لماذا تُعد بريطانيا من أسوأ الدول في لم شمل الأسر؟
ينحرم آلاف الأطفال في بريطانيا من دفء العائلة بسبب سياسات لمّ الشمل التقييدية التي تتبعها وزارة الداخلية البريطانية. وقد وصفت جمعيات حقوقية بريطانيا بأنها واحدة من أسوأ الدول في العالم في ما يتعلق بلمّ شمل الأسر.
بموجب قواعد الهجرة العائلية، يتعين على المواطن البريطاني أو المقيم الدائم أن يثبت دخلًا سنويًّا لا يقل عن 29 ألف باوند لتقديم طلب تأشيرة لشريكه الأجنبي. وجاء هذا التعديل بعد أن رفعت الحكومة السابقة الحد الأدنى للدخل من 18,600 باوند، مع خطط لزيادته مجددًا إلى 38,700 باوند بحلول ربيع عام 2025.
تأثير كارثي لسياسات الهجرة على الأطفال في بريطانيا
وأظهرت دراسة حديثة أجرتها جمعية (Reunite Families UK) بالتعاون مع مؤسسة (Coram) الخيرية المعنية بالأطفال، أن متطلبات الدخل تسبب معاناة إنسانية كبيرة، خاصة للأطفال الذين وصفهم التقرير بـ”الضحايا المخفيين” لسياسات الهجرة. واستندت الدراسة إلى بيانات من 745 عائلة تعيش هذا الواقع، إلى جانب مقابلات مع مجموعة من الأطفال.
وكشفت النتائج أن 67 في المئة من الأطفال المنفصلين عن أحد والديهم لا يرون الوالد العالق في الخارج إلا مرة واحدة في العام أو أقل، في حين أشار 85 في المئة من الأسر إلى أن متطلبات الدخل تشكل العقبة الرئيسة أمام لمّ شملهم. كما أكدت الدراسة أن هذه السياسة تُدخل الأسر في دوامة من الفقر والعزلة، مع تفاقم التحديات النفسية للأطفال الذين يشعرون بالغضب والحزن والإحباط.
في إحدى الحالات المؤثرة قال طفل: إن والدته لا تستطيع توفير احتياجاته لأن مدخراتها تُخصص لتمويل رحلات لرؤية والده. وفي حالة أخرى، أبلغ أحد مسؤولي وزارة الداخلية طفلًا بأن والدته يمكن أن تعتني به عبر تطبيق “سكايب”!
قصص تُجسّد المأساة
التقى البريطاني ليتون آلن بشريكته التنزانية صوفي نينزا خلال رحلة إلى تنزانيا في عام 2022. سرعان ما نشأت بينهما علاقة حب، وأصبحت نينزا حاملًا بطفلهما. لكن منذ ذلك الحين، تفرقت الأسرة؛ إذ يعمل آلن في بريطانيا في قطاع التجزئة بأجر 12 باوند في الساعة، وهو عاجز عن تلبية الحد الأدنى المطلوب من الدخل لتأمين تأشيرة لزوجته. يقول آلن: “هذه السياسة تدمر حياتنا. وكأنها تقول إن الحب بين شخصين من بلدين مختلفين متاح فقط للأثرياء”.
قصة أخرى تعكس المأساة عاشتها عائلة شون، المواطن الجنوب أفريقي، وزوجته البريطانية جاين التي عاشت طفولتها في جنوب أفريقيا. بعد 18 عامًا من الزواج وطفلين يبلغان 10 و16 عامًا، قررت الأسرة الانتقال إلى بريطانيا. واضطرت جاين إلى السفر بمفردها للعمل وكسب المال اللازم لتلبية متطلبات الدخل، في حين بقي شون وأطفالهما في جنوب أفريقيا.
يقول شون: “يبدو الأمر كما لو أن عائلتي تُحتجز كرهائن. أحاول جعل عيد الميلاد ممتعًا لأطفالي هنا، في الوقت الذي تتناول فيه والدتهم غداء عيد الميلاد وحيدة في بريطانيا”.
دعوات لتغيير السياسة
وفي مواجهة هذه المعاناة، طالبت الجمعيات الحقوقية بتغيير جذري في السياسات. وقالت كارولين كومبس، مديرة جمعية (Reunite Families UK): “لا تزال المملكة المتحدة واحدة من أسوأ الدول في العالم من حيث لمّ شمل العائلات. ندعو لجنة استشارات الهجرة إلى الاستماع لهذه التجارب المؤلمة واتخاذ خطوات حقيقية لإنهاء معاناة المواطنين والمقيمين وأطفالهم”.
أما كارول هومدن، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة (Coram) فقالت: “على مدار 12 عامًا، حُرم الأطفال من أحد والديهم بسبب شروط مالية صارمة تُفرض على البريطانيين أو المقيمين الدائمين لرعاية شركائهم الأجانب. حان الوقت لإجراء مراجعة جادة لهذه السياسة وتأثيراتها على الأطفال”.
ردّ وزارة الداخلية
وفي ردّها على المطالب، أكدت مصادر في وزارة الداخلية أن وزيرة الداخلية طلبت من لجنة استشارات الهجرة مراجعة القوانين الحالية المتعلقة بلمّ شمل الأسر. وأشارت المصادر إلى أن المراجعة ستستغرق نحو تسعة أشهر، وخلال هذه الفترة سيظل الحد الأدنى للدخل عند 29 ألف باوند.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇