العرب في بريطانيا | عيد فطر سعيد ‏ - العرب في بريطانيا - AUK

1445 شوال 16 | 25 أبريل 2024

عيد فطر سعيد ‏

عيد فطر سعيد ‏
لانة الصميدعي May 5, 2022

بكل اللهجات والعادات والتقاليد المتنوعة والجميلة مرت علينا – نحن الأمة العربية والإسلامية – أيام عيد الفطر السعيد التي تشاركت فيها جميع البيوت والشعوب والدول، وخاصة بعد تغير الحال والتباعد الذي اضطر إليه الجميع في العالم في جائحة كورونا.

والتي لم يكن من السهل التعامل معها، وتجاوزها بطريقة صحية وسليمة؛ حيث فُرض ‏التباعد الاجتماعي – الذي غيّر كثيرًا من معاني العيد – حفاظًا على صحة الجميع. ولأننا نريد الجميع أن يكون بخير وسلام فقد التزم كل ‏الناس بقواعد السلامة، وكانت التهاني والمعايدات عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات المرئية فقط دون اللقاء الجسدي.

نكهة مميزة 

للعيد نكهة خاصة عند الأطفال
عيد فطر سعيد ‏ (بيكساباي)

ومن ثَمّ كان لهذا العيد في هذا العام نكهة خاصة جدًّا وبهجة، وهذه النكهة هي التي اعتادها الأطفال والكبار وجميع المجتمعات، وجميع النواحي الخدمية التي تقدم فرحة العيد وتسهلها، وخاصة لمن يعيشون في دول الغرب، وكذلك الأمر لمن يعيشون في الشرق.

فالحمد لله الذي أذهب عنا الوباء والداء، ‏ورحمة الله على الشهداء الذين نحتسبهم قد ذهبوا في تلك الجائحة المؤلمة.

ثم تلاقى الناس منذ بدايات شهر رمضان المبارك هذا العام في إفطارات وزيارات وجلسات اجتماعيّة وخيرية متعددة كما تعودنا في كل عام من هذا الشهر المبارك… شهر التواصل والجود والمحبة والسلام.

وكذلك كان الخير والبركة في لقائهم واجتماعهم في صلاة التراويح، وكذلك في العشر الأواخر في صلاة التهجد والقيام قائمين راكعين داعين الله أن يوحِّد كلمتهم ويجمع شملهم، وأن تعلو راية الحق والخير، وأن يرحم الله من فارقونا، ويحفظ الباقين.

‏حتى كان التتويج في حفلاتهم وفرحتهم بحلول عيد الفطر السعيد؛ حيث عادت أجواء التكبيرات وحركة البيع والشراء التي اعتادتها الأسواق التي تقدم البضائع (الحلال) والخاصة بمثل هذه المناسبات في دول الغرب، وكذلك فُتِحت الساحات والحدائق لصلاة العيد كما فعل الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ إذ صلى العيد في الخلاء، ‏وأمر الجميع رجالًا ونساءً وأطفالًا، وحتى ذوات العذر الشرعي أن يخرجن إليها.

فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ. (johnnydelmonicos.com) قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا. [أخرجه مسلم].

(الْعَوَاتِق) جَمْع عَاتِق، وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ الْحُلُم أَوْ قَارَبَتْ، أَوْ اِسْتَحَقَّتْ التَّزْوِيج.

(وَذَوَات الْخُدُور) هن الأبكار.

قال الحافظ: فِيهِ اِسْتِحْبَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى شُهُودِ الْعِيدَيْنِ سَوَاءٌ كُنَّ شَوَابَّ أَمْ لا وَذَوَاتِ هَيْئَاتٍ أَمْ لا. ‏

العيد يجمع ما فرقته الحروب

عيد مبارك
عيد فطر سعيد ‏ (بيكساباي)

وفي ذلك المحفل العظيم والتجمع المهيب نجد لوحات متنوعة وجميلة من شتى الألوان والملابس والعادات والتقاليد والأزياء التي هي مصداق لقوله تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [سورة الحجرات – الآية: 13]. ‏

ويتعرف الجميع إلى عبارات التهنئة والمباركات بشتى اللهجات ‏الدارجة، والتي قد يفهمها بعض الناس، وقد يحتاج بعضهم الآخر إلى شرح مقصودها.

فكما يبارك ويهنئ أهل العراق بقولهم: “أيامكم سعيدة” يأتي أهل مصر ليردوا عليهم بقولهم: “كل سنة وإنتو طيبين”، ويأتي أهل شمال إفريقيا من دولة المغرب ليهنّؤوا فيقولوا: “عواشر مبروكين وصحّة عيدكم وفطوركم وسحوركم”، ثم يأتي أهل الشام بتهنئتهم قائلين: “كل سنة وإنتو سالمين، وكل عام وإنتو بخير وصحة وسلامة”، ليشترك الجميع مع دول الخليج في تهنئتهم: “من العايدين والفايزين”، ولتشترك ‏جميع الشعوب في تناسي كثير من الجراحات والخلافات، ونتائج الحروب والصراعات؛ ليأخذوا استراحةً نفسيةً فكرية في هذه الأيام المباركة السعيدة.

وحده العيد يبقى

عيد مبارك
عيد فطر سعيد ‏(بيكساباي)

وليبقى صوت العيد هو صوت السعادة والفرح، وتتناول الحلوى بشتى أنواعها وأشكالها وقوالبها المختلفة ونكهاتها اللذيذة، والتي تتجلّى حتى مع المحتاجين والمنكوبين لينعموا بفرحة العيد في مشروع “عيدية العيد” و”كسوة اليتيم”، وتوزيع الجوائز والهدايا المالية والعينية.

وبعد هذه ‏البهجة والسرور لا ينسى الجميع إكمال المسيرة، ومواصلة مسيرة الخير والسعي لمرضاة الله بتتويج شهر شوال (شهر العيد) بصيام ستة أيام منه أيًّا كانت.

متبِّعينَ حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَامَ رَمَضانَ، ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ). [رواهُ مُسْلِمٌ‏].

وتجتهد السيدات والفتيات كذلك في هذا الشهر في قضاء أيام رمضان التي أفطرن بها لأجل عذرهن الشرعي.

‏فتكون أجواء هذا الشهر كذلك – شهر شوال – مقاربةً لأيّام شهر رمضان الفضيل الذي ودَّعنا أيّامه ولياليه، ولم نودِّع فضائله ودروسه التي نهلنا منها الكثير طوال ثلاثين يومًا.

فنحنُ ربّانيّون لا رمضانيّون… نعم رمضان هو مدرسة التهذيب والجود والارتقاء، لكنَّ رب رمضان هو رب جميع الشهور، وما فاتك في رمضان لسبب ما، أو لتقصيرك أو غلَبة شهوة نفسك، فأنت قادر – لا شك – على تعويضه وجبره وإصلاحه مع ربك العفو الكريم طوال العام.

فما رمضان إلا بداية لمضمار الخيل الأصيلة التي لا تترك الميدان والسباق أبدًا حتى تصِل إلى هدفها.

ولا نكنْ ‏ممن عمل واجتهد، ثم ترك وأفسد كما قال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ۚ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [سورة النحل – الآية: 92].

قال قتادة: فلو سمعتم بامرأة نقضت غزلها من بعد إبرامه لقلتم: ما أحمق هذه! فقد كانت تُبرم غزلها ثم تنقضه، وهي قصة حقيقية لامرأةٍ كانت بمكة!

وهذا مثَلٌ ضربه الله لمن نكث عهده ونكث ما كان عليه من الخير والصلاة والهداية والتسامح لينقلب على عقبه، ويرجع كل ما كان إلى ما كان! متناسيًا المبدأ الذي يجب أن نعيش عليه: (اعبد ‏الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).

نسأل الله حُسن البداية وحُسنَ النهاية، وأن نكون ممن خُتم لهم بالقبول والغفران، والعتق من النيران، والفوز بأعالي الجِنان. آمين يارب العالمين.

وعيد فطر سعيد مني لكم وللجميع حول العالم.

 

 


 

اقرأ أيضاً :

نحو 3 آلاف يشاركون المنتدى الفلسطيني صلاة وحفلي العيد بمدينتي لندن ومانشستر

أكثر من 20 ألفًا يصلون العيد في حديقة كبرى بمدينة بيرمنغهام

مسجد جرين لاين يقيم احتفالين ضخمين بالعيد في بيرمنغهام