دراسة: نواب بريطانيون يتلقون 20 مليون باوند من منظمات خارجية منذ عام 2019

تلقى نواب بريطانيون أكثر من 20 مليون باوند من منظمات خارجية منذ عام 2020، وكانت اللوبيات/جماعات الضغط من أكثر المسهمين في تمويل جماعة (APPGs) البرلمانية في بريطانيا.
وتعمل جماعات الضغط على تقديم المشورة للأحزاب بشأن سياسات الحكومة والمشرعين مقابل مبالغ مالية.
وتُعَد (APPGs) جماعة غير رسمية مؤلفة من عدد من النواب الذين يعملون على تسهيل عمل الأحزاب بخصوص بعض القضايا الحكومية.
نواب بريطانيون يثيرون الشكوك بسبب تمويل اللوبيات من جهات أجنبية

وفي هذا السياق قال رئيس إحدى الهيئات الأخلاقية في مجلس العموم البريطاني: إن تقاضي بعض نواب البرلمان مبالغ مالية من جماعات الضغط هذه يشكل فضيحة أخلاقية كبيرة!
وتتلقى اللوبيات تمويلًا من جهات خارجية مدرجة في سجل البرلمان البريطاني من أجل إدارة جماعة (APPGs) غير الرسمية.
وقال عضو اللجنة الأخلاقية للبرلمان اللورد بيكلز: إن تلقي اللوبيات البرلمانية أموالًا من جهات خارجية لإدارة عمل إحدى مجموعات البرلمان غير الرسمية يُعَد فضيحة كبرى، ولا بد من اتخاذ إجراءات حاسمة قبل أن يتخذ الموضوع أبعادًا أخرى”.
“كيف لنا أن نضمن أن أعضاء البرلمان يستمعون إلى هموم الشعب ويوصلون أصواتهم، في حين يحصلون على الأموال لتطبيق أجندات اللوبيات في البرلمان البريطاني؟!”.
“يمكننا القول: إن الجماعات الحزبية في البرلمان لا تمثل خطرًا كبيرًا بوجه عام؛ لأن من يؤسسها هم بعض أعضاء البرلمان الذين لديهم مصالح مشتركة”.
“لكن بعض هذه الجماعات الحزبية أصبحت تديرها لوبيات ومنظمات لديها أجندات سياسية تحاول تطبيقها في البرلمان، ولا تُظهِر هذه الجماعات ما يكفي من الشفافية بخصوص أجنداتها السياسية”.
ودافع بعض اللوبيات عن جماعة (APPGs) باعتبارها ذات نيات حسنة وجماعة تسهم في العملية الديمقراطية، في حين قال نواب آخرون لقناة سكاي نيوز: إن هذه الجماعة تحاول تطبيق أجندات تثير الريبة، وأشار آخرون إلى أنها مجرد أقلية في البرلمان تمولها منظمات؛ للتأثير على قرارات البرلمان بشكل سلبي.
جماعة APPGs البرلمانية تثير ريبة السلطات البريطانية

ويندرج تحت جماعة (APPGs) 746 مجموعة نشطة في مجالات مختلفة، مثل: المجالات البنكية وتغير المناخ والمنظمات المرتبطة بالصين، وقد تضاعف عدد أعضاء المجموعة منذ عام 2015، وأصبح عدهم يفوق عدد نواب البرلمان!
وقد فرضت السلطات البريطانية مزيدًا من الرقابة على جماعة (APPGs) بعد أن كشف جهاز الاستخبارات البريطاني في كانون الثاني/يناير الماضي، أن سيدة الأعمال كريستين لي كانت عميلة للحكومة الصينية، وأنها مولت الأجندات السياسية لجماعة (APPGs) عبر التبرعات التي جمعتها في الصين.
ويستغل بعض النواب عضويتهم في هذه المنظمة لتبرير سفرهم إلى الخارج على حساب بعض الحكومات الأجنبية.
على سبيل المثال: تلقى أعضاء البرلمان 222.308 باوندات من وزارة الخارجية القطرية منذ الانتخابات الأخيرة، وتضمن المبلغ تكاليف رحلات طيران النواب وإقامتهم في الفنادق، إضافة إلى تكاليف استقبال الشخصيات القادمة إلى بريطانيا لزيارة جماعة (APPGs).
وعلى الرغم من الاهتمام الذي يحظى به الجناح المسؤول عن العلاقات مع الدول الأجنبية ضمن جماعة (APPGs) والذي أثار قلق السلطات البريطانية، فإن الجناح الذي يتدخل في سياسات البرلمان يُشكِّل الغالبية العظمى من أعضاء الجماعة.
وقد نشرت لجنة المعايير تقريرًا دعا الحكومة البريطانية إلى إعادة النظر في البنية التنظيمية لجماعة (APPG)، وحذر التقرير من أن تصبح الجماعة واجهة سياسية لـ”كيانات خارجية”.
وخلص التقرير إلى أن جماعات الضغط في البرلمان مهمة للغاية، وأنها جزء من العملية الديمقراطية، ولا بد من وجودها؛ للفت انتباه النواب والوزراء إلى مصالح مختلف الشرائح والمنظمات في المجتمع، لكن التقرير حذر من أن جماعة (APPGs) لا تخضع إلى أي إجراءات أمنية.
ووافقت الحكومة على ما ورد في التقرير، وأشارت إلى أن البنية التنظيمية غير الرسمية للمنظمة تجعل سياستها وتأثيرها السياسي مثيرًا للشبهات، ورحبت الحكومة باقتراح اللجنة الذي ينص على فرض إجراءات رقابية قبل الموافقة على إعادة تنظيم جماعة (APPGs).
وعلى الرغم من عقد جماعة (APPGs) اجتماعاتها في قاعات البرلمان البريطاني واستخدامها شعار البرلمان، فإنها لا تتلقى أي دعم مالي من البرلمان، ولكنها تحصل على الدعم المالي من المنظمات الخارجية، مثل: الشركات الخاصة والمؤسسات الأكاديمية والجمعيات الخيرية.
وتستفيد جماعة (APPGs) من التبرعات النقدية، لكن معظم المساعدات التي تحصل عليها ليست مادية، وإنما على شكل خدمات، مثل توفير هيكل تنظيمي للعمليات الإدارية إلى جانب الأنشطة والرحلات وإعداد التقارير.
اللوبيات المسجلة في البرلمان البريطاني

يُظهر تقرير سكاي نيوز أن عشر جهات من أصل عشرين جهة تمولها جماعة (APPGs) هي من اللوبيات المسجلة في البرلمان، وأنها قدمت للمجموعة البرلمانية خدمات تقدر بملايين الباوندات.
ووفقًا لمكتب تسجيل جماعات الضغط، يمكن لجماعات الضغط التسجيل في البرلمان البريطاني؛ لممارسة نشاطاتها إذا كانت في سجل ضريبة القيمة المضافة، ولا بد أن تتواصل جماعات الضغط مع وزير التاج البريطاني دومًا عبر الاتصالات الشفوية أو المكتوبة أو الإلكترونية؛ لتمثيل المنظمات التي تدفع لها مقابل اقتراحها لسن قوانين جديدة أو تعديل تشريعات قانون في البرلمان البريطاني.
وتوفر شركة (Policy Connect) أكبر دعم لجماعة (APPGs) البرلمانية، ويدير اللوبي الخاص بالشركة الملفات الأساسية للجماعة، مثل: ملف تغير المناخ وتخفيض انبعاثات الكربون، إضافة إلى إدارة القسم المسؤول عن الابتكار في الجماعة.
هذا وتصف الشركة نفسها بأنها مؤسسة فكرية داعمة للناشط الحزبي وذات طابع اجتماعي غير ربحي، وقد أدرجت ضمن اللوبيات المسجلة في البرلمان البريطاني منذ عام 2017، وأعلنت أنها تمثل أكثر من 440 جهة سياسية في ذلك الوقت، ويشمل ذلك: الهيئات التجارية والصناعية والجمعيات الخيرية والمؤسسات التعليمية والهيئات المحلية والشركات الخاصة.
على سبيل المثال: قالت جماعة (Policy Connect): إنها أدارت ملفات (APPGs) المتعلقة بالصناعة بعد أن تلقت تمويلًا من مجموعات تجارية، مثل: (Make Uk) ورابطة معامل (British Aersol) ومعهد الهندسة والتكنولوجيا، ومؤسسات تعليمية مثل جامعة بريستول، وشركات خاصة مثل: (BAE Systems) و(Tata Steel) و(Cummins) و(Deloitte).
ونشرت جماعة (Policy Connect) على موقعها الإلكتروني أسماء المنظمات التي دفعت أموالًا طائلة لتطبيق أجنداتها عبر جماعات برلمانية معينة، وصنفت جماعة (Policy connect) الجهات التي مولتها بحسَب حجم التمويل، وتراوحت المبالغ بين 5000 و70 ألف باوند.
ودافع لوبي (Connect) عن البرامج التي يطرحها في البرلمان خلال جلسة الاستماع التي عُقِدت أمام لجنة المعايير، بعد أن اشتكى أعضاء في البرلمان من أن لوبي (policy Connect) يتقاضى مبالغ مالية كبرى من الشركات والمنظمات؛ ليُسمَح له بالمشاركة في تمرير أجندات جماعة (APPGs).
وصرحت المديرة التنفيذية للوبي (Policy Connect) لشبكة سكاي نيوز بأن جماعة الضغط الخاصة بها تتولى إدارة الوظائف الإدارية لنواب البرلمان؛ حتى يتمكنوا من التركيز على القضايا الجوهرية، وأشارت إلى أن الأموال التي تدفعها الشركات لا علاقة لها بتدخل الشركات في أجندات جماعة (APPGs) البرلمانية”.
وأضافت: “إن المبالغ الكبيرة التي نحصل عليها من منظمات مختلفة تعكس حجم التنوع في عدد الجهات التي تدعمنا، ولا سيما أن كثيرًا من المنظمات تقدم الدعم لجماعتنا البرلمانية في مجالات متنوعة وعلى مستويات مختلفة، كما أننا نقدم استشارات إدارية للنواب من أعضاء جماعة (APPGs) في على المستويات كافة”.
“إن مستوى التمويل الذي نحصل عليه لا يعني أننا نُفضِّل الحصول على التمويل من جهة دون أخرى، كما أن ترتيب الأجندات المقدمة في البرلمان يقع على عاتق أعضاء البرلمان من جماعة (APPGs)”.
ويقدم لوبي (Connect Communication) دعمًا واستشارات إدارية للأمناء العامين لمجموعة (APPGs) البرلمانية، وقد توالى على إدارتها 17 أمانة عامة، دعمتها شركة (Connect Communication) بتمويل من عدة شركات أُدرِجت أسماؤها في سجل جماعة (APPGs) البرلمانية.
وأشار اللوبي الاستشاري (Connect Communication) إلى أنه ركز على أجندات مجموعة (APPGs) البرلمانية، ومنها: نظافة المياه ورعاية الأطفال والمهارات الرقمية والهيدروجين والتدريب المهني.
وأعلن لوبي (Connect Communication) الاستشاري عن خبرته في هذا المجال، حيث نظَّم دورات للجهات الممولة بشأن كيفية تطبيق أجندات جماعة (APPGs) البرلمانية، وكيفية اختيار النواب المناسبين لتمثيل المجموعة في البرلمان، إضافة إلى تأمين التغطية الإعلامية لمجموعة (APPGs) البرلمانية.
ونشر أحد المواقع على الإنترنت عن الدورة التدريبية التي نظمها لوبي (Connection) عام 2016: “يتمتع لوبي (Connect) بمستوى لا مثيل له في تطبيق الأجندات وتشكيل السياسات، وقد ثبت ذلك بعد نجاحه الكبير في زيادة فعالية جماعة (APPGs) البرلمانية. ندعو المنظمات إلى تحقيق مزيد من المكاسب بالانضمام إلى جماعة (APPGs) البرلمانية”.
وقال المتحدث باسم لوبي شركة (Connect): “نؤكد أن الجماعات البرلمانية التي نمثلها تعمل بكل شفافية وانفتاح، وتراعي القواعد الصارمة التي فرضتها السلطات البرلمانية. وحَرِيٌّ بنا أن نذكر أن أعضاء البرلمان حددوا أجندات جماعة (APPGs)، ولا بد من الموافقة على جميع أنشطتها ولا سيما تلك المدعومة من المنظمات الخارجية”.
وأضاف المتحدث: “إن النشاط الذي مارسه لوبي (Connect) بخصوص جماعة (APPGs) البرلمانية يتعلق بنشاطات شكلية، مثل إرسال دعوات لبعض الوزراء لحضور حدث معين، وهي مجرد إجراءات شكلية لا تتعلق بفرض أجندة سياسية، كما أن لوبي (Connect) يعمل على تدريب أعضاء جماعة (APPGs) البرلمانية على ممارسة النشاط البرلماني، بما يتفق مع القواعد الصارمة التي وضعتها السلطات البرلمانية، ويشمل ذلك الحرص على انضمام النواب من مختلف الأحزاب إلى جماعة (APPGs)”.
ويعمل كل من لوبي (policy Connect) و(Connect Communication) على إدارة بعض الملفات الخاصة بجماعة (APPGs) البرلمانية، ويعتمدان على الدعم المادي المقدم من منظمات مختلفة ومتنوعة، لكن هذا لا يعني أن جميع ملفات جماعة (APPGs) تدار بالطريقة ذاتها.
على سبيل المثال: يدير لوبي (Wychwood) الاستشاري العديد من ملفات جماعة (APPGs) البرلمانية، علمًا أنه يتلقى تمويلًا من جهات فردية، ويدير هذا اللوبي سياسات البنك المركزي الخاصة بجماعة (APPGs) البرلمانية بتمويل من شركة (Portdex)، وهي شركة اقتصادية رقمية تستخدم تقنيات (BlockChain).
كما يدير اللوبي ذاته شركة الهُوِية الرقمية التابعة لجماعة (APPGs) بتمويل من شركة (Yogi)، وهي شركة خاصة بالتحقق من الهُوِية، كما أدار نفس اللوبي شركة (Bosoms in A Pandemcic World) التابعة لجماعة (APPGs) البرلمانية بتمويل من شركة (Cingpost)، وهي شركة خاصة بتشخيص أعراض كورونا.
وعلى الرغم من أن لوبي (Wychwood Consulting) وجماعة (APPGs) لم ينتهكا القواعد البرلمانية، فإن ذلك أثار مخاوف كثيرين؛ لأن تمويل بعض الملفات يقدم من جهة واحدة فقط.
وبهذا الصدد قال رئيس مجموعة الشؤون العامة في جمعية العلاقات العامة والاتصالات: “إن المشكلة هي أن بعض المنظمات قد تدعم ملفات معينة دون أخرى عن طريق جماعة (APPGs) البرلمانية، وهذا يتناقض مع الهدف من تشكيلها”.
“إن الغرض من تأسيس جماعة (APPGs) البرلمانية هو إبلاغ نواب البرلمان بضرورة التركيز على القضايا التي تهم شريحة واسعة من الناس، بدلًا من التركيز على قضية وحيدة دون غيرها؛ فهو لا يدعم معايير الديمقراطية والشفافية”.
اقرأ أيضاً :
نواب بريطانيون يخططون لزيارة تايوان.. والسفير الصيني يحذر! (americachip.com)
نواب محافظون يدعمون عودة جونسون لقيادة بريطانيا بعد انقلابهم عليه
متبرع محافظ: ستُتهم بريطانيا بالعنصرية إذا خسر ريشي سوناك سباق رئاسة الوزراء
الرابط المختصر هنا ⬇