ما تأثير عودة ترامب على خطط الإنفاق العسكري في بريطانيا؟

في وقت يراه السياسيون واحدًا من أكثر الأوقات خطورةً منذ عقود، تبرز مسألة مهمة، وهي: من سيتكفل بتوفير الحماية؟ هذا السؤال اكتسب أهمية بالغة مع احتمال عودة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي يُظهر حذرًا متزايدًا تجاه دعم الدفاعات الأجنبية.
ووفقًا لمصدر بريطاني، فإن “الاعتماد على بضعة آلاف من الأصوات في ولاية بنسلفانيا لتأمين الدفاع الأوروبي ليس منطقيًّا”، وعودة ترامب تجعل هذا التساؤل يتصدر الأجندة البريطانية والأوروبية.

وتتطلع الحكومة البريطانية إلى تحقيق الهدف الذي وضعته حكومة المحافظين، وهو إنفاق 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو مستوى لم يُحقق منذ عام 2010. ولكن تخضع الميزانية الدفاعية حاليًّا لمراجعة شاملة، إلى جانب مراجعة لجميع نفقات المؤسسات الحكومية، يُتوقع أن تصدر نتائجها في ربيع العام المقبل.
وفي إطار هذه الاستعدادات، مُنح وزير الدفاع جون هيلي 3 مليارات باوند إضافية في الميزانية العامة، وهو مبلغ كبير في حجمه لكنه لا يغيّر المعادلة في سياق الإنفاق الدفاعي. فهذا المبلغ بمنزلة زيادة مؤقتة للعام الحالي دون ضمانات بتمويل مستمر طويل الأمد.
وبهذا الشأن أعرب أحد الوزراء السابقين عن قلقه قائلًا: “التخطيط لسنوات قادمة أمر صعب، فإلى متى ننتظر والحاجة ماسة الآن؟” ومع غياب الالتزام بتحقيق هدف الـ2.5 في المئة قبل نهاية الدورة البرلمانية في 2029، ينتشر التشاؤم في بعض الأوساط، حيث يرى مسؤول بارز أنه “إما أن تؤمن أن هذه أكثر الأوقات خطورة منذ عقود فتخصص التمويل اللازم، وإما ألّا تؤمن بذلك أبدًا، فتتراجع عن تمويله”.
انتقادات لحزب العمال ومخاوف من نقص التمويل

وخلال برنامج “توداي”، وجه وزير الدفاع السابق بن والاس انتقادًا لحزب العمال، معتبرًا أن إدراج 3 مليارات باوند من الدعم لأوكرانيا ضمن ميزانية الدفاع يمثل “خفضًا فعليًّا في ميزانيتنا الدفاعية”. وقال والاس: إنه سيرحب بتحقيق حزب العمال هدف 2.5 في المئة، “لكن يجب أن يكون التمويل حقيقيًّا وفق جدول زمني واضح”.
أما وزير الدفاع جون هيلي، فقد أقر بأن “الجيش غير جاهز للقتال” نتيجة ضغط التمويل لسنوات طويلة، ما أدى إلى تقليص القدرات وجعل القوات “جوفاء”، بحسَب تعبير والاس. أضف إلى ذلك أن الدعم البريطاني لأوكرانيا، الذي يحظى بتأييد سياسي واسع، زاد من الضغوط؛ حيث كشف مكتب التدقيق الوطني أن بريطانيا قدمت نحو 8 مليارات باوند لأوكرانيا، شملت صواريخ دفاع جوي، وطائرات مسيّرة، وصواريخ كروز، ودبابات وسفنًا، فضلًا عن المُعَدات الشخصية.
وأشار وزير سابق إلى أن “التمويل مسألة عاجلة للغاية”، وقال: “إنه ضروري لدعم أوكرانيا، لكنه أكثر إلحاحًا لحماية قواتنا”. وأكد أن الحاجة ليست مُتوَهَّمة، واستشهد باستهداف الحوثيين للسفن البريطانية في البحر الأحمر.
“عصر القوة” وتأثير ترامب على التحالفات الدفاعية

وتزامنًا مع هذه الصعوبات، برزت عودة ترامب بوصفها عاملًا يزيد من الاضطراب والتذبذب. فبينما يخشى حزب العمال عودة ترامب، هناك نوع من التوافق مع توجهاته بشأن تمويل الدفاع الأوروبي، إذ يرى بعض المطلعين أن ترامب “طرح مسألة مهمة على أوروبا وكان محقًّا فيها قليلًا”؛ فقد ارتفع عدد دول الناتو التي حققت هدف إنفاق 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بعد ولايته، إذ وصلت إلى 23 دولة بعد أن كانت ست دول فقط في عام 2021.
وبدلًا من القلق بشأن ما قد يفعله ترامب، يشير أحد المطلعين إلى أن “الشرط الأساسي ليأخذ ترامب الدفاع الأوروبي بجدية هو أن تأخذ أوروبا الأمور بجدية”. وترى الحكومة البريطانية نفسها قائدًا في الناتو، وتسعى لتعزيز التعاون الدفاعي عبر القارة الأوروبية، حيث وقّعت بريطانيا مؤخرًا على “اتفاقية دفاعية تاريخية” مع ألمانيا.
يُذكَر أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تثير تساؤلات جديدة بشأن ما سيعنيه ذلك لحلف الناتو، وما سيعنيه لدعم الولايات المتحدة لأوكرانيا من حيث الدبلوماسية والتمويل المباشر. وعلى الرغم من القلق السياسي حيال مواقفه وسلوكه من القانون والتقاليد، فإن أحد المطلعين علق قائلًا: “نحن في عصر القوة، لا في عصر حكم القانون”.
وقبل فوز ترامب، كانت هناك بالفعل أسئلة عميقة للسياسيين عن كيفية حماية مصالحنا في هذه البيئة المضطربة. أما الآن فالحاجة إلى الإجابة عنها أصبحت أكثر إلحاحًا مع عودة رئيس يحمل توجهات غير متوقعة.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇