في خضم النزاعات الشعبية.. حزب ريفورم يتوعد بترحيل جماعيّ لطالبي اللجوء
في خطوة مثيرة للجدل، أعلن حزب ريفورم البريطاني (Reform UK) بقيادة نايجل فاراج عن خطط لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية لطالبي اللجوء الذين يصلون إلى بريطانيا على متن القوارب الصغيرة.
وزعم فاراج في تصريحات لصحيفة التايمز إن بريطانيا تواجه “أزمة ضخمة” تهدد الأمن القومي وقد تفضي إلى اضطرابات شعبية واسعة.
تفاصيل خطة الترحيل الجماعي
بحسب ما طرحه الحزب، فإن الوافدين الجدد يمكن أن يُعتقلوا فور وصولهم إلى الأراضي البريطانية، ثم يُحتجزوا في قواعد تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني خرجت من الخدمة، على أن يُعادوا لاحقًا إلى بلدانهم الأصلية إذا ما توصلت الحكومة إلى اتفاقيات مع دول مثل أفغانستان وإريتريا ودول أخرى تعدّ مصدرًا رئيسيًا للهجرة.
وتقدّر كلفة الخطة بنحو 10 مليارات باوند خلال خمس سنوات، لكن الحزب يرى أنها ستوفر على الدولة أعباء مالية طويلة المدى، لاسيما فيما يتعلق بتمويل الفنادق المخصصة لطالبي اللجوء.
كما ينص مشروع قانون الهجرة غير الشرعية (الترحيل الجماعي) على إمكانية ترحيل اللاجئين إلى الأقاليم البريطانية ما وراء البحار مثل جزيرة أسينشين كخيار بديل، إضافة إلى البحث في إرسالهم إلى “دول ثالثة” كـ رواندا وألبانيا.
وكانت خطة رواندا التي أطلقتها حكومة المحافظين السابقة قد واجهت عراقيل قضائية متكررة، ولم يُنقل بموجبها سوى أربعة أشخاص قبل أن تُلغى على يد حكومة حزب العمال.
أدعى فاراج على أن الهدف من هذا التشريع هو “إيقاف تدفق اللاجئين عبر الترحيل الجماعي”، مضيفًا: “إذا علم الناس أنهم سيُحتجزون ويُرحَّلون فسيتوقفون عن القدوم بسرعة كبيرة. هذه الأزمة لا تهدد الأمن القومي فحسب، بل تثير غضبًا شعبيًا يقترب من حافة الفوضى”.
كما طالب بخروج بريطانيا من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تأسست عام 1950 وتعد جزءًا محوريًا من التشريعات البريطانية.
تصاعد أزمة الهجرة وضغوط على الحكومة
في المقابل، تواجه الحكومة البريطانية تحديات متزايدة في ملف الهجرة، إذ سُجل خلال العام المنتهي في حزيران/ يونيو 111 ألف طلب لجوء، وهو رقم قياسي جديد.
ورغم هذا الارتفاع، كشفت بيانات وزارة الداخلية عن انخفاض إنفاق الدولة على ملف اللجوء بنسبة 12%، ليصل إلى 4.76 مليار باوند في آذار/ مارس 2025 مقارنة بـ 5.38 مليار في العام السابق.
وتشمل هذه النفقات الدعم النقدي المباشر والإقامة، دون أن تغطي تكاليف اعتراض المهاجرين أثناء عبورهم القنال الإنجليزي.
كما ارتفعت أعداد الواصلين عبر القوارب الصغيرة بنسبة 38%، وجاء أكثر من نصفهم من أفغانستان وإريتريا وإيران والسودان وسوريا.
وأكدت وزيرة الداخلية إيفيت كوبر أن الحكومة العمالية الجديدة ورثت “نظامًا للهجرة واللجوء في حالة فوضى”، مشيرة إلى أن السلطات شددت الرقابة على الحدود و”زادت بشكل حاد” من عمليات الإنفاذ والترحيل.
ردود الفعل السياسية على خطة ريفورم
أثارت مقترحات فاراج موجة من الانتقادات داخل المشهد السياسي. فقد وصفتها أنجيلا إيغل، مسؤولة أمن الحدود في حكومة العمال، بأنها مجرد “مقترح خيالي آخر من حزب سيقول أي شيء بحثًا عن عناوين الصحف”. وأضافت: “نحن نعمل على إصلاح نظام اللجوء وضمان ترحيل كل من لا يملك الحق في البقاء”.
أما حزب المحافظين، فرأى أن حزب ريفورم يعيد تدوير أفكار قديمة. وقال وزير الداخلية في حكومة الظل كريس فيلب: “هذا الإعلان الكبير ليس سوى إعادة طرح لأفكار سبق أن أعلنها المحافظون. فاراج قال في وقت سابق إن الترحيل الجماعي مستحيل، والآن يزعم أنه جزء من سياسته. من يدري ماذا سيقول لاحقًا”.
قراءة في خلفيات الطرح الجديد
يأتي إعلان حزب ريفورم في وقت يشهد فيه المجتمع البريطاني توترًا متزايدًا تجاه قضايا الهجرة، ما يجعل الخطاب المتشدد وسيلة سياسية لجذب الأصوات أكثر من كونه حلًا عمليًا للأزمة.
فالتجربة السابقة مع خطة رواندا أظهرت أن مثل هذه المبادرات غالبًا ما تصطدم بعقبات قانونية وإنسانية تعرقل تطبيقها، ما يجعل من الصعب اعتبارها استراتيجية واقعية.
كما أن التركيز على الترحيل الجماعي يتجاهل السياق الأوسع لأزمة اللجوء، التي ترتبط بالنزاعات المستمرة في دول المنشأ والأوضاع الاقتصادية والإنسانية العالمية.
ومن دون معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، قد تبدو هذه الخطط أقرب إلى أدوات انتخابية قصيرة المدى، بدلًا من أن تكون حلولًا قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
المصدر: بي بي سي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
15°C
