أوين جونز: من يكشف الفظائع في غزة إذا قُتل جميع الصحفيين؟
في ظل هذه الأحداث المأساوية في غزة، يطرح الصحفي البريطاني أوين جونز تساؤلًا مهمًا: من سيكشف النقاب عن هذه الفظائع في غزة إذا قُتل جميع الصحفيين؟ تتجلى المأساة في مقتل العديد من العاملين في وسائل الإعلام، وسط صمت مريب من المجتمع الصحفي العالمي.
وكتب جونز أن الأمم المتحدة وصفت الوضع في غزة بأنه “مقبرة لآلاف الأطفال”. ودمر الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 60 في المئة من المنازل والوحدات السكنية، ويعجز 70 في المئة من السكان المتأثرين نفسيًا عن الوصول إلى الماء النظيف، ويسلط الضوء على الحاجة الماسة للمساعدات الأساسية. وتبرز مجزرة الصحفيين كواحدة من أفظع هذه الكوارث.
ووفقاً للجنة حماية الصحفيين (CPJ)، يُعد هذا النزاع من أكثر الصراعات دموية بالنسبة للعاملين في الإعلام. خلال سبعة أسابيع فقط، استشهد ما لا يقل عن 57 شخصًا، بينهم 50 صحفيًا فلسطينيًّا وسبعة صحفيين أجانب، وأصيب 100صفحي. وتعد هذه الأرقام مروعة مقارنة بالعدد الإجمالي للوفيات من العاملين في وسائل الإعلام عالميًا في عام 2022، الذي بلغ 68 فقط.
من يكشف الفظائع في غزة إذا قُتل جميع الصحفيين؟
تتجلى الجرأة الفلسطينية حين منع الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين الأجانب من دخول غزة، فكان على الصحفيين الفلسطينيين تحمل مخاطر جمة لنقل ما يجرى على أرض الواقع. كما قالت منظمة “مراسلون بلا حدود”، إن دولة الاحتلال تفرض حصارًا كاملًا على غزة.
حيث أُسكتِ الصحفيين الفلسطينيين، الذين كانوا العيون الشاهدة على الحقيقة، واحدًا تلو الآخر. وفي ظل هذه الأوضاع، يُثار التساؤل عن غياب الإدانات الصريحة لهذه المجزرة الفظيعة. وفي إشارة للعنف المتصاعد، أوضح بنيامين نتنياهو موقفه العدائي تجاه الفلسطينيين، مستشهدًا بقصة عماليق من الكتاب المقدس، وهو ما يعكس بشكل مباشر العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وعلى صعيد آخر، شهدت غزة فقد عدد من الصحفيين وأفراد عائلاتهم، مثل محمد مؤين عياش وآلاء طاهر الحسنات ومحمد أبو حسيرة، الذين استشهدوا جميعًا في هجمات إسرائيلية. حتى وائل الدحدوح، رئيس مكتب الجزيرة في غزة، استشهدت عائلته في غارة جوية، لكنه عاد إلى العمل في اليوم التالي لتوثيق المجازر.
استهداف الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين في غزة
ولعل أشهر الأمثلة على استهداف الصحفيين هو استشهاد شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة، والتي قتلتها برصاصة في الرأس القوات الإسرائيلية. وأظهرت التحقيقات أن قتلها كان متعمدًا. وقد أبلغت السلطات الإسرائيلية وسائل الإعلام بأنها لا تستطيع ضمان سلامة الصحفيين، ما يعكس استهداف الصحفيين بشكل مباشر، ودمر الاحتلال الإسرائيلي 50 مكتبًا إعلاميًا، ما يُظهر التحديات الكبيرة التي يواجهها الإعلام في تغطية الحرب.
ومع استمرار العنف، يصعب إنكار أن الصحفيين يتعرضون للاستهداف المباشر. وفي ضوء هذه الأحداث، يُطرح السؤال مجددًا: أين التضامن الصحفي الجماعي؟ في حين إن مجموعات دعم الصحفيين الدوليين قد تحدثت، إلا أنها تفتقر إلى الظهور في الساحة الرئيسة. أين نشرات التلفزيون؟ وأين الصحفيون البارزون الذين ينادون بالتضامن والحماية؟
إن هذا المستوى الفظيع من الخسائر يُعد مؤشرًا على الطبيعة القاتلة للهجوم الإسرائيلي، حيث يُعتبر مقتل أكثر من 100 عامل إغاثة تابع للأمم المتحدة، والذي يمثل الأعلى في تاريخ الأمم المتحدة في حرب واحدة، دليلًا صارخًا على الطبيعة القاسية لهذه الحرب. بالإضافة إلى ذلك، وفقًا (للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة) فإن عدد الشهداء في غزة وصل إلى أكثر من (15,000) شهيد، بينهم أكثر من (6,150) طفلًا، وأكثر من (4,000) امرأة، حيث انتُشل عشرات الشهداء من تحت الأنقاض أو دُفنوا بعدما جُمعت جثامينهم من الشوارع أو استشهدوا متأثرين بجراحهم، و مازال (7,000) شخص مفقودًا إما تحت الأنقاض وإما مصيره مازال مجهولًا، بينهم أكثر من (4,700) طفلٍ وامرأة. وتدعي دولة الاحتلال أنها تستهدف مقاومي حماس فقط، ما يوضح الطابع العشوائي لهجماتها.
القلق المتزايد إزاء استهداف الصحفيين عمدًا
كما تُعبر المخاوف التي أثارتها منظمات دعم الصحفيين حول العالم، مثل الاتحاد الدولي للصحفيين ولجنة حماية الصحفيين، عن القلق المتزايد إزاء استهداف الصحفيين عمدًا. يُظهر هذا الوضع أهمية الدور الذي يلعبه الصحفيون في توثيق الحقائق ونقلها في مناطق النزاع، وكيف يمكن أن يُعرضهم للخطر.
وأخيرًا، يلفت جونز الانتباه إلى الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه الصحافة في تشكيل الرأي العام وكيف يمكن لإسكات الصحفيين في مناطق مثل غزة أن يُسهم في إخفاء الحقائق عن العالم.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇