كيف تتواطؤ وسائل الإعلام البريطانية مع العدوان على غزة
في رسالة إلكترونية إلى المدير العام لبي بي سي، أعرب رامي رحيم، مراسل بي بي سي المقيم في بيروت، عن استنكاره تغطية الإعلام للعدوان الإسرائيلي على غزة منذ الـ7 من أكتوبر.
وأكد رحيم أن هناك معلومات مهمة مفقودة ولم يُسلط عليها الضوء أو أُهمِلت في التغطية الإخبارية، مثل آراء الخبراء في مسألة الإبادة الجماعية التي ترتقي إليها تصرفات إسرائيل، والسياق التاريخي الذي يلزم لفهم الأحداث الجارية.
ولا يقتصر انتقاد رحيم على نقص المعلومات في التغطية الإعلامية، بل امتد ليشمل تجاهل مصطلحات حاسمة في التقارير مثل “الفصل العنصري، والتطهير العرقي، والاستعمار الاستيطاني”. ونوَّه رحيم بأن المسألة تتعدى الأخطاء الصحفية، لتتعلق بسؤال أكبر عن تواطؤ وسائل الإعلام مع العدوان الإسرائيلي.
تغطية الصحافة البريطانية للعدوان على غزة
ويضاف إلى ذلك تحذير 800 باحث من خبراء القانون ومنظمات حقوق الإنسان من خطر ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جرائم إبادة جماعية في غزة. وهذا ما دفع مدير مكتب نيويورك لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى الاستقالة احتجاجًا على ما وصفه بأنه “إبادة جماعية”.
وأكد رحيم أهمية الصدق وذكر الحقائق التاريخية في التغطية الإخبارية، مشيرًا إلى أن الصراع والاحتلال لم يبدأ في الـ7 من أكتوبر.
أشارت تقارير حديثة إلى أن ثمانية صحفيين تابعين لقناة (بي بي سي) في بريطانيا قدموا رسالة احتجاج، متسائلين عن المعايير المزدوجة في تغطية الهيئة للصراعات، وبخاصة فيما يتعلق بالمدنيين الفلسطينيين والأوكرانيين.
وذكر الصحفيون في تقريرهم أن القناة تفضل استعمال تعبيرات قاسية مثل “مذبحة” و”فظائع” لوصف أحداث تتعلق بمقاومة حماس فقط، في حين يُطلب من الضيوف الفلسطينيين مرارًا وتكرارًا “إدانة حماس” دون مطالبة المسؤولين الإسرائيليين بالتنديد بتصرفات الحكومة الإسرائيلية.
تواطؤ وسائل الإعلام البريطانية مع العدوان على غزة
وأشار الصحفيون إلى أن التغطية التلفزيونية جعلت جمهورها في حيرة من أمرها بشأن تاريخ الاحتلال، ما أدى إلى الحد من فهم المشاهدين للسياق والأحداث الرئيسة مثل الاحتلالين السابقين عامَي 1948 و1967.
كما أشاروا إلى تركيز الأخبار التلفزيونية على القتلى الإسرائيليين بشكل مفرط، وتجاهلها عدد الشهداء الفلسطينيين، ما خلق انطباعًا غير صحيح بشأن الوضع العام للحرب. ورغم وجود مصطلحات خاصة لوصف وَفَيَات الإسرائيليين، فلم تُستخدَم إلا نادرًا لوصف شهداء الفلسطينيين، ما أثار تساؤلات عن تواطؤ وسائل الإعلام.
وكشفت تغطية صحيفة الغارديان عن ميلها المستمر وتحيزها لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي وحلفائها الأمريكيين والبريطانيين، رغم نشرها بعض التقارير المهمة عن العدوان على غزة. ومن الأمثلة التي تبرز هذا التحيز تصريح متكرر من صحفيي الغارديان بأن “النزاع بدأ في الـ7 من أكتوبر”، ما أثار إعجاب المكتب الصحفي للبيت الأبيض.
وأشارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل في الـ30 من أكتوبر إلى استمرار تقديم البنتاغون شحنات الأسلحة اليومية إلى الاحتلال الإسرائيلي، وأكدت نائبة السكرتير الصحفي للبنتاغون عدم وجود قيود على استخدام إسرائيل لهذه الأسلحة.
“الغارديان” تُسلط الضوء على التناقضات في تغطية العدوان على غزة
وأفادت الغارديان في الـ13 من أكتوبر بإرسال بريطانيا طائرات مراقبة وسفن بحرية و100 من مشاة البحرية الملكية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، بهدف دعم الاحتلال الإسرائيلي.
وفي مقال نشرته صحيفة الغارديان في الـ23 من نوفمبر، أشارت الصحيفة إلى التباين في وصف الأشخاص المحتجزين، حيث وُصِف الرهائن الإسرائيليون المحررون بأنهم “نساء وأطفال”، بينما وُصِف الأسرى الفلسطينيون المفرج عنهم بأنهم “نساء وأشخاص يبلغون من العمر 18 عامًا أو أقل”.
وأكد استطلاع أجرته مؤسسة يوجوف في أكتوبر أن 76 في المئة من المشاركين يؤيدون وقف إطلاق النار. ويُعَد الرأي العام العالمي أمرًا يُهمّ الحكومة الإسرائيلية.
إضافة إلى أن الأسئلة التي تطرحها الآن هي متعددة المجالات، فالجانب العسكري يسأل كم يحتاجون من الوقت لتحقيق أهدافهم، والجانب الدبلوماسي يستفسر عن شرعية عملية الاحتلال الإسرائيلي ومتى ستنتهي قبل أن يشعر حلفاؤها بضرورة التدخل.
جدير بالذكر أن المظاهرات الكبرى والإضرابات والحملات المتنوعة تؤثر فعليًّا على صنع القرار في بريطانيا، ما يجعل من الأهمية بمكان الحفاظ على هذه الممارسات وزيادتها للضغط على الحكومة من أجل الابتعاد عن دعم العمليات العسكرية على غزة.
المصدر: morningstaronline
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇