1447 صفر 5 | 31 يوليو 2025
أعلنت الحكومة البريطانية فرض عقوبات صارمة على 24 من كبار مهربي البشر، بينهم شخصيات تنتمي إلى جنسيات مختلفة، منها الألبانية والعراقية، وذلك في إطار جهود المملكة المتحدة لتفكيك الشبكات الإجرامية التي تنشط في تهريب المهاجرين غير النظاميين عبر القنال الإنجليزي.
ونشرت وزارة الخارجية البريطانية، يوم الأربعاء، قائمة بأسماء الأفراد الذين شملتهم العقوبات الجديدة، والتي تتضمن تجميد أصولهم في بريطانيا ومنعهم من دخول البلاد، في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها على مستوى العالم، وتُنفّذ بموجب نظام “العقوبات العالمية للهجرة غير النظامية” الذي أطلقته لندن حديثًا.
ومن أبرز الأسماء المدرجة في القائمة، بليدار لالا، وهو زعيم عصابة ألباني يدير شبكة تهريب نشطة بين بلجيكا وبريطانيا، تنقل المهاجرين سرًا من الأراضي البلجيكية عبر القنال الإنجليزي إلى السواحل البريطانية. ويُعد لالا من أبرز منسّقي عمليات التهريب المنظمة نحو المملكة المتحدة.
كما ورد في القائمة اسم ألين بيسيل، مترجم شرطة سابق في صربيا، تحوّل لاحقًا إلى قيادة شبكة تهريب كبيرة مدعومة من عناصر أمن فاسدة، قامت بابتزاز اللاجئين والمهاجرين وترويعهم. وكشفت التحقيقات أنه يمتلك منزلًا فخمًا في صربيا تتجاوز قيمته مليون يورو، تم شراؤه بأموال حصل عليها من عمليات الابتزاز.
وشملت العقوبات أيضًا عددًا من الشخصيات ذات الأصول العربية، من بينهم محمد خضير بيروت، وهو مصرفي يعمل بنظام “الحوالة” وينشط في تحويل الأموال من المهاجرين إلى شبكات التهريب، خصوصًا من إقليم كردستان العراق عبر تركيا إلى أوروبا. وتُعد آلية الحوالة من الوسائل السرية التي يستخدمها المهربون لتفادي الرقابة المصرفية، حيث تُنقل الأموال بين الوسطاء في دول متعددة دون الحاجة إلى تحويلات بنكية رسمية.
كما أُدرج اسم مريوان جمال، الذي يتولى تنسيق المدفوعات للمهربين عبر شبكات الحوالة، إلى جانب هيمين علي صالح، المتهم بتهريب المهاجرين إلى بريطانيا داخل شاحنات النقل.
ومن بين الأسماء البارزة أيضًا، غوران أسعد جلال، الذي ورد اسمه ضمن شبكة إجرامية استخدمت شاحنات مبردة لعبور المهاجرين من فرنسا إلى بريطانيا، وتمكنت الشبكة من تنفيذ ما لا يقل عن عشر عمليات تهريب خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2019.
وفي صربيا، برز اسم محمد تتواني، الملقب بـ”ملك هورغوش”، والذي استخدم العنف المفرط لإدارة مخيم للمهاجرين، ويقود عصابة معروفة بتعاملها القاسي مع اللاجئين الذين يرفضون دفع الإتاوات أو يعجزون عن سداد كلفة التهريب.
ولم تقتصر العقوبات على الأفراد فقط، بل امتدت لتشمل كيانات يُعتقد أنها تسهم بشكل غير مباشر في دعم عمليات التهريب. ومن بين هذه الكيانات، شركة صينية تُدعى (Weihai Yamar Outdoors Product Co)، ثبت أنها روّجت لقوارب مطاطية عبر منصات إلكترونية لاستخدامها في تهريب المهاجرين عبر القنال الإنجليزي.
من جانبه، قال غرايم بيغار، مدير الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة (NCA): “نستخدم كل الوسائل المتاحة لتعطيل وتفكيك الشبكات الإجرامية التي تستغل المهاجرين، وهذه العقوبات توفّر أداة جديدة فعالة في معركتنا ضد الجريمة المنظمة، وهي ثمرة تعاون وثيق مع وزارة الخارجية وشركاء دوليين”.
وأشار بيغار إلى أن الهدف من العقوبات هو شل قدرة المهربين على العمل، وتجفيف منابع تمويلهم، إلى جانب فضحهم وجعلهم أهدافًا واضحة لأجهزة إنفاذ القانون.
ويُقدّر أن الجرائم المرتبطة بالهجرة غير النظامية تدر نحو 10 مليارات باوند سنويًا على مستوى العالم. وفي عام 2023 فقط، تمكّن مهرب واحد من غسل أكثر من 70 مليون باوند من أرباح عمليات التهريب في بريطانيا.
ووفقًا لبيانات رسمية، تجاوز عدد المهاجرين الذين عبروا القنال الإنجليزي منذ بداية العام الجاري 23,500 مهاجر، بزيادة تفوق 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يجعلها أعلى حصيلة مسجلة خلال النصف الأول من السنة منذ بدء هذه الرحلات في عام 2018.
ترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن العقوبات البريطانية الأخيرة تمثل خطوة جريئة ومهمة في مواجهة شبكات تهريب المهاجرين التي لا تميز بين جنسية أو خلفية، وتستغل معاناة الباحثين عن الأمان والفرص.
وتشدد المنصة على أهمية التوازن بين مكافحة الجريمة المنظمة واحترام حقوق المهاجرين واللاجئين، وتدعو إلى تبنّي حلول شاملة تعالج جذور الهجرة غير النظامية بدلًا من الاكتفاء بالحلول الأمنية وحدها.
كما تدعو المجتمع العربي في بريطانيا إلى التعاون مع السلطات والإعلام المسؤول لكشف هذه الشبكات ومكافحة خطاب التهوين أو التبرير لمثل هذه الجرائم.
المصدر: التلغراف
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
17°C 
