العرب في بريطانيا | لم تلتئم الجراح بعدُ يا غزة

1447 محرم 27 | 23 يوليو 2025

لم تلتئم الجراح بعدُ يا غزة

مقالArtboard 2 copy-5

يا غزة، يا قلب فلسطين النابض، يا قِبلة الأحرار في هذا العالم، ها نحن نكتب لكِ اليوم، والحروف تتلعثم في الطرح أمام حجم ما ألمَّ بكِ من آلامٍ وآهات. لم تلتئم الجراح بعد، ولا زالت الأوجاع تحتبس في صدورنا، ولا نعرف كيف، ولا بأي كلماتٍ نواسيكِ.

لطالما كانت جراحكِ عميقة، ودماؤكِ التي سالت على الأرض لا تزال تروي قصةً طويلةً من الصمود والمقاومة. لقد كنتِ ولا تزالين حصن الأمل في زمن اليأس، وشاهدةً على أن المعاناة التي فُرضت عليكِ لم تُكسركِ، بل جعلتكِ أقوى. لكن، رغم كل هذا، ورغم مقاومتكِ الباسلة، لا يمكن للعقل أو القلب أن يتحمَّل مشهد الدمار الذي يسكن شوارعكِ، والأرواح التي تلوّح في السماء، تنشد الراحة من ثقل الحياة على الأرض.

لم ننسَ صور الأطفال الذين نجوا من الموت، وهم يلوّنون جدران الحارات ويعلّقون زينة رمضان، يهتفون ويغنّون، رافضين الانكسار، مواسين أنفسهم بعزةٍ وكرامةٍ وقوةِ إيمان.

الموجع أن العالم لا يزال ينظر إليكِ بعين الصمت، عاجزًا عن أن يقدِّم لكِ ما يخفف من آلامكِ، كأنهم قد نسوا أن جراحكِ ليست مجرد أرقام أو تقارير إنسانية، ولا هي مجرد فيديوهاتٍ تعرض المأساة وتنتهي بانتهاء العرض، بل هي حكاياتٌ من الألم والدماء التي غُرست في ذاكرتنا. كيف لقلوبنا أن تطمئن، والعالم يبتعد عنكِ، وكأن وجودكِ لا يعنيهم؟ لكن، يا غزة، رغم كل تلك الصرخات التي تدوي صدى صوتٍ يهز مسامعنا ولا مجيب، ما زلتِ تبثين الأمل فينا. صمودكِ هو الوقود الذي يجعلنا نواصل المسير رغم الثقل، نواصل بخجل، ونواصلها… لأول مرة، نتمنى لو أن القيامة تقوم حتى يتوقف هذا الثقل، ونمضي بين رحمة الخالق.

مسلمو حزب العمال ينتقدون تنصل ستارمر من تصريحات لامي عن غزة

لم تلتئم الجراح بعد، لكن قلبكِ لم يتوقف عن النبض. في كل زاويةٍ من زواياكِ يوجد صوتٌ يصرخ: “لن نموت.” في كل حجر، في كل شجرة، في كل ضحكة طفلٍ ودمعةِ أمٍّ، هناك قصيدةٌ من المقاومة تتناثر. ما زالت غزة تُعلّم العالم دروسًا في الحياة، حتى في أسوأ أوقاتها، فهي تبقى صامدة، رافضةً أن تُكسر أو تُهزم.

كيف لنا أن نغفل عنكِ؟ وكيف لنا أن نتخلى عنكِ؟ يا غزة، رغم عجزنا القاتل، نرى في كل قطرةِ دمٍ بذلتِها ثمنًا للحرية. نرى حقيقة أنكِ لن تموتي، ولن تنكسري. أنتِ أملنا، وصوتنا الذي لن يسكت ولن يُكسر.

أعلم أن الجراح لم تُضمد بعد، بل حتى لم تلتئم. أعجز بكل معنى العجز عن وصف ما أريد. أعجز بكل كلمات العجز عن أن أصف ما حدث ويحدث. لا أستطيع البوح بما في داخلي وداخلكم. كيف لعقلٍ أن يتخيل مجرد تخيّل ما يحدث في ظل صمتٍ مخزٍ، صمتٍ مميت؟ ما عدنا نجد أي كلمات نواسي بها هذا الشعب. لم تعد لنا عينٌ تنظر إلى عيونهم دون أن تتوارى عنها خجلًا. ما عدنا نقوى، أو نجد كلماتٍ تواسي شعبًا ضحَّى بكل ما يملك من أجل شرفِ أمةٍ تخلَّت عنه بكل ما تملك.

 


اقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

2 تعليقاً على “لم تلتئم الجراح بعدُ يا غزة”

  1. صدقت والله
    كلماتك من الصميم
    قتلنا عجزنا عن نصرتهم
    حسبنا الله ونعم الوكيل

loader-image
london
London, GB
4:58 pm, Jul 23, 2025
temperature icon 22°C
overcast clouds
56 %
1013 mb
8 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 100%
Visibility 10 km
Sunrise 5:11 am
Sunset 9:02 pm