هل يمكن للنباتات المنزلية تنقية الهواء في منزلك؟
بادرت معظم الدول المتقدمة حول العالم لتخصيص المزيد من المساحات الخضراء وإطلاق حملات التشجير لخفض نسبة الغازات السامة في الجو العام، لكن ماذا عن زراعة النباتات المنزلية؟، وهل تساهم النباتات فعلًا في تنقية الهواء ضمن الأماكن المغلقة؟!.
حلول توفيرية لتنقية الهواء ضمن المنزل
يسود الاعتقاد الشائع بأن الاعتماد على النباتات فقط ليس كافبًا لتنقية هواء المنزل خاصة أن معظم النباتات-باسثتناء أصناف معينة- تستهلك الأوكسجين وتطلق غاز ثنائي أوكسيد الكربون خلال ساعات الليل (عكس آلية التركيب الضوئي خلال النهار) .
لكن رغم، ذلك يعتقد العديد من العلماء أنّ الحل الأفضل والأكثر توفيرًا لتنقية هواء المنزل، هو وضع أوعية النباتات داخل المنزل، حيث تمتص أوراق النباتات ثنائي أوكسيد الكربون وغيره من العناصر الملوثة.
ولا بد من التركيز على أهمية دور الوسط والتربة التي تزرع فيها هذه النباتات عند التحدث عن وضع النباتات في المنزل، حيث تساهم التربة والأسمدة في امتصاص العناصر الملوثة أكثر من النبات نفسه.
وبحسب إحدى الدراسات التي أجرتها وكالة سانا عام 1989، فإن النباتات التي توضع داخل المنزل يمكن أن تساهم في امتصاص الفورم ألدهيد والمركبات العضوية الأخرى المتطايرة في الهواء.
تجدر الإشارة إلى أن نتائج هذه الدراسة قد لا تتوافق مع الظروف الواقعية لزراعة النباتات، فلتحقيق النتائج التي ذكرتها الدراسة لا بد من زراعة وسط نباتي أشبه ما يكون بغابة ضمن المنزل، لامتصاص المركبات العضوية المتطايرة بشكل فعال.
وفي هذا الصدد قالت تيجانا لانوسا عالمة النباتات في الجمعية الملكية للبستنة :” نحتاج إلى عدد كبير من النباتات المزروعة في مساحات معرضة لإضاءة جيدة من أجل إحداث تأثر ملموس في امتصاص المركبات العضوية الملوثة للهواء وغيرها من الغازات الأخرى”.
“وبالمثل فنحن نحتاج إلى أعداد كبيرة جدًا من النباتات لامتصاص نسبة كبيرة من ثنائي أوكسيد الكربون المنتشر ضمن المنزل”.
الملوثات الداخلية
يجهل العديد من الناس أهمية دور النباتات في تنقية الهواء داخل المنزل، في ظل وجود عدة انبعاثات ضارة من المواد المستخدمة في حياتنا اليومية.
على سبيل المثال، تعتبر مواد التنظيف سببًا أساسيًا للتلوث ضمن المدارس والمنازل، وعادًة ما تندرج ضمن الملوثات غير المرئية.
وفي هذا الصدد قالت آن هيكس أخصائية أمراض الرئة للأطفال بجامعة ألبرتا:” إن الروائح المنعشة للمنظفات عادًة ما تنتج عن المواد الكيميائية المنتشرة في الهواء”.
وأضافت هيكس :” ينتشر التلوث ضمن المنازل والأماكن الداخلية بشكل كبير للغاية، ولا يمكن معرفة حجم انتشاره الذي يتفاوت بين منزل وآخر”.
وعادًة ما تكون العناصر الملوثة داخل المنازل معقدة البنية، حيث تنتشر بشكل خارج عن السيطرة. على سبيل المثال، ينتج عن احتكاك إطارات السيارات بالإسفلت غاز ثنائي أوكسيد النتروجين، في حين تسبب الرطوبة ومشاكل البناء تكوّن العفن.
وعلى الرغم من دور أجهزة تنقية الهواء في خفض انتشار العناصر الملوثة، لكن تكلفة تشغيل هذه الأجهزة قد تكون مرتفعة للغاية بالنسبة لبعض الأسر في بريطانيا.
التوسع في زراعة النباتات
يرى العديد من الباحثين من بينهم تيجانا لانوسا أنه لا بد من الانتقال من زراعة النباتات في أوعية منفصلة إلى استراتيجية الجدران الخضراء، والتي يمكن عن طريقها زراعة المزيد من النباتات التي تعمل بشكل أكثر كفاءًة على تنقية الهواء من العناصر الملوثة، نظرًا لانتشار النباتات بشكل أكبر على الجدران.
وتؤكد لانوسا أن نمو النباتات عبر الجدران عادة ما يكون أكثر فعالية في تنقية الهواء، لأن جذور النباتات تكون مكشوفة بشكل أكبر، الأمر الذي قد يكون باهظ التكلفة، وقد يتطلب الصيانة بين الحين والآخر.
لذلك لا يزال العلماء يجرون المزيد من التجارب على النباتات، على سبيل المثال وضعت شركة كوندال للبناء في لندن، العديد من النباتات ضمن غرفة الاجتماعات عام 2015.
وكان الهدف من ذلك معرفة مدى تأثير النباتات على جودة الهواء الداخلي للغرفة، لكن كان من الصعب رعاية جميع النباتات، كما اتضح أن تأثير النباتات على جودة الهواء لم يكن بنفس فعالية أنظمة التهوية الميكانيكية وأنظمة تنقية الهواء.
تقدم مساعدة مدير شركة كوندال كافينا كوماري بعض النصائح حول قدرة النباتات على تنقية الهواء، حيث توصي كوماري بعدم زراعة النباتات التي تتطلب الكثير من العناية شرط أن تكون هذه النباتات قادرة على إنتاج الأوكسجين وامتصاص العناصر الملوثة، رغم اعترافها بأن هذه النباتات لن تحدث فرقًا كبيرًا.
و من ضمن النباتات التي نصحت كوماري بزراعتها نبات الأفعى، حيث يتميز هذا النبات بقدرته على إطلاق الأوكسجين وامتصاص غاز ثنائي أوكسيد الكربون ليلًا نهارًا، وليس فقط خلال النهار مثل بقية النباتات.
وأشارت كوماري إلى أن فتح النوافذ للسماح بتدفق تيارات الهواء الملوثة لخارج الأماكن المغلقة قد لا يشكل حلًا فعالًا في الأماكن ذات الكثافة العالية، حيث يمكن أن يؤدي فتح النوافذ إلى دخول العناصر الملوثة للبناء.
ويجري العلماء العديد من الأبحاث على جيل جديد من النباتات المهندسة بيولوجيًا لتنقية الهواء.
حيث أجرى باحثون في جامعة واشنطن تعديل وراثي على نبات البوثوس باستخدام نسخة اصطناعية من بروتين الكبد الأخضر الموجود لدى الأرانب، حيث يمكن لهذا البروتين معالجة بعض العناصر الملوثة مثل الكلوروفورم والبنزين.
النباتات المنزلية أم أجهزة تنقية الهواء؟
كما أجرت شركة (Neoplants) تعديلات على جينات نباتات البوثوس لتمكينها من إعادة تدوير بعض المركبات العضوية المتطايرة، وأنتجت الشركة بكتيريا مفيدة فعالة في تفكيك المركبات العضوية المتطايرة، وإيصالها إلى جذور النباتات. ويجري هذا الميكروبيوم عمليات تنقية الهواء أكثر من البنات نفسه.
لكن حتى لو نجحت شركة (Neoplants) في مضاعفة قدرة النباتات على تنقية الهواء لثلاثين ضعفًا فإنه لا يمكن الاعتماد على النباتات وحدها في عملية تنقية الهواء.
ويمكن القول أن فاعلية أجهزة تنقية الهواء تفوق ما يمكن أن تفعله النباتات في هذا الصدد.
لكن تمتلك النباتات فوائد أخرى يتعلق العديد منها بالحالة المزاجية والإبداع والإنتاجية. ولعل أحد البنود الأساسية المنصوص عليها في معايير البناء (WELL)، هو تغطية مساحة تعادل 1 في المئة من جدران المنزل بالنباتات.
ويندرج هذا البند ضمن معايير الصحة النفسية بدلًا من نظافة الهواء، ما يؤكد أهمية دور النباتات في تحسين الصحة النفسية.
المصدر: بي بي سي
اقرأ أيضًا:
بريطانيا: كيفية توفير المال على النباتات وأعمال البستنة في حديقتك
أخطاء كبرى في سقي النباتات أثناء ارتفاع درجات الحرارة
كيف نعتني بالنباتات الداخلية في الشتاء
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
خريجو AUK
17°C
