بعد توقيع أكثر من ثلث النواب: لندن تبحث الاعتراف بفلسطين وتخطط لتقديم المساعدات لغزة جوًا
تتزايد الضغوط على الحكومة البريطانية للاعتراف بدولة فلسطين، بعد توقيع أكثر من ثلث أعضاء البرلمان على عريضة تطالب باتخاذ هذه الخطوة. ويأتي ذلك بالتزامن مع إعلان لندن عن تنسيق مع الأردن لإسقاط مساعدات إنسانية جوًا إلى قطاع غزة، وسط تفاقم الأوضاع الإنسانية في ظل استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي الغاشم على غزة.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن بلاده تعمل بشكل عاجل مع السلطات الأردنية لتسيير عمليات إسقاط جوي للمساعدات فوق غزة، مشيرًا إلى أن فريقًا من المخططين العسكريين واللوجستيين البريطانيين يساهم في هذه الجهود.
وأضاف أن بريطانيا تسرّع أيضًا إجراءات إجلاء الأطفال المرضى من غزة ونقلهم إلى المملكة المتحدة لتلقي العلاج، وذلك بالتنسيق مع منظمات إنسانية.
دعم برلماني واسع للاعتراف بفلسطين
يأتي هذا التحرك بعد أن وقّع أكثر من 220 نائبًا من تسعة أحزاب بريطانية – بينهم عدد كبير من نواب حزب العمال – على رسالة تطالب الحكومة بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطينية، باعتبارها خطوة ضرورية لدعم “حل الدولتين”.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن قبل أيام التزامه بالاعتراف بدولة فلسطين “في الأشهر المقبلة”، ما زاد من الضغوط على الحكومة البريطانية للانضمام إلى هذا المسار.
وقال ستارمر إن الاعتراف بفلسطين يجب أن يكون جزءًا من “خطة شاملة” تنتهي بحل الدولتين، لكنه لم يحدد إطارًا زمنيًا واضحًا.
في المقابل، حذّرت النائبة العمالية سارة تشامبيون، صاحبة مبادرة الرسالة البرلمانية، من أن الوقت ينفد. وقالت: “علينا التحرك قبل أن تصبح فكرة الدولة الفلسطينية غير قابلة للتحقيق”.
ومن جهتها، أعلنت رئاسة الوزراء البريطانية أن ستارمر أجرى مشاورات هاتفية مع الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني، ناقشوا خلالها سبل وقف إطلاق النار وضمان دخول المساعدات.
ودعا القادة الثلاثة “إسرائيل” إلى رفع الحصار الشامل عن غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، مؤكدين على ضرورة تحويل أي هدنة مؤقتة إلى اتفاق دائم.
كما تم الاتفاق على استمرار التنسيق مع الأردن لإجلاء الحالات الطبية الحرجة من غزة، لا سيما الأطفال.
علمًا أنه ومنذ اندلاع الحرب، لم تنجح بريطانيا سوى في إجلاء حالتين فقط من الأطفال المرضى من غزة، نُقلتا إلى المملكة المتحدة عبر مصر بدعم من منظمة “Project Pure Hope”، وحصلتا على تأشيرات إنسانية مؤقتة لتلقي العلاج.
ورغم الترحيب بإعلان السماح بإسقاط المساعدات، حذرت منظمات إنسانية من أن هذا المسار غير كافٍ وقد يعرّض حياة المدنيين للخطر.
وسبق أن شهدت غزة حوادث مميتة نتيجة عمليات الإسقاط، حيث قُتل خمسة فلسطينيين في مارس الماضي بسبب فشل مظلة إحدى الطرود، كما غرق 12 آخرون أثناء محاولتهم انتشال طرود غذائية من البحر.
وقالت النائبة سارة تشامبيون إن ما يحدث على الأرض “أشبه بفيلم The Hunger Games”، مضيفة: “من يصل أولًا يحصل على الطعام، بينما يبقى الآخرون بلا شيء. ما نحتاجه فعلًا هو فتح كل المعابر، هذا تجويع متعمد”.
الأمم المتحدة: المساعدات لا تصل
وفي الوقت الذي تواصل فيه “إسرائيل” فرض حصار كامل على غزة ومنع دخول الإمدادات، حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن نحو ثلث سكان غزة يبيتون أيامًا دون طعام، وأن أكثر من 90 ألف امرأة وطفل يعانون من سوء تغذية حاد.
وقد وصفت الأمم المتحدة الإسقاط الجوي للمساعدات بأنه “تشتيت للأنظار عن غياب الفعل الحقيقي”، مشددة على أن الحل الوحيد يتمثل في فتح المعابر بشكل منتظم ودون قيود.
هذا وترى منصة العرب في بريطانيا أن إعلان الحكومة البريطانية دعمها لإنزال لمساعدات الإنسانية إلى غزة خطوة إيجابية، لكنها لا تكفي في ظل كارثة تتفاقم يومًا بعد يوم.
الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية لم يعد مجرد موقف سياسي، بل ضرورة أخلاقية وإنسانية تعكس التزام بريطانيا المعلن بحل الدولتين.
إذا كانت لندن جادة في دورها كوسيط نزيه وداعم للسلام، فإن الاعتراف بفلسطين ورفع الصوت لوقف الحصار والدفع نحو فتح المعابر هو ما سيمنح سياستها الخارجية مصداقية حقيقية.
—————————————————————
اقرأ أيضًا
الرابط المختصر هنا ⬇
17°C 
