العرب في بريطانيا | على أي خبر سنستيقظ؟

1446 ذو القعدة 30 | 28 مايو 2025

على أي خبر سنستيقظ؟

مقالArtboard 2 copy (2)
ريم العتيبي May 8, 2025

في كل صباح، لا نكاد نفتح أعيننا حتى تنهال علينا العناوين المحمّلة بأخبار الدم والخذلان: من حربٍ في غزة، إلى صراعٍ في السودان، إلى فقرٍ في اليمن، ووجعٍ في سوريا، والأردن، ولبنان. لا يكاد يخلو بلد عربيّ من معاناةٍ تُدمي القلب وتعجز عن وصفها الكلمات. أصبح خبر القتل عاديًّا، والنزوح متوقَّعًا، والانهيار الاقتصادي خبزنا اليومي. صرنا نبحث عن بصيص فرحٍ في زوايا العتمة، نتعلّق بأيّ خبرٍ لا يبدأ بالموت.

حين يصبح الوجع خبرًا يوميًّا يستنزف حياتنا.

لم نعد نسأل: “ما الجديد؟”، بل بتنا نسأل: “أين اشتعلت النار اليوم؟”، نستيقظ وفي قلوبنا رهبة من سماع خبرٍ أصعب من الخبر الذي سبقه.

في عالمنا العربي، صارت النشرات الإخبارية مرآةً لواقعٍ مريض، يفيض بالحروب، وينزف فقرًا وتشريدًا وانهيارًا، فضلًا عن الظلم وطمس أصوات الحق. من غزة إلى الخرطوم، ومن بغداد إلى صنعاء، تتكرّر المآسي بأشكال مختلفة وقصصٍ متشابهة في الألم، لكن الوجع واحد.

تُختزل حياة الشعوب في أرقام القتلى والمصابين، وفي تقارير عن حصارٍ وجوعٍ وانقطاع رواتب. لا حديث عن تنمية، ولا عن كرامة الإنسان. أصبح الخبر السار حدثًا نادرًا، لا يطفو على السطح إلا ليُغرقه وابلٌ من الكوارث.

أجيالٌ كاملة نشأت على أصوات الانفجارات، وعلى مشاهد النزوح، وعلى أخبار الموت التي تبثّها الشاشات صباحَ مساء. أصبح الطفل العربي يعرف أسماء الأسلحة أكثر من أسماء البلدان، ويحفظ تواريخ المجازر أكثر من أعياد وطنه، ويتحدث وكأنه أكبر من عمره بسنوات.

الواقع لم يعد يحتمل تجميلًا، والحديث عن الأمل يبدو أحيانًا وكأنه ترفٌ أو هروب. فكيف نطلب من شعوبٍ مسحوقة أن تحلم، وقد جافاها النوم أصلًا؟!

ما يُعمّق الجراح ليس الحروب فقط، بل غياب العدالة والكرامة والحق في الحياة. الأنظمة غارقة في الصراعات، والشعوب تُركت وحدها تُصارع الجوع والخوف. الاقتصاد ينهار، والفساد ينهش ما تبقّى، والمواطن ضائعٌ بين وعودٍ لا تُنفَّذ، وسلطاتٍ لا تُحاسَب، وأحكامٍ تعسفية لا تُظهِر إلا الظلم.

الحرية تُقمع، والأفواه تُكمَّم، ومن يصرخْ يُقْصَ من المشهد. لم يعُد هناك من يسمع صوت المواطن البسيط، ذاك الذي لا يريد أكثر من حياةٍ آمنة، وكلمةٍ صادقة، وكرامةٍ تحفظه.

وسط هذا الظلام، يبقى السؤال الأكبر: هل من مخرج؟ هل من يومٌ نستيقظ فيه على خبرٍ يُحيي فينا شيئًا من الفرح؟

ربما. لكن ما نحتاج إليه أولًا هو صحوةٌ حقيقية، تبدأ من الداخل: وعي، ورفض، ومحاسبة، وموقف. فلا تغيير يأتي من فراغ، ولا نهاية للوجع والألم دون أن نكسر الصمت ونُطالب بالحياة، لا بالبقاء فقط.

 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقًا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
10:07 am, May 28, 2025
temperature icon 18°C
broken clouds
Humidity 65 %
Pressure 1015 mb
Wind 21 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 75%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 4:52 am
Sunset Sunset: 9:03 pm