غزة تودّع أنس الشريف.. الصحفي الذي تحدّى الاحتلال حتى اللحظة الأخيرة

في ضربة جديدة لحرية الصحافة في فلسطين، اغتالت غارة جوية إسرائيلية على غزة الصحفي البارز في قناة الجزيرة أنس الشريف وأربعة من زملائه، بينما كانوا داخل خيمة مخصصة للإعلاميين قرب مستشفى الشفاء في مدينة غزة. الهجوم، الذي أقر به جيش الاحتلال، جاء بعد أشهر من التهديدات العلنية التي طالت الشريف بسبب تغطيته الميدانية للحرب، ما أثار موجة تنديد محلية ودولية واتهامات لإسرائيل باستهداف الصحفيين لإسكات أصواتهم.
غارة على خيمة الصحفيين أمام مستشفى الشفاء
وفق قناة الجزيرة، أسفر القصف عن استشهاد سبعة أشخاص، بينهم المراسل محمد قريقه والمصورون إبراهيم زاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة، إضافة إلى الشريف.
نعت الجزيرة مراسلها واصفة إياه بأنه “أحد أشجع صحفيي غزة”، معتبرة الهجوم “محاولة يائسة لإسكات الأصوات قبل احتلال غزة”.
الشريف كان قد صرّح للجنة حماية الصحفيين في يوليو الماضي بأنه يعيش “في شعور دائم بأنني قد أُقصف وأُستشهد في أي لحظة”. وبعد استشهاده، قالت اللجنة إنها “مروّعة” من مقتل الصحفيين، مؤكدة أن “تكرار وسم الصحفيين بالإرهابيين دون أدلة موثوقة يثير شكوكًا جدية حول نوايا إسرائيل واحترامها لحرية الصحافة”.
مسيرة مهنية في قلب الخطر
أنس الشريف، البالغ من العمر 28 عامًا، ترك خلفه زوجة وطفلين صغيرين، وفقد والده في قصف إسرائيلي على منزل العائلة بمخيم جباليا في ديسمبر 2023، لكنه رفض مغادرة شمال غزة وأصر على مواصلة عمله. قبل دقائق من استشهاده، كتب على منصة X: “عاجل: قصف إسرائيلي مكثف باستخدام أحزمة نارية يستهدف المناطق الشرقية والجنوبية من مدينة غزة”. وفي رسالة وداعية كتبها في أبريل الماضي ونشرتها الجزيرة بعد وفاته، قال: “عشت الألم بكل تفاصيله، وذقت المعاناة والفقد مرارًا، ولم أتردد يومًا في نقل الحقيقة كما هي، بلا تحريف أو تزييف”.
سجل دموي ضد الصحفيين
الهجوم يأتي ضمن سلسلة استهدافات طالت مراسلي الجزيرة وعائلاتهم، من بينهم حسام شبات، وإسماعيل الغول، ورامي الرفاعي، إضافة إلى مقتل عائلة كبير مراسلي القناة وائل الدحدوح، وإصابة الأخير لاحقًا في قصف أودى بحياة المصور سامر أبو دقة. غزة تعيش اليوم تحت حظر دخول الصحفيين الأجانب واستهداف الصحفيين المحليين،
إذ تؤكد إحصاءات مكتب الإعلام الحكومي في غزة استشهاد 237 صحفيًا منذ السابع من أكتوبر 2023، بينما توثّق لجنة حماية الصحفيين مقتل 186 منهم على الأقل.
رحيل أنس الشريف يختزل مأساة الصحافة الفلسطينية التي تدفع ثمن التمسك بالحقيقة. إن استهداف الصحفيين ليس مجرد جريمة حرب، بل محاولة منظمة لإطفاء عين الشاهد وكسر إرادة الشعوب في رواية قصتها. منصة “العرب في بريطانيا” تؤكد أن حماية الصحفيين واجب دولي، وأن الصمت على هذه الجرائم لا يعني سوى تشجيع القاتل على مواصلة القتل.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيّضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇