مدينة بريطانية تواجه أكبر زيادة في ضريبة المجلس بنسبة “جنونية”

تشهد مدينة فالكيرك الاسكتلندية حالة من الصدمة والاستياء مع استعداد السكان لمواجهة أكبر زيادة في ضريبة المجلس في تاريخ بريطانيا، والتي ستصل إلى 15.6% الشهر المقبل.
هذه الزيادة “الجنونية”، كما يصفها العديد من الأهالي، تأتي في وقت تعاني فيه الأسر من أزمة مالية خانقة، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الخدمات المحلية وتمويل المجالس البلدية في جميع أنحاء البلاد.
سكان تحت الضغط: “لا أعرف من أين سأحصل على المال”
في أحد شوارع فالكيرك، وخلال جولة ميدانية، التقت “سكاي نيوز” بالسيدة كاثرين موشار، وهي متقاعدة تبلغ من العمر 70 عامًا، حيث لم تكن تعلم بعد بزيادة الضريبة حتى أُبلغت بها خلال الحديث.
صُدمت من الأخبار، ولم تستطع إخفاء دموعها، قائلة بصوت مرتجف: “إنه أمر سخيف تمامًا… لا أعرف من أين سأحصل على المال.”
وتعتني السيدة موشار بشقيقتها المسنة، لكنها تؤكد أن حزمة الرعاية الخاصة بأختها قد أُلغيت لأن السلطات قررت أنها قادرة على تدبير أمورها بنفسها.
رغم وضعها الصعب، فهي ليست مؤهلة لأي إعفاء من ضريبة المجلس، الأمر الذي يجعلها في مأزق حقيقي بشأن كيفية تدبير هذا الارتفاع المفاجئ في نفقاتها.
“ندفع أكثر ونحصل على أقل”
عند الانتقال إلى أحد المنازل المجاورة، التقت “سكاي نيوز” بعائلة أخرى تشعر بالإحباط من الوضع المتفاقم.
كلير هاميلتون وويليام ريد، اللذان لديهما طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، يواجهان ضغوطًا مالية شديدة لدرجة أنهما يعتمدان بشكل منتظم على بنك الطعام المحلي لتغطية احتياجاتهما الأساسية.
تقول كلير: “سنضطر إلى الاختيار بين تدفئة المنزل أو دفع ضريبة المجلس. أو ربما شراء الطعام ودفع الضريبة.”
وأضافت بغضب: “الزيادة كبيرة جدًا، ومع ذلك لا نحصل على أي شيء إضافي في المقابل. خدمات جمع القمامة أصبحت أقل، والفترات بينها أطول وأطول.”
وأوضحت: “نحن نحاول تقديم أفضل ما لدينا لطفلنا، لكنه بالطبع لا يدرك الضغوط التي نواجهها في الخلفية.”
لماذا ارتفعت الضريبة بهذا الشكل؟
على مدار العقدين الماضيين، كانت ضريبة المجلس في اسكتلندا إما مجمدة أو محدودة بحد معين، لكن في هذا العام، منحت الحكومة الاسكتلندية السلطات المحلية حرية تحديد مقدار الزيادة التي تراها مناسبة.
في إنجلترا، يُحظر على المجالس رفع الضريبة بنسبة تزيد عن 5% دون إجراء استفتاء عام، ما يحدّ من إمكانية فرض زيادات كبيرة على السكان. ومع ذلك، في فالكيرك، تجاوزت الزيادة كل التوقعات، حيث تفوقت حتى على مدن مثل برادفورد التي رفعت الضريبة بنسبة 10% فقط.
مستشارة محلية تتعرض للتهديد بسبب الزيادة
وراء هذا القرار المثير للجدل، كانت المستشارة المستقلة لورا مورته هي صاحبة فكرة زيادة 15.6% في ضريبة المجلس، والتي صوّت أغلب زملائها لصالحها.
وأكدت مورته أن أي زيادة أقل كانت ستؤدي إلى تقليص الخدمات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الاجتماعية، مشيرة إلى أن الوضع المالي للمجلس كان قد وصل إلى مرحلة حرجة لا يمكن التراجع عنها.
لكن قرارها لم يمر مرور الكرام، حيث واجهت موجة غضب شعبي كبير، وصل إلى حد تلقيها تهديدات بالعنف عبر الإنترنت، ما دفعها إلى إبلاغ الشرطة واتخاذ احتياطات أمنية إضافية.
تقول مورته: “لقد جعلني ذلك لا أرغب في الخروج أو حضور الفعاليات. البعض يرسل لي تهديدات مباشرة، والبعض الآخر ينشر صورًا ساخرة تتضمن إشارات إلى عمليات قطع الرأس.”
وتضيف: “إنها تهديدات مروعة، هناك من يقول لي: أنتِ بحاجة إلى الضرب، أو أسوأ من ذلك.”
القادة المحليون يبررون الزيادة: “لا خيار آخر”
من جانبها، دافعت زعيمة مجلس فالكيرك، سيسيل ميكلجون، عن الزيادة، مؤكدة أن الوضع كان يتطلب رفع الضرائب للحفاظ على جودة الخدمات العامة.
وقالت ميكلجون: “نحن ندرك أن هذه زيادة كبيرة، لكننا كنا نعلم دائمًا أن ضريبة المجلس يجب أن ترتفع.”
وأضافت: “علينا الاستمرار في تقديم خدمات عالية الجودة، ولا يمكننا القيام بذلك دون زيادة الإيرادات. الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها تحقيق ذلك محليًا هي عن طريق رفع ضريبة المجلس.”
وأشارت إلى أن المجلس سيتعاون مع العائلات المتضررة لمساعدتها في التكيف مع هذه التغييرات، لكنها لم تحدد أي خطط ملموسة للتخفيف من آثار هذه الزيادة على الفئات الأكثر تضررًا.
هل يمكن أن تتكرر هذه الزيادة في مدن أخرى؟
تثير أزمة فالكيرك تساؤلات أوسع حول مستقبل تمويل المجالس المحلية في بريطانيا، حيث تعاني العديد من السلطات من عجز مالي متزايد، ما يجعلها تلجأ إلى رفع الضرائب كخيار أخير.
ومع ذلك، فإن الغضب الشعبي الذي أثارته هذه الزيادة قد يجعل الحكومات المحلية تفكر مرتين قبل اتخاذ قرارات مماثلة في المستقبل.
وفي حين أن سكان فالكيرك يستعدون لدفع فواتير أعلى من أي وقت مضى، يبقى السؤال: هل ستكون هذه الزيادة استثناءً أم أنها بداية لاتجاه جديد في جميع أنحاء البلاد؟
المصدر: سكاي نيوز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇