لماذا يصبح الطيران داخل بريطانيا أرخص من القطار؟ تحليل شامل من الجارديان
في السنوات الأخيرة شهد قطاع النقل في بريطانيا مفارقة غير متوقعة: فبدلًا من أن تكون القطارات، بوصفها وسيلة النقل العامة الأساسية، الخيار الأرخص والأكثر منطقية للمسافات الداخلية، أصبحت الطائرات في كثير من الأحيان تقدم أسعارًا أقل بكثير. هذا التغيّر المفاجئ أثار تساؤلات واسعة بين الخبراء والمستهلكين حول الأسباب الاقتصادية والتنظيمية التي جعلت الطيران الداخلي يتفوّق في التكلفة على القطارات، رغم النفقات الضخمة المرتبطة بتشغيل الرحلات الجوية.
ويسلط تقرير “الجارديان” الضوء على هذه الظاهرة عبر تحليل شامل لأسعار التذاكر، وهيكل التكاليف، وسياسات الدعم والضرائب، ليكشف كيف أصبح خيار الطيران، الذي كان يومًا ما رمزًا للرفاهية، في بعض الرحلات أرخص من ركوب القطار.
مفارقة السفر في بريطانيا: الطائرة أرخص من القطار

وفقًا لدراسة حديثة أجرتها منصة “Finder” أظهرت أن السفر جوًا داخل بريطانيا غالبًا ما يكون أقل تكلفة من السفر بالقطار.
وتعليقًا على النتائج، أشارت الخبيرة المالية لويز باستوك إلى أن أغلب المشاركين عبّروا عن دهشتهم، مؤكدين أن “القطارات يجب أن تكون أرخص لأنها وسيلة نقل عامة”، فيما رأى آخرون أن الأسعار “غير منطقية” عندما تكون الطائرة أقل تكلفة.
مقارنات أسعار تكشف الفجوة
عند مقارنة الأسعار ليوم محدد في شهر أكتوبر، ظهرت فروقات كبيرة لصالح الطيران.
فعلى سبيل المثال:
رحلة لندن – إدنبرة يوم الخميس 2 أكتوبر:
- القطار: من 77.10 باوند
- الطائرة (من ستانستد): من 15 باوند
- رحلات جوية أخرى لليوم نفسه: أقل من 20 باوند
- رحلة من هيثرو 1:30 ظهرًا: من 37 باوند
كما ظهرت اختلافات مماثلة:
نيوكواي – مانشستر (في اليوم التالي):
- القطار: من 113 باوند
- الطائرة: من 53 باوند
غلاسغو – بريستول:
- الطائرة: من 15 باوند
- القطار: من 56.50 باوند
هذه الأمثلة توضح أن الأسعار تتغيّر خلال اليوم وتعتمد بشدة على توقيت شراء التذاكر، مما يكشف أن التسعير لا يعتمد فقط على تكلفة التشغيل.
تكاليف تشغيل القطارات: نفقات ثابتة ودعم حكومي

تشمل النفقات الأساسية لشركات تشغيل القطارات:
- استئجار القطارات
- رواتب الموظفين
- صيانة السكك
هذه العناصر تمثل نحو 85% من التكاليف، إضافة إلى تكاليف الوقود والعمليات الإدارية.
يخضع الوقود لضريبة القيمة المضافة:
- 5% على الديزل
- 20% على الكهرباء
تشير تقديرات إلى أن تشغيل قطار بين لندن وإدنبرة يكلف عشرات الآلاف من الباوندات.
في المقابل، يحصل القطاع على دعم حكومي بقيمة 4.1 مليار باوند لعام 2024.
تكلفة تشغيل الطيران: غياب الضرائب على الوقود
تتشابه شركات الطيران مع القطارات في النفقات الأساسية، لكنها تختلف في نقطة جوهرية: عدم فرض أي ضريبة على وقود الطائرات.
ووفق تقديرات “Campaign for Better Transport”، فإن فرض ضرائب على وقود الرحلات الداخلية قد يضيف 1.5 مليار باوند سنويًا لخزينة الحكومة.
كما تتضمن تذكرة الطائرة ضريبة المسافر الجوي (APD) التي تبدأ من 7 باوند.
الأسعار الحقيقية ليست في التذكرة فقط

بيانات Ryanair تكشف أن متوسط سعر التذكرة يبلغ 46 يورو، بينما يصل متوسط الإيرادات لكل راكب، بما في ذلك الرسوم الإضافية، إلى 70 يورو.
الأمتعة والرسوم الإضافية
- شركة LNER تسمح بـ 3 حقائب مجانًا.
- بينما لدى Ryanair:
- حقيبة صغيرة فقط
- حقيبة 10 كغم مقابل 28 باوند
- نقل الدراجة مقابل 60 باوند
حتى بعد إضافة الرسوم، تبقى بعض الرحلات الجوية أرخص من القطار.
موقع الوصول: ميزة استراتيجية للقطارات
رغم انخفاض سعر الطائرة، إلا أن التكلفة الإجمالية قد ترتفع بسبب مواقع المطارات البعيدة:
- ستانستد: يبعد 39.4 ميلًا من وسط لندن
- مطار إدنبرة: يبعد 8.9 ميلًا من وسط المدينة
مما يعني تكاليف نقل إضافية، خصوصًا ليلًا، لا يتحملها ركاب القطارات.
وترى منصة العرب في بريطانيا AUK أن تفوّق الطيران على القطارات من حيث السعر يعكس اختلالًا هيكليًا في منظومة النقل في بريطانيا، حيث لا تتوافق السياسات الضريبية الحالية مع أهداف الاستدامة البيئية. إذ تستفيد شركات الطيران من إعفاءات ضريبة الوقود، بينما تتحمل السكك الحديدية أعباءً أعلى، مما يجعل الخيارات الصديقة للبيئة أقل جاذبية للمستهلكين.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
