مهرجان “الهجرة مهمة” يختتم فعالياته في شيفيلد برسائل أمل وتضامن

مع تضييق الحكومة البريطانية الخناق على حقوق الاحتجاج، وتصاعد حدة الخطاب حول الهجرة بين مختلف الأطياف السياسية، قدّمت مدينة شيفيلد مشهدًا مغايرًا الأسبوع الماضي في مهرجان “الهجرة مهمة”، احتفاءً بالتعدد والاندماج والتضامن.
مهرجان “الهجرة مهمة”، الذي يُعد أكبر احتفال بأسبوع اللاجئين في بريطانيا، اختتم نسخته العاشرة هذا العام ليؤكد مكانته ليس فقط كفعالية فنية، بل كحركة ثقافية واجتماعية تشق طريقها وسط مناخ سياسي خانق.
مهرجان ينمو من رحم المعاناة
انطلقت أولى دورات المهرجان عام 2016 ردًا على أزمة اللاجئين السوريين، وتصاعد المشاعر المعادية للمهاجرين بعد استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لكنه تطور اليوم إلى مؤسسة مجتمعية حيّة، يديرها فريق صغير يضم 11 موظفًا و52 متطوعًا، معظمهم من اللاجئين وطالبي اللجوء.
وفي عام 2025، توسع نطاق المهرجان ليشمل أكثر من 60 فعالية في 25 موقعًا، تضم حفلات موسيقية، أمسيات شعرية، معارض فنية، وأنشطة مجتمعية، أبرزها فعالية “Potluck & Poetry” التي مزجت الشعر بالمشاركة المجتمعية والطعام من مختلف الثقافات.
الهجرة ليست أزمة… بل طاقة متجددة
لم يعد المهرجان مقتصرًا على قضايا اللجوء فحسب، بل أصبح احتفاءً بمساهمات جميع المهاجرين في بريطانيا، من جيل ويندراش إلى العائلات الأوكرانية، ومن متاجر اليمنيين إلى تجارب اللاجئين الليبيين.
ومن بين الأصوات التي سطع نجمها هذا العام، أيمن قريبة، طالب لجوء ليبي تطوع في المهرجان بعد وصوله إلى بريطانيا خالي الوفاض. يقول أيمن: “في مهرجان الهجرة مهمة، وجدتُ المجتمع وشعرت بالانتماء، شعرتُ أن لي مكانًا يمكنني أن أكون فيه نفسي”.
مقاومة ناعمة في وجه خطاب التشدد
رغم الأجواء الاحتفالية، لا يخلو المهرجان من أبعاد سياسية. ففي عام وصف فيه رئيس الوزراء نفسه البلاد بأنها “جزيرة للغرباء”، يُعد استمرار مثل هذه الفعاليات تحديًا ضمنيًا لسياسات الإقصاء.
الكاتبة البريطانية الباكستانية ناريمان شافي قالت: “نشعر وكأننا نخسر مواقعنا في هذا البلد، لكن المهرجان يثبت أن هناك من لا يزال يقاوم بالكلمة والثقافة، لا بالكراهية”.
وتتباين الصورة في محيط شيفيلد، فبينما تتمسّك المدينة بهويتها كـ”مدينة الملاذ”، تسجل مناطق مجاورة مثل روثرهام حوادث متزايدة من الاعتداءات العنصرية، بينها حادثة إطلاق جرذان أمام مسجد، وظهور تمثيل سياسي لأول مرة لحزب “الإصلاح” في مجلس المدينة.
مهرجان العرب أيضًا
شارك في فعاليات المهرجان هذا العام عدد من أبناء الجاليات العربية في بريطانيا، خاصة من ليبيا، اليمن، وسوريا، الذين وجدوا فيه مساحة للتعبير عن الذات.
ولم يكن الأمر بالنسبة لهم مجرد فعالية ثقافية، بل منصة لإثبات الحضور، وتأكيد أن المهاجرون لا يلعبون دورًا هامشيًا، بل إنهم جزء لا يتجزأ من النسيج البريطاني المتنوع.
رأي منصة العرب في بريطانيا (AUK)
ترى منصة “العرب في بريطانيا” أن مهرجان “الهجرة مهمة” يُمثل نموذجًا ملهمًا للتكامل الاجتماعي من القاعدة إلى القمة، حيث تتحول الثقافة إلى أداة ناعمة للمقاومة وبناء الجسور بين المجتمعات.
وفي وقت تتراجع فيه حقوق اللاجئين والمهاجرين، وتُشوَّه فيه صورة المهاجر في الإعلام والسياسة، تُشكّل مثل هذه الفعاليات مساحة آمنة وضرورية لسرد القصص الحقيقية، وتعزيز الوعي المجتمعي بقيمة التنوع. وتدعو المنصة إلى دعم وتكرار مثل هذه المبادرات في مدن بريطانية أخرى، وتخصيص دعم مؤسسي لها، بما يرسّخ رؤية بديلة للهجرة باعتبارها ثروة مجتمعية وليست عبئًا سياسيا.
المصدر: The Tribune
اقرأ أيضًا:
- صفية سعيد.. أول عمدة مسلمة من أصول صومالية في مدينة شيفيلد
- المغرب يطلق برنامجا صيفيا لأطفال المهجر في 2025
- كيف أثرت التغييرات في قانون الجنسية على حياة اللاجئين في بريطانيا؟
الرابط المختصر هنا ⬇