كيف ستؤثر رسوم ترامب الجمركية على الاقتصاد البريطاني؟

بدأت الولايات المتحدة اليوم تنفيذ الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على واردات الصلب والألمنيوم، في خطوة تستهدف حماية الصناعة الأمريكية، لكنها تثير مخاوف اقتصادية عالمية، وبخاصة في أوروبا وبريطانيا. القرار قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة، لكنه أيضًا يضع بريطانيا في موقف معقد، بين تأثر صادراتها وردود الفعل الدولية المتوقعة.
لماذا فرض ترامب هذه الرسوم؟
وتعتمد الولايات المتحدة كثيرًا على واردات الصلب والألمنيوم، ويرى ترامب أن فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على هذه المنتجات سيقلّل من اعتماد بلاده على الأسواق الخارجية، وسيسهم في دعم الصناعة المحلية وحماية الوظائف.
الرسوم الجديدة لم تقتصر على هذه المعادن فقط، بل امتدت إلى جيران الولايات المتحدة، المكسيك وكندا، حيث أعلن ترامب فرض رسوم واسعة النطاق عليهما، مشيرًا إلى أنها خطوة تستهدف أيضًا الحدّ من الهجرة “غير الشرعية” ومكافحة تهريب الفنتانيل الصناعي، وهو مخدر أفيوني مسؤول عن آلاف الوَفَيات في الولايات المتحدة.
ومع أن الرسوم المفروضة على المكسيك وكندا لا تزال معلقة حتى الثاني من إبريل، فإن الصين تعرّضت لجولتين من الرسوم الجمركية ضمن سياسة ترامب لمواجهة الاختلالات التجارية ومكافحة تجارة الفنتانيل.
كيف استجابت الدول الأخرى؟
وبهذا الصدد أعلن الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية انتقامية على بضائع أمريكية بقيمة 26 مليار يورو (21.9 مليار باوند) ابتداءً من الأول من إبريل، ردًّا على القرار الأمريكي. هذه الرسوم لن تقتصر على منتجات الصلب والألمنيوم، بل ستشمل أيضًا قطاعات مثل المنسوجات، والأجهزة المنزلية والسلع الزراعية.
من جهتها فرضت كندا رسومًا جمركية انتقامية بنسبة 25 في المئة على منتجات أمريكية بقيمة 29.8 مليار دولار كندي (16 مليار باوند)، تشمل الصلب والألمنيوم، إضافةً إلى سلع أخرى، مثل: الحواسيب والمُعَدات الرياضية.
وقالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي: إن بلادها ستُنسّق مع حلفائها الأوروبيين للضغط على واشنطن لإلغاء الرسوم الجديدة.
كيف يؤثر القرار على بريطانيا؟
ومع أن بريطانيا لم تعد لاعبًا رئيسًا في صناعة الصلب العالمية بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، فإن بعض المنتجات البريطانية، مثل الصلب المقاوم للصدأ والمُعَدات المتقدمة، لا تزال تحظى بطلب قوي في الأسواق الأمريكية، حيث تبلغ قيمة الصادرات البريطانية من الصلب إلى الولايات المتحدة نحو 350 مليون باوند سنويًّا.
ووصف رئيس الحكومة البريطانية السير كير ستارمر قرار ترامب بأنه “مخيب للآمال”، منبّهًا إلى أن بريطانيا ستتبع “نهجًا عمليًّا” في التعامل مع الأزمة، وأن “كل الخيارات مطروحة على الطاولة”.
أما وزير الأعمال جوناثان رينولدز، فأكد أن بريطانيا لن تتخذ أي إجراءات انتقامية فورية، مشيرًا إلى أن الحكومة تُفضّل الاستمرار في المفاوضات التجارية مع واشنطن بدلًا من التصعيد.
هل سترتفع الأسعار عالميًّا؟
من الطبيعي أن تؤدي أي زيادة في الرسوم الجمركية إلى ارتفاع تكلفة المنتجات المستوردة، وهو ما سينعكس على المستهلكين النهائيين.
فعلى سبيل المثال: إذا ارتفعت تكلفة الألمنيوم المستخدم في صناعة عبوات المشروبات الغازية بنسبة 25 في المئة، فمن المتوقع أن تُمرَّر هذه الزيادة إلى المستهلك. ومن المحتمل أن ترتفع أسعار جميع المنتجات الأمريكية التي تعتمد على الصلب أو الألمنيوم، إلا إذا قررت الشركات الأمريكية تحمُّل جزء من هذه التكاليف لتجنب رفع الأسعار بشكل حاد.
ما التداعيات الاقتصادية المتوقعة؟
ومع تصاعد التوترات التجارية، يرى خبراء الاقتصاد أن الرسوم الجمركية الجديدة قد تؤدي إلى زيادة التضخم في الولايات المتحدة، ما سيدفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لوقت أطول.
وتُشير توقعات المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (NIESR) إلى أن الاقتصاد البريطاني قد يعاني من تباطؤ بسبب ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، حيث من المتوقع أن يكون الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة أقل بنسبة 2.5 في المئة إلى 3 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة، وأقل بنسبة 0.7 في المئة هذا العام.
كما حذّر مركز سياسة التجارة الشاملة (CITP) من أن فرض تعريفة جمركية بنسبة 20 في المئة على جميع الصادرات البريطانية إلى الولايات المتحدة قد يؤدي إلى خسارة 22 مليار باوند من الصادرات البريطانية، وبخاصة في قطاعات الصيد والتعدين.
هل بريطانيا مهددة بمزيد من الرسوم الجمركية؟
حتى الآن، لم يُصرّح ترامب بأنه يستهدف بريطانيا مباشرةً. وتشير البيانات إلى عدم وجود عجز تجاري كبير بين البلدين، ما قد يقّلل من احتمال فرض مزيد من الرسوم الجمركية على المنتجات البريطانية.
ومع تصاعد المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، تزداد المخاوف من أن تؤدي هذه الرسوم الجمركية إلى أزمة اقتصادية عالمية، يتجاوز تأثيرها الأسواق الأمريكية والبريطانية، ويمتد إلى الاقتصاد العالمي بأسره.
المصدر: سكاي نيوز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇