كامل حواش: مشروع قانون مناهضة مقاطعة إسرائيل يهدد الديمقراطية البريطانية
إنّ الإعلان الأخير في خطاب الملكة عن خطة الحكومة لمنع الهيئات العامة من المشاركة في حملات مقاطعة إسرائيل – بحجة أنّ مثل هذا النشاط من شأنه أن يؤثر على التماسك المجتمعيّ – كان مطروحًا منذ الحملة الانتخابية لعام 2019 ، عندما تعهد المحافظون بفعل ذلك بالضبط.
هذه السياسة مدفوعة بالرغبة في حماية إسرائيل من حملة المقاطعة الفلسطينية السلمية وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ( BDS ).
على الرغم من الادعاء بأنَّ حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) غير فعالة إلى حد كبير، إلا أنَّ إسرائيل تنفق ملايين الدولارات على جهود مكافحة الحركة.
وتضمنت أفعالها السابقة، منع نشطاء المقاطعة الأجانب من دخول إسرائيل، ودفع الولايات الأمريكية إلى تبني قوانين مناهضة للمقاطعة تعاقب الشركات على ممارستها لحركة المقاطعة.
في عام 2015 ، سخر بوريس جونسون، رئيس بلدية لندن آنذاك، من المؤيدين البريطانيين لحركة المقاطعة.
قال مايكل جوف، سياسيّ محافظ بارز، في عام 2016، إنَّ حملة مقاطعة إسرائيل كانت “جريمة أسوأ من الفصل العنصريّ”.
بينما أكدت العديد من مجموعات حقوق الإنسان منذ ذلك الحين أن إسرائيل تمارس الفصل العنصريّ ضد السكان الفلسطينيين.
اليوم، في ظل حكومة جونسون، سيشرف السياسي المحافظ جوف على محاربة بريطانيا لحركة المقاطعة.
جاء إعلان الأسبوع الماضي، في خطاب الملكة بعد تصويت برلماني في شباط/ فبراير لحظر مقاطعة إسرائيل لصناديق التقاعد العامة، مما حد بشدة من حقوق مديري الصناديق في أخذ آرائهم الأخلاقية بعين الاعتبار عند الاستثمار.
الدعوة للمساواة
تتهم الدعاية الإسرائيلية بشكل دائم أنصار حركة المقاطعة بمعاداة السامية، وهو ادعاء لا أساس له عند تفصيل مطالب الحركة.
تدعو حركة المقاطعة (BDS) إلى إعمال الحقوق الفلسطينية الأساسية، بما في ذلك إنهاء الاحتلال الإسرائيليّ، والمساواة في المعاملة لجميع المواطنين، واحترام حق العودة للاجئين الفلسطينيين. هذه المطالب ليست قانونية وسلمية فحسب، بل أخلاقية أيضًا.
لا تشكل حركة المقاطعة (BDS) أيّ تهديد للمجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم. إن حجة “تماسك المجتمع” لن تصمد؛ كيف يمكن لحركة تدعو إلى المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات ضد دولة أجنبية أن تؤثر على المجتمعات في المملكة المتحدة؟
يشير الدافع لتطبيق سياسة مناهضة للمقاطعة، إلى أن بريطانيا لن تحاسب إسرائيل على جرائمها؛ خوفًا من أن تزعج الجالية اليهودية في المملكة المتحدة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ أفراد الجالية اليهودية لديهم وجهات نظر مختلفة بشأن إسرائيل، والعديد منهم لديهم اعتراضات شديدة على سياسات الفصل العنصريّ الإسرائيلية وقمع الفلسطينيين.
في الواقع، يجب على حركة المقاطعة (BDS) أن تحث أعضاء المجتمعات اليهودية الذين يزعمون أن لديهم صلة بإسرائيل على التحدث عن تاريخها المروع والانتهاكات المتكررة في حقوق الفلسطينيين، من خلال قانون الدولة القومية لعام 2018، الذي يقنن الحقوق العليا للمواطنين اليهود ويمهد الطريق لمزيد من الضم الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينية.
المعايير المزدوجة
بعد خطاب الملكة، يبدو أنَّ المحافظين ملتزمون بتقديم مشروع قانون مناهض للمقاطعة إلى البرلمان قريبًا.
ومع ذلك ، بالنظر إلى تأييد بريطانيا للعقوبات ضد موسكو بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ، فقد تجد الحكومة صعوبة في الوصول إلى صياغة تحد من مقاطعة إسرائيل، بينما تسمح لها في دول أخرى!
لقد كان النشطاء الفلسطينيون وغيرهم من نشطاء العدالة الاجتماعية على دراية بأنّ هذا قادم، وهم ينظمون أنفسهم منذ بعض الوقت.
في الشهر الماضي، اتحدت عشرات المجموعات لإطلاق موقع على شبكة الإنترنت وإصدار بيان يحذّر من التشريع المقترح الخاص بمناهضة المقاطعة، ويدعو الحكومة إلى التراجع عنه. أطلقوا على شراكتهم اسم “الحق في المقاطعة”. (Meta-Calculator)
بينما يوضح إعلان الأسبوع الماضي، أنَّ النشطاء لم يقنعوا الحكومة بالتخلي عن سعيها المناهض للمقاطعة، يتحول التركيز الآن إلى ضمان عدم تمرير هذا القانون.
يحتاج البرلمانيون إلى القيام بالكثير من التعمق في الذات في الأيام المقبلة، وسؤال أنفسهم عما إذا كان تقليص الحقوق الديمقراطية هو الثمن العادل الذي يجب دفعه مقابل الحفاظ على العلاقات السياسية مع إسرائيل!
تتمتع الحكومة البريطانية بأغلبية ساحقة في البرلمان، ومن المحتمل أن تمرر أي تشريع تختاره، ما لم يكن هناك تمرد من أعضاء مجلس النواب.
في هذه الحالة، يمكن أن ينجم مثل هذا التمرد عن الخوف من أن مشروع قانون مناهضة المقاطعة من شأنه أن يزيد من تآكل الحقوق الديمقراطية في المملكة المتحدة.
يجب أن يقف النواب البريطانيون على الجانب الصحيح من التاريخ وألّا يكتفوا بالتغلب على هذا القانون، بل أن يضعوا أخيرًا حدًا للمعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بالشعب الفلسطينيّ، وأن يضمنوا محاسبة إسرائيل على جرائمها.
اقرأ أيضًا:
بيلا حديد تلقن إسرائيل والإعلام الغربي درسا قاسيا بعد رحيل أبو عاقلة
الرابط المختصر هنا ⬇