الوجوه المتعددة لممارسة كراهية الإسلام في بريطانيا
لطالما ارتبطت كراهية الإسلام في بريطانيا وفي دول الغرب عمومًا باليمين المتطرف، ولكن هل توجد أشكال أخرى لهذه الظاهرة المتصاعدة ضد المسلمين؟ وما دور الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام في تجريد المسلمين من إنسانيتهم؟
يجيب تاج علي، وهو كاتب عمود في صحيفة “Islam Channel“، على ذلك من تجربته الشخصية.
يقول تاج علي: إنه كان في العام الحادي عشر من عمره عندما طُلب منه عدم المغامرة بالانضمام إلى لوتون تاون سنتر لأن دوري الدفاع الإنجليزي كان في المدينة. وكان مثله مثل كثير من المسلمين البريطانيين الذين يرون الهستيريا الخطيرة التي تتصاعد ضد المجتمعات المسلمة في جميع أنحاء البلاد مدعومة بمناخ إعلامي معادٍ يُشَيطِن هذه الأقلية باستمرار.
يؤكد عليٌّ أن كراهية الإسلام في بريطانيا لا تقتصر على اليمين المتطرف فحسب، بل إنها قضية ممنهجة ومتغلغلة في الإعلام والأحزاب السياسية التي تسعى إلى تصويرها بأنها قضية اليمين المتطرف في محاولة لإعفاء باقي الخلفيات السياسية من اشتراكها وتواطئها في هذه الظاهرة.
تنامي كراهية الإسلام في بريطانيا
في أكتوبر 2020 نشرت مجموعة “Hope Not Hate” الحقوقية تقريرًا يكشف عن نتائج الاستطلاع التي سلطت الضوء على انتشار كراهية الإسلام في حزب المحافظين. إذ أفادت النتائج أن آراء نحو 57 في المئة من أعضاء الحزب حول المسلمين كانت سلبية، فقد كانوا يعتقدون أن الإسلام يمثل “تهديدًا لأسلوب الحياة البريطاني”.
وانتقلت هذه القضية إلى قمة الحزب، حيث أذكى بوريس جونسون بنفسه نيران الإسلاموفوبيا؛ ففي عام 2005 صرّح جونسون أن “الإسلام هو المشكلة”، وقلل من شأن قضية خطابات الكراهية تجاه الإسلام بادعائه أن مخاوفه كانت “رد فعل طبيعي” على النص القرآني الذي يدعو إلى الجهاد.
وبعد أسبوع من تصريحاته المهينة للنساء المسلمات اللواتي يرتدين النقاب وتشبيههن بصناديق البريد ولصوص البنوك، سُجِّلت زيادة في جرائم كراهية الإسلام بنسبة 375 في المئة، ولم يكن الأمر محض مصادفة بالتأكيد.
كراهية الإسلام داخل حزب العمال
مع أن عددًا من نواب حزب العمال انتقدوا حزب المحافظين بسبب تلك الخطابات العنصرية، فإن صمتهم على كراهية الإسلام داخل صفوف حزبهم لم يمر مرور الكرام على مسلمين بريطانيين كثر.
ففي نوفمبر 2020 أصدرت شبكة العماليين المسلمين (Labour Muslim Nerwork) تقريرًا عن رهاب الإسلام داخل الحزب. ووجد التقرير، الذي بنى نتائجه على أكبر استشارة لأعضاء حزب العمال وأنصاره المسلمين، أن 29 في المئة من الأعضاء المسلمين عانوا من كراهية الإسلام داخل الحزب، وقد شهدها 37 في المئة منهم.
فضلًا عن ذلك قال 44 في المئة من المشاركين في الاستطلاع: إن حزب العمال لا يأخذ مسألة كراهية الإسلام على محمل الجد، وقال أكثر من نصف المشاركين أيضًا: إنهم لا يثقون بقيادة حزب العمال للتعامل مع هذه الظاهرة.
#LabourParty created #Islamophobia when attacked poor #Muslims Countries & caused #refugees & pretend to solve it with #Muslim #MPs who praise #TonyBlair & #knighthood that give them jobs for life when stand with #Labour not Mus
VIMTO #VIMTOTweets https://t.co/gAnjnCYCC2 pic.twitter.com/WvL7QChrk2— VIMTO 🍷 🍷 🍷 (@visitorsin) July 29, 2022
وقبل نشر النتائج، وُجِدت أدلة على تقاعس حزب العمال عن معالجة الإسلاموفوبيا. إذ وجد تقرير داخلي للحزب سُرِّب في إبريل 2020 أن هذه الظاهرة مرت على كبار المسؤولين داخل الحزب دون اعتراض.
هذا وصدر تقرير فورد (Forde) -وهو تحقيق في هذه الوثيقة المسربة ونتائجها- الشهر الماضي بعد تأخير دام عامين، وأشار إلى أن كبار موظفي حزب العمال أرسلوا كثيرًا من رسائل الواتس آب العنصرية التي تهاجم السود والمسلمين.
ويتهم التقرير الحزب بـ “إدارة هرمية من العنصرية والتمييز”. وقالت شبكة العماليين المسلمين (LMN) في ردها على التقرير: “أخبرَنا أعضاءُ الحزب المسلمون باستمرار أن أكثر معاناتهم من الإسلاموفوبيا كانت في قاعدة الحزب.
كل هذه النتائج لا تعني إلا شيئًا واحدًا: كراهية الإسلام داخل حزب العمال من جهة، ودعوته إلى الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة ثقة أعضائه وأنصاره المسلمين الذين يخدمونه في الحملات الانتخابية من جهة أخرى.
تواطؤ وسائل الإعلام!
تجدر الإشارة إلى أن العديد من الصحفيين أغفلوا الإشارة إلى الإسلاموفوبيا في تقاريرهم عن فورد. وهذه الخطوة المدفوعة باختيار واعٍ ما هي إلا انعكاس لمواقفهم تجاه نضال المسلمين البريطانيين ومعاناتهم في بريطانيا.
وبدلًا من تسليط الضوء على دور الأحزاب السياسية وتصريحات الشخصيات البارزة حول هذه القضية، فقد كرست بعض وسائل الإعلام جهودها في تشويه صورة المسلمين البريطانيين لسنوات.
وفي هذا السياق وجدت دراسة أجراها المجلس الإسلامي البريطاني أن معظم الأخبار التي تغطيها وسائل الإعلام البريطانية حول المسلمين سلبية.
ويتضح أيضًا أن كراهية الإسلام قضية منتشرة في المجتمع البريطاني، ومع ذلك فهي لا تخضع إلى الفحص والتدقيق المطلوبين، ما يترتب عليه تداعيات وعواقب خطيرة متمثلة في جرائم الكراهية الآخذة في الازدياد.
فبين عامي 2018 و2019 كانت نصف جرائم الكراهية الدينية المبلغ عنها في بريطانيا ضد المسلمين، وهي ليست أقل خطورة من مذبحة مسجد كرايستشيرش في نيوزيلندا المدفوعة بأيديولوجية معادية للإسلام لا تزال سائدة في المجتمعات الغربية ولم تُتَّخَذ بعد الإجراءات الصارمة لمنعها.
لقد حان الوقت لأخذ مسألة كراهية الإسلام في بريطانيا على محمل الجد.
اقرأ المزيد:
انتقادات لقائد شرطة لندن الجديد بعد أن قال إن الإسلاموفوبيا ليست جريمة
بعد 5 سنوات من هجوم مسجد فينسبري .. تصاعد حدة الإسلاموفوبيا في بريطانيا
اتحاد المعلمين في اسكتلندا يدعو لتدريب العاملين في قطاع التعليم على مواجهة الإسلاموفوبيا
الرابط المختصر هنا ⬇