العرب في بريطانيا | لماذا لا يكترث ستارمر لغزة كما يكترث لأوكرانيا؟

1446 شوال 17 | 16 أبريل 2025

لماذا لا يكترث ستارمر لغزة كما يكترث لأوكرانيا؟

لماذا لا يكترث ستارمر لغزة كما يكترث لأوكرانيا؟
رجاء شعباني April 15, 2025

في 13 أبريل 2025، نشر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر تغريدة على حسابه الرسمي على منصة X جاء فيها: “العالم يشعر بالذهول من الضربات الصاروخية الأخيرة التي نفذتها روسيا على أوكرانيا. مرة أخرى، يُظهر بوتين أنه غير مهتم بالسلام. إنه يريد الحرب. يجب على المجتمع الدولي أن يقف متحدًا في إدانة هذا العمل العدواني.”

هذه الكلمات التي حملت لهجة إدانة حاسمة وموقفًا سياسيًا واضحًا ضد العدوان الروسي، لم تثر الجدل بسبب مضمونها بشأن أوكرانيا، بل بسبب ما تجاهلته: الصمت التام إزاء مجزرة ارتكبها الجيش الإسرائيلي قبل أسبوعين فقط في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وأسفرت عن مقتل 15 من طواقم الإسعاف.

فبينما سارع ستارمر إلى إدانة موسكو، لم يخص الهجوم الإسرائيلي بكلمة واحدة، ما فتح الباب أمام سيل من الاتهامات له بالازدواجية والنفاق السياسي.

صمت مطبق على مجزرة موثقة

عشرات الآلاف يتظاهرون في لندن انتصارا لغزة رغم موجات الردع
عشرات الآلاف يتظاهرون في لندن انتصارا لغزة رغم موجات الردع

في 23 مارس، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي قافلتين من سيارات الإسعاف في رفح. وبحسب The Guardian، نقلًا عن مصدر رفيع في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، فإن القوات التي نفذت الهجوم كانت تحت إمرة جنرال سبق أن وُجهت له اتهامات من قبل جنوده بـ”الاستهانة بالحياة البشرية”.

القوات الإسرائيلية، من لواء “غولاني”، أطلقت النار على المسعفين ثم دفنت جثثهم في مقبرة جماعية. وبعد ستة أيام، تمكنت الأمم المتحدة من انتشال جثامين الضحايا وعددهم 15، جميعهم من طواقم الإنقاذ.

ورغم توثيق المجزرة وشهادات الناجين، لم يخرج ستارمر بأي تصريح رسمي، ولم يُدن الجريمة، ولم يطالب بفتح تحقيق دولي، الأمر الذي أثار تساؤلات عن مواقفه الأخلاقية.

عاصفة غضب على مواقع التواصل

تحوّلت تغريدة ستارمر بشأن أوكرانيا إلى مساحة احتجاج رقمي. عشرات المستخدمين اتهموه بـ”النفاق السياسي”، مطالبين بمعاملة القضية الفلسطينية بنفس الجدية.

المستخدمة @redsarah99 غرّدت: “أي تصريح يا ستارمر؟ أنت مجرم حرب وعنصري.”

أما @Humanityclouded فقالت: “صمتك على الإبادة في غزة مريب. يبدو أن زوجتك الصهيونية تُحسن التحكم بك.”

وغرد حساب @KILLTHEICON بسخرية: “هل ستقول الشيء نفسه عن نتنياهو؟”

وأضافت @Katsikajules: “والآن تحدث عن إسرائيل، التي تواصل قصف غزة. 37 قتيلًا الأحد، بينهم 6 إخوة تطوعوا لتوزيع الطعام على الجياع.”

أما @opinionated1366 فكتبت: “ردودك الآلية باتت مفضوحة. لا وقف إطلاق نار هنا ولا هناك. توقف عن الكلام وافعل شيئًا.”

حتى مستخدمون من الداخل البريطاني تساءلوا عن أولوياته، كما جاء في تعليق @jomickane: “هل تدرك حجم عمليات الطعن في هذا البلد هذا العام؟ افعل شيئًا هنا أولًا.”

حسابات سياسية لا إنسانية

القائمة الكاملة لفعاليات اليوم الوطني للتظاهر من أجل فلسطين

يرى مراقبون أن موقف ستارمر لا يرتبط بضعف في المعلومات أو بطء في التفاعل، بل هو نتاج استراتيجية سياسية محسوبة. فعلاقاته المتينة مع جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، وسجله الحافل بتصريحات مثيرة للجدل حول القضية الفلسطينية، يعكسان توجّهًا متعمّدًا لتجنب إغضاب أطراف فاعلة في الداخل والخارج.

تاريخيًا، لم يُعرف ستارمر بدعم صريح للحقوق الفلسطينية، بل سبق أن وصف حركة المقاطعة BDS بأنها “غير مقبولة”، ورفض الدعوات لإعادة النظر في صفقات الأسلحة مع إسرائيل، حتى بعد مجازر موثقة.

قيم مزدوجة… وحقوق مشروطة

تعكس ازدواجية ستارمر أزمة أعمق في السياسة الخارجية البريطانية، حيث تُمنح بعض الشعوب حقها في التضامن والدعم الكامل، بينما تُحرم شعوب أخرى من أبسط أشكال الاعتراف بمعاناتها.

ففي حين يُدين ستارمر قصف المدنيين في خاركيف، يختار الصمت حين يُقصف المسعفون في رفح. وحين يتحدث عن سيادة أوكرانيا، يغض الطرف عن الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود. هذه المفارقات لم تعد تمر دون محاسبة شعبية، إذ يزداد وعي الشارع البريطاني بالتناقضات بين الخطاب الحقوقي والسياسة الفعلية.

هل يتغير شيء؟

الحق بالتظاهر في بريطانيا.. رسالة مفتوحة تشعل الدعم ضد تقييد مسيرة لغزة
الحق بالتظاهر في بريطانيا.. رسالة مفتوحة تشعل الدعم ضد تقييد مسيرة لغزة

حتى الآن، يرفض ستارمر التعليق على مجزرة رفح. ومع تصاعد الغضب الشعبي، تتزايد الضغوط على زعيم حزب العمال لتوضيح موقفه، والدعوة لمحاسبة إسرائيل، كما فعل مع روسيا.

لكن السؤال الأهم يبقى: هل ستظل الحقوق الإنسانية خاضعة للحسابات السياسية؟
أم سيكسر زعيم حزب العمال صمته، ليعلن يومًا أن حياة الفلسطيني لا تقل وزنًا عن حياة الأوكراني؟

 


إقرأ أيّضا

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
1:14 am, Apr 16, 2025
temperature icon 9°C
broken clouds
Humidity 77 %
Pressure 997 mb
Wind 14 mph
Wind Gust Wind Gust: 23 mph
Clouds Clouds: 75%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 6:02 am
Sunset Sunset: 7:57 pm