مختصون عرب: غيابنا عن صناديق الاقتراع يخدم اللوبي المؤيد للاحتلال
“سنختار المرشح الذي يخدم قضايانا وعلى رأسها غزة، حتى لو كان غير عربي أو مسلم، الآن حان الوقت لتنفيذ ما هتف به المتظاهرون: لا وقف لإطلاق النار لا أصوات، كان بعض البرلمانيين يراهنون على نسياننا. نسعى لمنع الفوز المطلق، وهذه ستكون رسالة لزعيمَي المحافظين والعمال”، هذه كانت أبرز الأفكار التي طرحها ضيوف ندوة “من سينتخب العرب والمسلمون في بريطانيا في الانتخابات العامة؟”، التي جرت الأربعاء عبر منصة العرب في بريطانيا.
وفي هذا السياق استضافت منصة العرب في بريطانيا عدنان حميدان رئيس تحرير المنصة ورئيس حملة الصوت العربي، والدكتور أنس التكريتي رئيس مؤسسة قرطبة وعضو مؤسس في حملة الصوت المسلم، وأدار النقاش الزميل صلاح عبد الله.
وتمحور النقاش حول كيفية مشاركة البريطانيين من أصول عربية أو المسلمين عمومًا في الانتخابات البريطانية العامة، المزمع عقدها في الرابع من شهر تموز/يوليو المقبل، والتي تتزامن مع مجازر يومية ما زال الاحتلال الإسرائيلي يرتكبها في غزة، وكان آخرها مجازر رفح.
واستهل الحديث عدنان حميدان بدعوة العرب للمشاركة في الانتخابات العامة المقبلة بدافع تغيير سياسات المملكة المتحدة ووقف تسليح إسرائيل، ونبّه حميدان إلى ضرورة تشكيل جهد مواز لمقاومة الصامدين في غزة حول العالم ولا سيما في بريطانيا.
وقال: “دخولنا الانتخابات لم يكن على أساسٍ عرقي، لكننا نعمل على خدمة قضايا تهمنا لكوننا أقلية، وهذا من حقنا”، وعن كيفية اختيار من يمثل قضايا العرب تابع الحديث: “والدليل على ذلك أنه لو كان هناك مرشحان أحدهما عربي ولا يخدم قضايانا، والآخر ليس عربيًّا ويخدمها فسنصوت لغير العربي، وأكثر من ذلك؛ فإذا كان لدينا مرشحان محترمان ويقفان مع قضايانا، لكن أحدهما فرصه أكبر بالنجاح سنختاره حتى لو كان ذلك على حساب العربي”.
أما عن مضارّ عدم المشاركة في الانتخابات فقال حميدان: “يؤثر ما يحدث في غزة على كل مواطن بريطاني؛ لأن تسليح بريطانيا لإسرائيل يدفع ثمنَه دافعو الضرائب البريطانيون على حساب إهمال مشاريع كثيرة لهذا البلد”.
وعقّب الدكتور أنس التكريتي على هذه النقطة قائلًا: “وتأكيدًا على ذلك، كيف يمكننا أن نصوّت لمن عارض وقف إطلاق النار في غزة، كيف سنأتمنه على أرواح الناس في بريطانيا ونسلمه وزارة الصحة على سبيل المثال؟ إضافة إلى سمعة بلدنا بوصفنا بريطانيين، هل يعقل أن نجول حول العالم وباقي الشعوب تعيّرنا بأننا مواطنو دولة ترتكب الجرائم؟!”.
أما عن تشكيل قوة سياسية ضاغطة فسأل الزميل صلاح عبد الله الدكتور أنس التكريتي، متى سيصبح للعرب لوبي قوي يؤثر على الحكومة البريطانية؟
فأجاب: “نحن العرب لدينا بالفعل مقومات اللوبي، من حيث العدد والتنوع، ومن حيث التخصصات والكفاءات، فلدينا أساتذة جامعات وأطباء ومهندسين ومدراء شركات معروفة ونحن نشكل جزءا كبيرا من العمال، لكن ما ينقصنا هو أن نعرف كيف ننظم أنفسنا ونحدد أهدافنا ثم نخدمها، والفرق بيننا وبين الكثير من اللوبيات هو الأهداف النبيلة التي نحاول خدمتها، وأنا أدعو إلى تجريم اللوبي الذي يضغط أفراده لخدمة الشر، سواء أكان لخدمة ما يضر النسيج المجتمعي أو لخدمة جهات مجرمة كما يفعل اللوبي الصهيوني”.
وعن النواحي المادية وكيفية دعم الحملات الانتخابية وقانونية هذا الدعم، قال أنس التكريتي: إن هناك محددات للإنفاق على الحملات الانتخابية فرضتها المملكة المتحدة وهي 54,010 باوند لكل مرشح، وللحزب الذي يريد المنافسة على جميع مقاعد البرلمان يجب ألا تتجاوز ميزانية حملاته الانتخابية مبلغ 34 مليون باوند.
أضاف التكريتي: “وُضعت هذه المحددات لجعل فرص جميع المشاركين متكافئة، بحيث لا يسمح للأغنياء التفوق على المرشحين البسطاء، وتكون الغلبة للأفضل وللأهداف الحملات الانتخابية، لا ميزانياتها. والانتخابات البريطانية أبسط بكثير من الولايات المتحدة على سبيل المثال، التي تستمر حملاتها الانتخابية مدة عام، بينما لا تتجاوز فترة الحملات في بريطانيا ستة أسابيع”.
من ناحيته قال عدنان حميدان: إن غياب العرب عن صناديق الاقتراع يخدم اللوبي المؤيد للاحتلال، ونوّه بأن نسبة كبيرة من العرب لا يشاركون في التصويت، بذريعة أن أعضاء البرلمان قادمون بكل الأحوال، في حين تعزف أسر عربية كاملة، يبلغ تعداد إحداها نحو 3000 شخص، عن التصويت في الانتخابات.
واختتم حميدان حديثه بالقول: “هذه المرة كنا مستعدين عند إعلان موعد الانتخابات، تواصلنا مع 125 شخصية لتشكيل لجنة تزكي المرشحين، واخترنا منهم 12 شخصًا، هؤلاء نثق بهم، وهم بدورهم اختاروا المرشحين الأنسب لخدمة قضايانا، وسندعم المرشحين المختارين بكل الطرق ماديًّا وإعلاميًّا وفي النهاية عبر الصناديق، لا تقللوا من قيمة أصواتكم، كل انتخابات تتزايد أعداد العرب والمسلمين المشاركين. يجب استثمار هذه الحالة لخدمة القضايا العادلة”.
هذا وعرض الزميل صلاح عبد الله مقطع فيديو لمقابلات أُجرِيت خلال المظاهرة الوطنية الأخيرة، تستطلع آراء شرائح متنوعة من المجتمع البريطاني، منهم من عبّر عن تضامنه مع فلسطين وطالب بوقف المجازر، وكان آخرَهم رجلٌ ناجٍ من محرقة الهولوكوست، يهودي يستهجن سياسة حكومة المحافظين.
وتساءل صلاح عبد الله عن سبب تجاهل السياسيين لما يريده الشعب الذي انتخبهم ليمثلوه في الأساس. وكانت إجابة الدكتور تكريتي: “السياسيون الذين يتجاهلون ما يريده الشعب يسعون وراء مصالحهم، لا سيما الذي يفتقد البوصلة الأخلاقية، بعضهم يقول لنا: إنه متعاطف مع فلسطين، لكن اللوبي الصهيوني الذي انتخبه أفراده يمنعونه عن الإدلاء بأي تصريح متعاطف مع فلسطين، وليس هذا فقط، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك؛ حيث وعدوا هؤلاء البرلمانيين أنه حتى لو خسر منصبه فسيمنحونه إدارة إحدى الشركات”.
وأضاف الدكتور أنس: “من تجاهل الجرائم لا يمن أن أثق به في رعاية الخدمات العامة بطريقة صحيحة، أما من تكلموا في الفيديو، فهم الذين سينتخبون نوابهم وستكون لهم كلمة الفصل”.
وعن الهدف العام قال التكريتي: “ونحن لسنا وحدنا في حملتَي الصوت العربي والصوت المسلم، ننسق مع تيارات سياسية أخرى، كحزب العاملين والخضر وغيرهما، الفوز المريح للعمال أو المحافظين سيمنح أيًّا منهما الهيمنة المطلقة في اتخاذ القرارات المصيرية، والأفضل لنا هو أن يكون هناك نوع من التوازن في عدد النواب؛ كي يضطروا لتشكيل ائتلاف مع الأحزاب الصغيرة أو المستقلين، وهنا تكمن قوة مشاركة العرب، وسيجبر هذا الحكومة المقبلة على التفاوض مع المستقلين حتى لو كانوا قلة من أجل تمرير القوانين، وسيجعل هذا للأعضاء المتضامنين مع قضايانا ثقلًا وتأثيرًا كبيرًا على سياسة الدولة بأسرها”.
يُذكَر أن منصة العرب في بريطانيا تنسق منذ أشهر لدعم الصوت العربي في الانتخابات العامة، وذلك من منطلق دعم القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية ورفع الظلم عن ضحايا العدوان الإسرائيلي، ودعمت المنصة إعلاميًّا جميع الجهات العاملة من أجل الهدف ذاته، كما تقيم المنصة سلسلة من الندوات؛ بهدف زيادة الوعي السياسي لدى الجاليات العربية وتقريب المسافات بين السياسيين والعرب في بريطانيا.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇