكة المتحدة، مما يثير تساؤلات حول كفاءة استخدام الأموال العامة في هذا الملف الحساس.

إلغاء خطة استخدام قاعدة سكامبتون

في عام 2023، أعلنت الحكومة المحافظة عن خطط لتحويل قاعدة سكامبتون الجوية، الواقعة في لينكولنشاير، إلى مركز احتجاز لطالبي اللجوء. كان من المقرر أن يستوعب المركز ما يصل إلى 2000 شخص، قادمين إلى المملكة المتحدة عبر القوارب الصغيرة أو بطرق أخرى قد تعتبر غير قانونية.

قرار الحكومة الجديدة بإلغاء المشروع

لكن بعد وصول حكومة حزب العمال إلى السلطة، قرر الوزراء إلغاء هذه الخطط. وعللوا ذلك بأن المركز لم يعد ضروريًا، إضافة إلى أن تكاليف المشروع ارتفعت بشكل كبير. وقالت وزيرة الداخلية، أنجيلا إيغل، في سبتمبر الماضي: “إن تسريع معالجة طلبات اللجوء، وزيادة عمليات الترحيل، وتعزيز تطبيق قوانين الهجرة، سيؤدي إلى تقليص الحاجة لمراكز الإقامة مثل سكامبتون”.

تكاليف باهظة وأسباب الخسارة

بحسب التقرير السنوي لوزارة الداخلية، كانت تكلفة المشروع بعد إلغائه قد بلغت 48.5 مليون باوند، نتيجة لتحمل الحكومة مبالغ ضخمة خلال فترة التخطيط. ويُفهم أن معظم الخسارة هذه تعود إلى دفع مبلغ قدره 39 مليون باوند لشركة Portakabin التي كانت مكلفة بتوفير وحدات سكنية مسبقة الصنع لإيواء المهاجرين. إضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تكون هناك تكاليف أخرى تشمل استشارات وتخطيطًا وإدارة المنشآت.

العدد القياسي للمهاجرين في 2025

وفي الوقت الذي تتزايد فيه أعداد المهاجرين عبر القنال الإنجليزي، بلغ عدد الوافدين إلى المملكة المتحدة في عام 2025 أكثر من 25,000 مهاجر في وقت قياسي. فقد عبر 898 شخصًا القنال على متن 13 قاربًا يوم الأربعاء، ليصل إجمالي العابرين إلى 25,436 حتى الآن في 2025.

الإنفاق الحكومي على خطط اللجوء الأخرى

وتُشير حسابات وزارة الداخلية إلى أن الحكومة البريطانية أنفقت 290 مليون باوند على خطة ترحيل بعض طالبي اللجوء إلى رواندا، وهي خطة أطلقتها الحكومة السابقة. في الوقت نفسه، فإن عدد المهاجرين المقيمين في الفنادق في المملكة المتحدة قد تجاوز 30,000 شخص، وهو ما يكلف دافعي الضرائب أكثر من 5 ملايين باوند يوميًا.

رفض قرار إلغاء الخطط من قبل المعارضة

من جهته، انتقد وزير الداخلية في الظل كريس فيلب قرار إلغاء خطط استخدام قاعدة سكامبتون كمركز لجوء. وقال فيلب لصحيفة “ذا آي بيبر”: “من المخزي أن حزب العمال أضاع ملايين من أموال دافعي الضرائب بهذا القرار”. كما أضاف أن “أزمة القوارب الصغيرة خرجت عن السيطرة في ظل حكومة حزب العمال، وأن عام 2025 يعد الأسوأ على الإطلاق في هذا الصدد”.

تزايد التكاليف

وفي مايو، اعترفت وزارة الداخلية بأن تكلفة تحويل القاعدة إلى مركز لجوء ستكون أعلى بكثير من التقدير الأولي البالغ 5 ملايين باوند. وقال متحدّث باسم الوزارة: “أظهر تقييم أُجري في سبتمبر 2024 أن التكاليف قد ارتفعت بشكل كبير نتيجة القرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة، ولم تعد الخطة تحقق قيمة مقابل المال العام”.

وتُعبر منصة العرب في بريطانيا AUK عن قلقها البالغ إزاء الاستخدام غير المدروس للأموال العامة في المشاريع الحكومية المتعلقة باللجوء. إذ ترى المنصة أن السياسات الحكومية الحالية تفتقر إلى التخطيط الاستراتيجي الواضح، مما يؤدي إلى إهدار الأموال العامة دون تحقيق النتائج المرجوة. وتدعو المنصة إلى إعادة التفكير في استراتيجيات استقبال اللاجئين، بما يتماشى مع احتياجات البلد ومصالح المواطنين، مع مراعاة التاريخ الثقافي والأخلاقي للمواقع التي تُستخدم لمثل هذه الأغراض.

المصدر: inews

إقرأ أيضًا:

• تقرير يكشف تضاعف الهجمات الإلكترونية ضد المهاجرين بعد هجوم ساوثبورت
• الهجرة ليست عبئًا: كيف ينقذ المهاجرون الاقتصاد البريطاني؟
• الغارديان: وثيقة مسربة تكشف فشل خطة الحكومة البريطانية للحد من عبور قوارب المهاجرين