مراسلة سكاي نيوز تعود إلى منزلها المدمر في السودان بعد عامين من الحرب

في مشهد يخفي في طياته مشاعر الألم والحسرة، عادت مراسلة “سكاي نيوز” البريطانية من أصل سوداني يسرى الباقر إلى حي طفولتها ومرتع صباها في العاصمة السودانية الخرطوم، لتجد منزل عائلتها وقد تحوّل إلى هيكل مهجور نخرته الحرب والنهب. المنزل، الذي كان يومًا رمزًا للدفء والذكريات، لم يَعُد سوى قوقعة خاوية تحكي فصولًا من الخراب الذي حلّ بالمدينة الكبرى في إقليم الساحل الإفريقي.
مدينة منكوبة بعد عامين من الحرب
وفي تقرير لها نُشر على موقع سكاي نيوز قالت الباقر: “منذ اندلاع الصراع الدموي في إبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على السلطة، تحولت الخرطوم إلى ساحة حرب طاحنة دفع ثمنها المدنيون. وخلال عامين من القتال، قُتل ما لا يقل عن 61 ألف شخص في الخرطوم وحدها، في حين اضطر ملايين السكان للنزوح، بينهم عائلتي، التي تركت منزلها ظنًّا أن الغياب سيكون قصير الأمد”.
وأضافت: “استولت قوات الدعم السريع على المدينة سريعًا، قبل أن تنسحب لاحقًا في قوافل محمّلة بما نهبته من منازل ومؤسسات، مع تقدم الجيش نحو استعادة السيطرة. وعند عودة الأهالي، وجدوا أحياءهم وقد باتت مساحات ميتة تملؤها المباني المحترقة والمحال المنهوبة، أما ملامح الحياة التي عرفوها يومًا فقد اختفت”.
وتابعت يسرى قائلة: إن “العودة إلى المنزل أشبه برحلة في أرض أشباح. الشوارع خالية، والأشجار ماتت واجتُثَّت، وأعمدة الإنارة جُرّدت من أسلاكها. المنازل إما مدمرة وإما منهوبة، وبعضها نجا بأعجوبة من القصف والرصاص. الجميع في الخرطوم يعود ليواجه حقيقة احتراق منزله أو دماره أو تحوله إلى هدف للرصاص”.
وأشارت إلى أن منزل عائلتها بدا من الخارج سليمًا نسبيًّا، لكن شقوقًا في الجدران تدلّ على تعرّضه لهزة عنيفة، ربما بسبب قصف جوي. أما في الداخل، فالصورة كانت أكثر إيلامًا: أثاث مسروق، ومطبخ منزوع بالكامل، وأسلاك كهرباء مقطعة، وجدران كُتبت عليها أسماء جنود الدعم السريع.
بقايا الذكريات: ما لم تسرقه الحرب في السودان
ووسط كل ذلك، بقيت بضع قطع نجت من السرقة: ألبوم صور عمره عقدان، وشهادة تخرّج جامعية، وكرسي هزّاز اعتادت والدتها أن تضعها عليه، وكتب قديمة، ولوحة فوق سريرها أُهديت إليها في عيد ميلادها الرابع والعشرين، لا تزال موقّعة بخط أفراد أسرتها. آثار الغبار والدمار واضحة عليها، لكنها تمثل بقايا حياة لا تزال تحاول الصمود.
واختتمت يسرى تقريرها برسالة أمل، حيث قالت: “ما بقي في قلوبنا لا يمكن أن يُنهَب. روح البيوت السودانية -بما تحمله من دفء وكرم وترابط- ستظلّ أقوى من نيران الحرب، والمجتمع الذي اعتاد أن يجتمع في هذه الغرف على الفرح والحزن والطعام، لا يزال حيًّا، ولو تحت الركام”!
المصدر: سكاي نيوز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇