كيف يمكن أن تؤثر أزمة الديون في بريطانيا على أموالك؟
تواجه المملكة المتحدة أزمة مالية متصاعدة، مع توقعات تشير إلى تضاعف الدين الوطني ثلاث مرات خلال الخمسين عامًا القادمة، وفقًا لتقرير صادر عن مكتب مسؤولية الميزانية (OBR). وهذا التدهور المالي يثير تساؤلات خطيرة عن مدى قوة الاقتصاد البريطاني، وقدرته على مواجهة الصعوبات المقبلة.
ويعود هذا الوضع المالي الحرج إلى عدة عوامل رئيسة، أبرزها التركيبة السكانية المتغيرة، حيث يزداد عدد المتقاعدين وتتقلص القوة العاملة، ما يؤدي إلى انخفاض الإيرادات الضريبية وارتفاع تكاليف المعاشات. وهذه المشكلة ليست حكرًا على المملكة المتحدة، لكنها تأخذ بعدًا خاصًّا في ظل الضغوط المتزايدة على نظم الحماية الاجتماعية في البلاد.
التحذيرات الواردة في تقرير مكتب مسؤولية الميزانية
إضافة إلى ذلك، يشكل التحول إلى اقتصاد مستدام عبئًا ماليًّا هائلًا. فالتزامات المملكة المتحدة بالوصول إلى هدف “صفر انبعاثات” تتطلب استثمارات ضخمة في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة والتكنولوجيا. وفي الوقت ذاته، تزداد تكلفة التعامل مع الكوارث الطبيعية الناتجة عن تغير المناخ، ما يعزز الضغوط المالية على الدولة.
يُذكَر أن التزام الحكومة بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي يأتي أيضًا في وقت حساس، وبخاصة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية واحتدام النزاعات التجارية. وهذه الزيادة في الإنفاق ستؤدي إلى تضخم الدين الوطني، ما يضيف مزيدًا من الضغوط على المالية العامة.
وفي ظل هذا الوضع المتأزم، تشير التوقعات إلى أن الحكومة قد تضطر إلى رفع الضرائب أو تقليص الإنفاق كثيرًا. وهذا سيتطلب تقديم عوائد أعلى لجذب المشترين إلى السندات الحكومية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة بصفة عامة. وزيادة الفوائد تعني تشديد شروط الائتمان، ما يجعل الاقتراض أكثر تكلفة للشركات والأفراد على حد سواء. وستتأثر الشركات التي تعتمد كثيرًا على التمويل بالديون بصفة خاصة، حيث ستنخفض أرباحها؛ نتيجة زيادة تكاليف الاقتراض.
ما الذي يجب على المستثمرين فعله؟
من جهة أخرى، يُتوقَّع ارتفاع معدل التضخم مع احتمال لجوء الحكومة إلى طباعة مزيد من النقود للحد من عجزها المالي، ما يؤدي إلى تآكل قيمة الباوند. وضعف العملة سيؤثر سلبًا على الاستثمارات المحلية، وسيُضعِف القوة الشرائية للمستهلكين، ما سيؤدي بدوره إلى انخفاض الطلب الداخلي. وبالنسبة للمستثمرين الأجانب، فإن تراجع قيمة العملة يجعل الأصول البريطانية أقل جاذبية، ويؤدي إلى انخفاض تدفقات رأس المال إلى البلاد.
يشار إلى أن هذه الأزمة لا تقتصر على المملكة المتحدة وحدها. فالولايات المتحدة وأوروبا تواجهان صعوبات مالية مشابهة. فالدين الوطني الأمريكي تجاوز 33 تريليون دولار، مع ضغوط ديموغرافية متزايدة على أنظمة الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية. وفي أوروبا، تتفاقم أزمة الديون في دول مثل فرنسا وإيطاليا، حيث تتجاوز نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي حاجز 100 في المئة. وتتعامل ألمانيا أيضًا مع ضغوط مالية كبيرة؛ نتيجة التحول في مجال الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
وبالنظر إلى هذه التطورات، ينبغي للمستثمرين اتخاذ خطوات استباقية لحماية أموالهم. ويُعَد التنويع العالمي إحدى الاستراتيجيات المهمة، حيث يمكن للأسواق الناشئة تقديم فرص نمو أفضل وتعزيز الاستقرار المالي. كما ينبغي التفكير في الأصول المرتبطة بالتضخم، مثل السندات أو الأصول الحقيقية مثل السلع وبيتكوين. فضلًا عن ذلك، يمكن الاحتياط ضد تراجع الباوند من خلال أدوات استثمارية متخصصة.
المصدر: London Loves Business
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇