مدن بريطانية تفرض ضرائب إضافية على السيارات للحد من التلوث
تعمل المجالس البلدية في جميع أنحاء المملكة المتحدة على تفعيل استراتيجيات جذرية لخفض عدد المركبات التي تساهم في تلوث البيئة في الطرق استجابة للتغييرات المناخية الطارئة
و يأمل مجلس مدينة ليستر أن فرض ضريبة جديدة على مواقف السيارات في مقرات الشركات سيعزز من جودة الهواء و سيشجع على المشي و ركوب الدراجات الهوائية كما أنه سيعزز من استخدام وسائل النقل العام.
تعود مسألة رفع “ضريبة مواقف السيارات في أماكن العمل” (WPL) من الشركات المحلية إلى حزب العمال قبل أكثر من 20 سنة. و لكن ركن السيارات قضية مثيرة للجدل لدى الحكومات المحلية لدرجة أن نوتنغهام هي المدينة الوحيدة التي لديها برنامج يخص هذه المسألة، و من المقرر أن تصبح ليستر المدينة الثانية.
تدرس السلطات في ليستر الآن مجموعة مقترحات لفرض أكثر من 10 مواقف للسيارات في الشركات مع 550 جنيها إسترلينيًا للموقف الواحد سنويًا إبتداءً من العام القادم. بعدها سيكون الامر متروكًا لأصحاب الشركات لتقرير إن كانوا سيتحملون هذه التكلفة أم أنهم يمررونها لموظفيهم. من المرجح أيضًا استثمار 450 مليون جنيه استرليني في العقد القادم لبناء أسطول جديد من الحافلات الكهربائية وشبكة موسعة من الدراجات الهوائية وتجديد محطات القطارات.
يريد آدم كلارك، نائب عمدة مدينة ليستر لشؤون البيئة والنقل، استخدام ضريبة أماكن ركن السيارات في مقرات الشركات على نطاق أوسع لتقليل هيمنة استخدام السيارات.
وقال كلارك: “ليستر مدينة تاريخية، فقد بُنيت شبكة الطرق فيها على الطراز الروماني وعانت من إفساح المجال أمام السيارات في فترة ما بعد الحرب، مما أدى إلى جذب المزيد من السيارات ، الأمر الذي أعاق المدينة.”
“لقد عملنا بجد لإحداث تحول إلى ركوب الدراجات والمشي واستخدام الحافلة. ولكن علينا الآن إحداث أكثر من خطوة نحو التغيير ، يجب أن تكون هناك قفزة حقيقية إذا أردنا مواجهة تحدياتنا البيئية والاقتصادية والصحية”.
موقف المعارضة من ضريبة ركن السيارات بمقر العمل
أدانت بعض الشركات والنواب المعارضين ومؤسسات السيارات هذه الخطط. وقال نيجل بورتر، نائب ليبيرالي ديموقراطي في ليستر:” المقترحات الحالية هي مقترحات فارغة لا جدوى منها. إن كنت ممرضًا أو طبيبًا فستعمل في مناوبات صباحية و ليلية، و لن تكون هناك حافلات في الخدمة على مدار اليوم.
وأضاف: “يبدو أن هناك أجندة بين بعض من أعضاء حزب العمال يريدون بها تعزيز تكاليف قيادة السيارات على الطرق”.
وصفت العديد من الشركات المحلية “WPL” ضريبة ركن السيارات بمقرات العمل على أنها ضريبة خفية قد تكلف غاليًا حسب دراسة المجلس البلدي للأثر الاقتصادي، بينما وصف أحد رجال الأعمال هذه الخطة بالجنون.
وأكد كلارك أن المجلس أراد العمل مع أصحاب الشركات للخروج بحلول تسد الثغرات في شبكة النقل بما فيها الحافلات و مخازن الدراجات الهوائية المستجيبة للطلب.
وأعرب آخرون عن قلقهم بخصوص تأثير الخطة على العمال ذوي الدخل المحدود إذا تم تطبيقها على الموظفين على أساس أنها ضريبة محلية ثابتة، فإن ذلك سيضر العمال ذوي الدخل الأقل بشكل غير متناسب.
بينما اقترح المجلس أنه يمكن لأصحاب الشركات أن يفرضوا هذه الرسوم على الموظفين ذوي الدخل العالي فقط.
تريد ليستر محاكاة نموذج “مدينة الـ15 دقيقة” الذي اعتمدته عمدة باريس آن هيدالغو حيث يمكن الوصول لكل مرافق الراحة والترفيه في 15 دقيقة مشيًا أو على دراجة. وجعلها مدينة مدمجة نسبيًا يصل فيها تنقلات السيارات إلى أقل من 1.25 ميلا، بمعدل 3 أميال في التنقل الواحد.
وقال كلارك: “نود أن تكون أغلب التنقلات في ليستر بالسير أو بالدراجة، كما توجد فرص كبيرة لتعزيز شبكة النقل العام.
إن استطعنا القيام بذلك فسنتمكن من توفير البدائل الحقيقية ويستفيد بذلك من هم بحاجة إلى استخدام السيارات من حركة مرور أقل على الطريق”.
و تبدو ضريبة ركن السيارات في مكان العمل فكرة جذابة بشكل متزايد للسلطات المحلية التي تعاني نقصًا في السيولة، كما أنها تفي بمتطلبات جودة الهواء و المناخ في السنوات القليلة القادمة.
يوشك مجلس أوكسفوردشاير على إطلاق منطقة مفوضة لتغطية وسط مدينة أوكسفورد، بينما عبرت كل من كامبريدج و بريسل عن اهتمامهما بالأمر.
أصبح ركن السيارات بمكان العمل مسألة سياسية في اسكتلندا، بينما تعمل ايدنبورغ و غلاسغو على اكتشاف خطط مناسبة لها.
عارض أعضاء حزبي العمال والمحافظين في اسكتلندا هذه المخططات بشدة. حيث سماها المتحدث باسم حزب العمال نيل بيبي “ضريبة الراكب” ووصف المخطط بأنه “هجوم وقح ضد جيوب العمال”.
استهدفت مجالس أخرى مناطق الهواء النظيف حيث ستمسّ الضريبة السيارات القديمة و الملوثة فقط بغية تحفيز استعمال وسائل النقل المستدامة كما هو الحال في منطقة الانبعاثات المنخفضة في لندن منذ عام 2019، لتصبح بيرمينغهام المدينة الثانية بمنطقة مماثلة.
و مع ذلك، فقد توقفت خطط منطقة الهواء النظيف في مانشستر مع طلب العمدة آندي بورنهام من السلطات التمويل الكافي لمساعدة الناس للتحول إلى السيارات الصديقة للبيئة.
حصلت ضريبة وقف السيارات في مكان العمل بنوتينغهام 83 مليون جنيه إسترليني مباشرة منذ عام 2012 مع إطلاق 600 مليون جنيه استرليني إضافية كمساعدات.
و أثرت هذه الضريبة حسب أحد التقييمات الأكاديمية بشكل خفيف على أنماط الركاب ، حيث سجلت نسبة 8.6% من الركاب قد تحولوا تماما عن استخدام السيارة بسبب الضريبة.
وقالت سو فلاك، التي ساهمت في تنفيذ برنامج نوتنغهام وتعمل الآن كمستشارة للسلطات المحلية: “يمكننا القول أنه لم يترتب عن ذلك ضربة اقتصادية كبيرة لنوتينغهام، وسيقول الكثير من أرباب العمل أنهم يحبون نوتينغهام بسبب شبكة النقل الجيدة، و لكنهم لن يقولوا أنهم يحبون ضريبة مواقف السيارات في مكان العمل”.
“إنهم يفضلون وجود وسائل النقل وليس الضريبة، و لكن الأمور لا تعمل بهذه الطريقة.”
الرابط المختصر هنا ⬇