كيف يعزز العطاء للآخرين صحتنا النفسية
كيف يعزز العطاء للآخرين صحتنا النفسية (أنسبلاش: Katt Yukawa)
يقولون إن المال لا يشتري السعادة، ولكنه ربما يستطيع ذلك إذا أنفقناه بحكمة. كيف يعزز العطاء للآخرين صحتنا النفسية؟
تشير الدلائل إلى أن الإنفاق الاجتماعي الإيجابي- الذي يُعرَّف بشفافية على أنه إنفاق المال على أشخاص آخرين مثل العطاء الخيري، بدلاً من إنفاقه على نفسك- يمكن أن يعزز رفاهيتك العاطفية ويوفر فوائد صحية أخرى.
كما اظهرت بعض الأبحاث أن إنفاق الأموال على المؤسسات الخيرية كان مرتبطًا بمستويات السعادة المتزايدة، في حين أن الأموال التي يتم إنفاقها على الحاجات الشخصية أو الأشياء الجديدة لم يكن لها أي تأثير على مستويات سعادة الناس.
تقول إليزابيث دن، أستاذة في قسم علم النفس في جامعة كولومبيا البريطانية في كندا، إن هناك قدرًا كبيرًا من البيانات التي تُظهر أن العطاء يفيد رفاهيتنا العاطفية.
وذكرت دن في مقال لها في مجلة “التطورات في علم النفس الاجتماعي التجريبي” (Advances in Experimental Social Psychology) أن الإنفاق الاجتماعي الإيجابي مرتبط بالسعادة المعززة والمزاج والرضا عن الحياة، مضيفة أن أحد أفضل جوانب البشر هو أنهم تطوروا لإيجاد السعادة في مساعدة الآخرين.
ما هو العطاء الخيري؟
في نفس المقال عرّفت إليزابيث دن العطاء الخيري على أنه الأموال التي نتبرع بها لمنظمة غير ربحية مرخصة. وتقول إن الخبراء غالبًا ما يوسعون هذا التعريف ليشمل أي استخدام لمواردنا المالية لصالح أشخاص آخرين مثل الأصدقاء وأفراد العائلة وأيضًا الموارد التي ننفقها على الغرباء.
بعض الأمثلة على الإنفاق الاجتماعي الإيجابي التي ظهرت في الأبحاث المنشورة تشمل شراء القهوة أو الغداء لصديق، أو شراء خوذة دراجة لابن الأخت أو الأخ، أو التبرع بالمال لمساعدة شخص محتاج.
لماذا التبرع بالمال يجعلنا نشعر بأننا بحالة جيدة؟
عندما نحاول التفكير بموضوع العطاء، نجد أنه من الغريب أن التبرع بالمال من شأنه أن يجعل الشخص يشعر بالرضا عندما يمكنه بخلاف ذلك استخدام تلك الأموال لإفادة نفسه. فما هو السبب في ذلك؟
تقول لارا أكنين، أستاذة مشاركة مميزة في علم النفس في جامعة سيمون فريزر في كندا إن الأفعال الداعمة للمجتمع مفيدة عاطفياً لأنها تعزز الناحية التطورية لدينا وتساعدنا على بناء وإنشاء روابط مع الآخرين.
تترأس أكنين مختبر المساعدة والسعادة لسيمون فريزر، وقد نشرت أكثر من اثني عشر بحثًا عن الإنفاق الاجتماعي الإيجابي. ووفقًا لتقرير لها حول هذا الموضوع نُشر في عام 2015 في الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية والسلوكية(International Encyclopedia of Social and Behavioral Sciences)، فإن البشر قد يكونون مرتبطين بالإيثار والسلوك الاجتماعي الإيجابي لأن هذه الميول تفيد بشكل كبير جنسنا البشري.
بحسب نظريات علم النفس التطوري والتي جاءت في التقرير، فإنه يمكن للبشر على عكس جميع الحيوانات الإتحاد لتشكيل مجموعات كبيرة ومترابطة من الأعضاء المختلفين. وإذا كانت مساعدة الآخرين لا تشعر بالرضا، فيمكن القول أننا لم نكن قادرين على تكوين القبائل ولاحقًا المجتمعات التي تشكل حجر الأساس للحضارات المزدهرة.
كيف يفيد العطاء الخيري الصحة؟
قد يكون التبرع بالمال للآخرين في بعض الحالات أكثر أهمية من مقدار ما نجنيه. فوفقًا للأبحاث التي أجريت حول الموضوع، أدى التبرع بالمال للجمعيات الخيرية إلى زيادة مستويات رفاهية الناس إلى نفس الدرجة تقريبًا عندما تضاعف دخلهم الشخصي. (https://www.speedclean.com/)
وفي الوقت نفسه، وجد تقرير السعادة العالمي لعام 2019، الذي جمع بيانات العطاء الخيري والرفاهية من جميع أنحاء العالم، أنه حتى بعد التحكم في الثروة ومقاييس الازدهار الأخرى، فإن التبرع بالمال هو أحد أقوى ستة عوامل تنبئ بالرضا عن الحياة بينما لم ترتبط أي من العوامل الستة بالدخل الشخصي. تم نشر التقرير من قبل شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة ويتضمن بيانات تم جمعها بواسطة استطلاع جالوب العالمي (Gallup World Poll) ومؤسسة لويدز ريجستر (Loyd’s Register Foundation).
“When we do things together, when we foster a sense of social connection, we feel happier.” @lbaknin, author of the @HappinessRpt chapter on generosity and pro-social behavior, such as volunteering and charitable giving. pic.twitter.com/akZOD7jtmD
— The SDG Academy (@SDG_Academy) March 20, 2019
من ناحيتها وجدت الأبحاث المنشورة في مجلة (Health Psychology) عام 2016 أن ثلاثة أسابيع من الإنفاق الخيري كانت كافية لخفض درجات ضغط الدم بين مجموعة من كبار السن، وأن هذا التحسن في الضغط الناتج عن الإنفاق الاجتماعي الإيجابي كان مماثلا لذلك المرتبط باتباع نظام تمرين جديد وصحي.
كما وجد بحث آخر، نُشر في يناير 2021 في مجلة طبية أمريكية (American Journal of Lifestyle Medicine)، أن السلوكيات الاجتماعية الإيجابية قد تقلل من الإجهاد والالتهابات، الذين يؤديان إلى تفاقم الحالات الصحية العقلية والجسدية. مضيفا أن هذه السلوكيات مرتبطة بالتغيرات في التعبير عن جيناتنا، بطرق يمكن أن تحسن الصحة العامة.
ما هي الطرق التي تزيد الرفاهية؟
في حين أن هناك العديد من الفوائد للإنفاق الاجتماعي الإيجابي والعطاء الخيري، فإن مجرد كتابة شيك لسبب “جيد” قد لا يمنحنا نفس الفوائد التي يمنحها العطاء لقضية تحمل معنى على وجه التحديد بالنسبة لنا.
تشرح أكنين أن العطاء فقط لتعزيز رفاهية الفرد والذي وصفته بالإنفاق الاجتماعي الأناني الإيجابي، لا يؤدي إلى نفس الفوائد الصحية أو الرفاهية.
وكما ورد في ورقة بحثية نُشرت في أكتوبر 2017 في مجلة (Motivation and Emotion)، فإن الأفعال الاجتماعية الإيجابية تكون أقل جدوى عندما تخصص من أجل لصالح الذات مما لو تخصص لصالح الآخرين. لذا، كيف يمكنك أن تعطي بطريقة تكون مفيدة لك وللمتلقي بنفس الوقت؟
-
أعط للأسباب التي تهمك
هناك المئات من الأعمال الخيرية الجديرة بالاهتمام. لكن بحسب الخبراء يحقق الناس أقصى استفادة من العطاء لأسباب ذات مغزى شخصي. وتقول إليزابيث دن إن الإنفاق الاجتماعي هو أمر شخصي للغاية أي يجب اتخاذ قرار الإنفاق الاجتماعي بحرية وليس بطلب من صديق أو أحد أفراد الأسرة أو زميل في العمل. بعبارة أخرى، إذا كنت تمنح المال لقضية ما لأن رئيسك في العمل يشجعها، أو لأن أحد أفراد العائلة طلب منك ذلك، فمن غير المرجح أن تحصل على نفس مستوى الإشباع مثل تقديم قضية اخترتها بنفسك ووجدتها ذو معنى.
-
اعط بطرق تتيح لك رؤية تأثير هديتك
تقول لارا أكنين إن الهدية ستعني على الأرجح أكثر إذا كان بإمكانك رؤية تأثيرها، مثل التبرع لمؤسسة خيرية أو منظمة محلية، حيث يمكنك رؤية أموالك تُنفق على خدمات أو موارد جديدة في مجتمعك.
-
أعطِ لأسباب مرتبط بها إجتماعيًا
تقول إليزابيث دن إن الهدية الخيرية المثلى يجب أن تتضمن نوعًا من التواصل الاجتماعي وإن أشكال الإنفاق الاجتماعي الإيجابي الأكثر فائدة هي التي تعزز علاقات وروابط المانح الاجتماعية، مثل التبرع لمجتمع نحن جزء منه أو مثلاً عند القيام بمشروع خيري مع صديق ونتشارك معه الفوائد الناتجة عن هذا المشروع.
اقرأ المزيد:
ماذا تعرفون عن مبادرة ” حتى لا يذهب طفل للنوم وهو جائع ” ؟
الرابط المختصر هنا ⬇
أخبار ذات صلة
8°C