“أطلقوا النار على عائلتنا كلها”.. لاجئو قارب دونكاستر من السودان يروون مأساتهم
مع تصاعد العنف في السودان، لم يعد بإمكان الكثيرين البقاء في وطنهم، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في عدد اللاجئين السودانيين في المملكة المتحدة.
وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن أكثر من 3000 سوداني قدموا طلبات لجوء في بريطانيا، بزيادة تتجاوز 1000 طلب منذ الإبادة الجماعية في دارفور.
وفي لقاء مع لاجئين من دارفور ومتطوعين من “نادي دونكاستر للحوار”، تحدث إسماعيل عبد الرحمن، الممثل الرسمي لمجتمع اللاجئين السودانيين في دونكاستر، عن الأزمة الإنسانية المستمرة منذ أكثر من عقدين.
وأكد عبد الرحمن أن آثار الإبادة الجماعية لا تزال تطارد اللاجئين، وأن السودان يحمل الآن الرقم القياسي في أسوأ كارثة نزوح في العالم، مع تشريد أكثر من 10.2 مليون شخص.
الإبادة الجماعية في دارفور: بداية المأساة
وكانت ميليشيات الجنجويد قد بدأت بتدمير المناطق والقرى في دارفور بين عامي 2003 و2005، حيث أحرقت الميليشيات المنازل، واختطفت الأطفال، واغتصبت النساء، ومارست التطهير العرقي من أجل السيطرة على الأرض والسلطة.
يروي إسماعيل عبد الرحمن، الذي قضى سنوات طويلة هاربًا من العنف في بلاده، تفاصيل معاناته:
“كنت في الخامسة أو السادسة من عمري عندما هاجمت الجنجويد منزلنا. أخذوا كل ما لدينا، وأطلقوا النار على والدي وإخوتي الكبار أمام عيني. هذه المشاهد محفورة في ذاكرتي إلى الأبد”.
ويضيف: “اللاجئون وطالبو اللجوء يعانون من صدمات نفسية لا يمكن وصفها. حتى عندما يصلون إلى بر الأمان، يبقى الخوف يلاحقهم. لا أحد يغادر وطنه بمحض إرادته، ما لم يجبره أمر جلل على ذلك”.
دور نادي دونكاستر في حياة اللاجئين
هذا ويلعب نادي دونكاستر دورًا محوريًا في مساعدة اللاجئين على التكيف مع حياتهم الجديدة.
وفي هذا الصدد، تحدث بول فيتزباتريك، المتطوع في النادي، عن الفقر المدقع الذي شاهده أثناء زيارته للسودان عام 2018، حيث قال: “في ذلك الوقت، كانت أسعار الخبز ترتفع بشكل هائل، لكن الوضع اليوم أكثر كارثية، كما يعاني الناس من الجوع، وهناك ضرائب مفروضة على الطعام والمستشفيات. هذا وضع غير إنساني”.
وأشار بول إلى الخدمات التي يقدمها النادي، مثل مساعدة اللاجئين في تعبئة الأوراق الرسمية، والتقديم على رخص القيادة، ودروس اللغة الإنجليزية، فضلًا عن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي.
يروي عبد الله عمر، أحد اللاجئين السودانيين، تفاصيل رحلته المرعبة عبر البحر المتوسط: “كان علينا دفع 1000 جنيه إسترليني للصعود على قارب صغير مكتظ بـ170 شخصًا. لم يكن لدينا خيار آخر. قضينا 24 ساعة مكدسين، دون طعام أو ماء، حتى أنقذتنا فرق الإنقاذ الدولية”.
ورغم المخاطر، لا يزال اللاجئون يخاطرون بحياتهم هربًا من الموت. يقول إسماعيل عبد الرحمن: “خلال رحلتي من ليبيا إلى أوروبا، كنت أركض مع مجموعة كبيرة لتشتيت انتباه الشرطة، وقد نجا شخصان فقط من أصل 200 شخص على متن الرحلة”.
سياسات الهجرة البريطانية تزيد من معاناة اللاجئين
تواجه المملكة المتحدة انتقادات متزايدة بسبب سياسات الهجرة الصارمة، مثل خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا. وتزايدت المخاوف بعد تعرض فندق يضم اللاجئين في روثرهام لهجوم عنيف في أغسطس الماضي.
يتساءل عبد الله: “إلى أين نذهب؟ قطعنا آلاف الأميال هربًا من الموت، ليتم إرجاعنا إلى الخطر ذاته. كيف يمكنهم إرسالنا إلى الوراء؟”.
ورغم الأمان النسبي الذي ينعم به اللاجئون في المملكة المتحدة، إلا أن ذكريات ماضيهم المؤلم لا تزال حاضرة. يقول إسماعيل: “حتى الآن، أفكر في قريتي، في الجبال والوديان التي كانت لنا. لا أعتقد أنني سأتمكن من العودة إلى وطني يومًا ما”.
وختم إسماعيل حديثه: “أنا فخور بأنني لاجئ. قد ينظر الناس إلى الأمر كوصمة عار، لكنني أعرف جيدًا ما عشته، وما اضطررت لمواجهته للوصول إلى هنا. أريد أن أكرس حياتي لمساعدة اللاجئين الآخرين”.
هذا وتبقى مآسي دارفور واللاجئين السودانيين تذكيرًا حيًا بفظائع الحروب والنزاعات، وبالحاجة إلى حلول دولية تضع الإنسانية فوق كل اعتبار.
المصدر: Doncaster Free Press
اقرأ أيضاً :
الرابط المختصر هنا ⬇