لم تطرح المملكة المتحدة حاليًا خططًا لإدخال التجنيد الإجباري، رغم تصاعد التحديات الأمنية في أوروبا والمطالبات المتزايدة بضرورة تعزيز القدرات الدفاعية. ومع ذلك، أشار وزير في الحكومة البريطانية إلى أن الواقع الجيوسياسي المتغير قد يستدعي اتخاذ قرارات مستقبلية لضمان الاستعداد العسكري، وفقًا لما أوردته “سكاي نيوز”.
دعوات أوروبية لإعادة التجنيد الإجباري
تجنيد حاخامات مؤيدين للصهيونية في الجامعات البريطانية للدفاع عن إسرائيل
في مقابلة مع “سكاي نيوز”، دعا الرئيس اللاتفي، إدغار رينكيفيتش، الدول الأوروبية إلى تبني سياسة التجنيد الإجباري، مؤكدًا أن القارة تعاني من “ضعف عسكري مفرط”، ما يستدعي خطوات حاسمة لتعزيز الدفاعات. وفي هذا السياق، طرح تريفور فيليبس، مقدم البرنامج، سؤالًا حول موقف المملكة المتحدة من إعادة التجنيد الإجباري، خاصة في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا.
ردًا على هذه التساؤلات، أوضح وزير مكتب مجلس الوزراء، بات مكفادين، أن الحكومة لا تفكر في التجنيد الإجباري حاليًا، لكنها أعلنت عن زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي. وأضاف: “من الضروري ألا تستمر المملكة المتحدة في الاعتماد على افتراضات قديمة، خاصة في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم”.
وأشار مكفادين إلى أن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أثار الجدل حول مساهمة الدول الأعضاء في “الناتو”، مشددًا على ضرورة أن ترفع أوروبا مستوى جاهزيتها الدفاعية. وأضاف: “هذا ليس موضوعًا جديدًا، لكنه الآن يُطرح بصوت أعلى وبقوة أكبر، ما يجعل من الضروري إعادة تقييم الأولويات الدفاعية”.
إعادة هيكلة الإنفاق الدفاعي
خبير أمني: البريطانيون قد يواجهون التجنيد الإلزامي في غضون 6 سنوات
وعد رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، برفع ميزانية الدفاع إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه لم يحدد موعدًا زمنيًا لتحقيق هذا الهدف. ومن المقرر أن تتضمن مراجعة الدفاع المقبلة، التي ستُنشر هذا الربيع، “خارطة طريق” لزيادة الإنفاق العسكري.
وفي هذا السياق، أوضح مكفادين أن “الواقع الجديد” قد يتطلب قرارات إضافية في المستقبل، مضيفًا: “لن يكون من المنطقي إنفاق الأموال اليوم على الأمور ذاتها التي كانت تُمول قبل عقد من الزمن. الحرب في أوكرانيا أظهرت التحولات السريعة في طبيعة المعارك، بما في ذلك الأمن السيبراني، الطائرات المسيّرة، والاستخبارات العسكرية”.
تاريخ التجنيد الإجباري في بريطانيا
شهدت المملكة المتحدة مرحلتين أساسيتين من التجنيد الإجباري في العصر الحديث.
الحرب العالمية الأولى (1916-1920): فرض قانون الخدمة العسكرية عام 1916 التجنيد الإجباري على الرجال العازبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و41 عامًا، قبل أن يشمل الرجال المتزوجين لاحقًا. استمر العمل بهذا النظام حتى عام 1920، لمواجهة التحديات الأمنية في أوروبا ومستعمرات الإمبراطورية البريطانية.
الحرب العالمية الثانية (1939-1960): في بداية الحرب العالمية الثانية، فُرض التجنيد الإجباري على جميع الرجال بين 18 و41 عامًا، كما شمل النساء غير المتزوجات والأرامل بين 20 و30 عامًا اعتبارًا من عام 1941. ورغم إنهاء التجنيد الإجباري عام 1960، واصل بعض الجنود الخدمة حتى عام 1963.
هل تعود بريطانيا إلى التجنيد الإجباري؟
رئيس الأركان يحذر من عودة التجنيد الإجباري في بريطانيا قريبا
في الانتخابات العامة الأخيرة، اقترح حزب المحافظين برنامجًا جديدًا للخدمة الوطنية الإلزامية لمن يبلغون 18 عامًا، لكن الخطة لم تتطور إلى تشريع رسمي. وعند سؤاله عن إمكانية إعادة إحياء هذه الفكرة، تجنب وزير الداخلية في حكومة الظل، كريس فيلب، تأكيد التزام حزبه بالمقترح السابق، مكتفيًا بالقول: “سندرس المسألة في الوقت المناسب”.
من جانبه، دعا القائد السابق لحلف “الناتو” في بريطانيا، الجنرال السير ريتشارد شيريف، إلى “التفكير في الأمر غير المتوقع”، مشددًا على ضرورة تجاوز العقبات الثقافية والافتراضات السابقة، ودراسة إدخال التجنيد الإجباري كخيار مطروح لمواجهة التحديات الأمنية المستجدة.
في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة، يبقى التساؤل مفتوحًا: هل ستضطر بريطانيا في نهاية المطاف إلى إعادة التجنيد الإجباري كجزء من استراتيجيتها الدفاعية، أم أنها ستكتفي بتعزيز الإنفاق العسكري وتحسين تقنيات القتال الحديثة؟