قمة المناخ.. اقتلوهم بدون كربون!
يتداعى قادة العالم للقاء جديد في قمة المناخ COP28، يتداولون فيه أحوال المناخ وتقلباته، وأخطاره والاحتباس الحراري وأثره على البيئة والاقتصاد وحياة الشعوب، الطاقة وإعادة التدوير والانبعاثات الكربونية وكلّ كذبات الاستدامة والبيئة الخضراء.
من المجحف إنكار خطر المناخ القادم، والذي تجتمع الأمم سيما دول أوروبا لتخفيف خطره، وتتخذ خطوات جادّة للحدّ منه بمختلف الوسائل والطرق، وعلى الرّغم من أنّها المسبّب الأوّل والمستفيد في آن واحد، إلّا أنّ الخطوات التي تتخذها عواصم أوروبية مثل لندن وبرلين وأمستردام تعتبر متقدّمة جدًّا، فكيف يصحّ أن نسمّيها كذبات الاستدامة ومئات الملايين تصرف للوصول إلى التوازن الكربوني بحلول 2050؟
لن أتطرّق هنا إلى أباطرة الاقتصاد أو أدخل في تحليل اقتصاديّ وبيئيّ، أو حتّى تقييمٍ أخلاقيٍّ للسّياسات البيئية حول العالم، لكنّه من المنصف بهذا المقام أن نفهم الغاية من التسويق لما يسمى بالاستدامة في العقدين الأخيرين ودوافعها، تمامًا كما الغاية من حقوق الإنسان والمرأة والطفل والدلافين والشجرة والأحجار والكائنات التي لما تخلق بعدُ، كل هذا حجّته الإنسان.
الاستدامة.. أدوات تدجين الشباب!
يعرف عالمنا العربي الاستدامة من خلال مؤسسات التنمية غير الربحية، فالأوروبيون مولعون بممارسة تفوّق الرّجل الأبيض بشكلٍ حضاريّ، برامج تدريب وورشات عمل ومبادرات تنموية، “كوفي بريك” وإطلالة جميلة في فندق مرفّه، هذا ما تحصل عليه النخبة المختارة، تعزّز التكيّف مع بؤس الواقع دون الخروج منه، وتنتج في غالبها مجموعات مدجّنة من الشّباب العربي.
أرهقنا العالم بضرورة الحفاظ على البيئة وخطر المناخ القادم، ولكننا لم نسمع يومًا عن الاستدامة والحفاظ على البيئة في زمن الحرب! ترهقنا بلدية لندن مثلًا بضرورة تقديم دراسات جدوى قبل هدم البناء وبمحددات دنيا لاستهلاك الطاقة كشرط للموافقة على البناء، وترهق بلداننا بمبادرات إعادة التدوير وحفظ الثروات والمصادر وضرورة الحرص على المشاعر المرهفة للبيئة. ولكن أين استدامة الحروب؟ وهنا أقصد الاستدامة باصطلاحها العام، أي استدامة الكوكب في واقع الحروب.
إف 16 تعمل بوقود صديق للبيئة!
على منظمات المجتمع المدني أن تعمل بشكل عاجل على وضع سياسات صارمة لاستدامة الحروب. فمن الواجب وضع حدّ لاستخدام الوقود الأحفوري في طائرات الأباتشي وال إف 16 وال إف 35، واستبدالها بوقود صديق للبيئة أو بالقصف المباشر والذي يقتل المدنيين والأبرياء دون عناء انبعاثات “المواصلات”، أو ربّما منع استخدام الفسفور الأبيض والاكتفاء بالقذائف التي تهدم البيوت على ساكنيها فيختنقون تحت الركام عوضًا عن الاختناق بالفسفور، وبهذا نكون قد وفّرنا خطر غبار البناء “الإسبستوس” وعناء التخلص منه.
أضف إلى ذلك ضرورة وضع بروتوكول لإعادة تدوير ركام المنازل ممزوجًا بأشلاء النساء والأطفال في مدارس الأونروا، وبندًا يعفي الفلسطينيين من تصنيف أبنيتهم المهدّمة على رؤوس ساكنيها وفق استهلاكها للطاقة، وآخرَ يستثنيهم من ضرورة استخدام مصادر الطاقة البديلة، فلا كهرباء ولا غاز ولا بشر بعد القصف.
على الفلسطينيّين أن يعتذروا!
في هذا العالم المنافق، على الفلسطينيين أن يعتذروا، فقد كلّفوا العالم كثيرًا من الانبعاثات الكربونية لقتلهم، وربّما عليهم أن يعتادوا العيش في الخيم، فإعادة الإعمار تعني المزيد من استهلاك الموارد وبالتالي ارتفاع الانبعاثات الكربونية مرة أخرى.
في هذا العالم المنافق، يُتوقّع من الفلسطيني أن يكون ضحيّة “مستدامة”، أن يشكر قاتله وألا يعبّر عن وجعه بل أن يدين نفسه ويحرّض على من يحاول أن يدعمه. وإن أراد أن يصرخ بعد كل هذا الظلم والقهر والخذلان فلا بدّ أن يخضع صراخه ل”تقييم الإزعاج” حرصًا على راحة القاتل والجلّاد، فمن حقّ الفلسطيني أن يتألّم، لكن بصمت!
عذرًا عزيزي القارئ خرجت عن النص، ولأطمئنك أكثر فأنا أدين القاتل والشيطان والوسواس والخنّاس، دعك من كلّ هذا، حافظوا على البيئة واستخدموا الأكياس الورقيّة وإن أردتم أن تقتلوا الفلسطيني فافعلوا، لكن أرجوكم أن تقتلوه من دون كربون!
بعد قتل جيش الاحتلال أكثر من 20 ألف شخص وتدمير 60 ألف مبنى في أقل من 60 يومًا.. هل يجرؤ العالم على إيقاف العدوان ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب الفظيعة المرتكبة ضد المدنيين في #غزة؟#شاهد#العرب_في_بريطانيا AUK pic.twitter.com/p8N0aYZ3Mq
— AUK العرب في بريطانيا (@AlARABINUK) December 1, 2023
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇