علماء: تلوث الهواء في بريطانيا ما زال يتجاوز الحدود الصحية الموصى بها

سجّل تلوث الهواء في بريطانيا انخفاضًا ملحوظًا منذ عام 2015، وفقًا لدراسة علمية حديثة، إلا أن الباحثين حذّروا من أن المستويات الضارة لا تزال تُسجَّل بوتيرة مقلقة في عدة مناطق.

وأظهرت الدراسة، التي أعدّها باحثون من جامعة ريدينغ، أن متوسط مستويات ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) — الناتج في الغالب عن حركة المرور — انخفض بنسبة 35% في مواقع الرصد المختلفة، بينما تراجعت الجسيمات الدقيقة (PM2.5)، التي تنتج عن احتراق الخشب ومحركات الوقود التقليدية، بنسبة 30%.

شملت الدراسة أكثر من 500 موقع في أنحاء بريطانيا، وغطت قياسات ثاني أكسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة، بالإضافة إلى مستويات الأوزون السطحي (O3).

تراجع في بعض الملوثات مقابل ارتفاع مستويات الأوزون بسبب تغيّر المناخ

ورغم هذا التحسّن، لا تزال حدود السلامة البيئية تُخرق بانتظام، إذ تراجع عدد الأيام التي تجاوز فيها تركيز NO2 الحد الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية من 136 إلى 40 يومًا سنويًا، وانخفض عدد أيام تجاوز جسيمات PM2.5 من 60 إلى 22 يومًا.

في المقابل، شهدت مستويات الأوزون ارتفاعًا بنسبة 17% خلال العقد الأخير. ويتكوّن هذا الملوث عندما تتفاعل أشعة الشمس مع ثاني أكسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة الناتجة عن الصناعة والنقل. ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة، الناتج عن أزمة المناخ، إلى تفاقم هذه التفاعلات الكيميائية. وتشير البيانات إلى أن عدد الأيام التي تجاوز فيها الأوزون الحد المسموح به تضاعف من 7 إلى 14 يومًا سنويًا.

باحثون: معالجة تلوث الهواء تتطلب تعاونًا دوليًا وفهمًا شموليًا للمصادر المختلفة

وقال الدكتور جيمس ويبر، المؤلف الرئيسي للدراسة المنشورة في مجلة Environmental Science: Atmospheres:
“حققت بريطانيا تقدمًا في تحسين جودة الهواء، لكن الطريق ما زال طويلًا. لقد بدأنا نرى نتائج على مستوى التلوث المروري، لكننا بحاجة إلى تحرّك محلي وتعاون دولي لمعالجة جميع أشكال التلوث”.

وأضاف: “ارتفاع الأوزون، في الوقت الذي تتحسن فيه ملوثات أخرى، يُثبت أن مواجهة المشكلة تتطلب فهمًا شموليًا، لا حصرًا للجهود على ملوثات محددة بشكل منفصل”.

وأشار الباحثون إلى أن مصادر التلوث تختلف؛ إذ يأتي NO2 بشكل أساسي من حركة المرور المحلية، بينما تنتقل جسيمات PM2.5 عبر مسافات طويلة، بما في ذلك من أوروبا القارية. لذلك، فإن التعامل مع هذه الظواهر يتطلب مجموعة متكاملة من السياسات.

وشددوا على أهمية تقليص المركبات العضوية المتطايرة، التي تسهم في تكوين الأوزون، بالتوازي مع إزالة الكربون من قطاع النقل لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين.

رأي منصة العرب في بريطانيا (AUK) :

يُبرز هذا التقرير العلمي تقدمًا ملموسًا في مواجهة تلوث الهواء في بريطانيا، إلا أن استمرار تجاوز الحدود الصحية للملوثات، وخاصة الأوزون، يوضح أن المعركة ضد تلوث الهواء ما زالت بعيدة عن الانتصار. فالتلوث ليس مشكلة موحدة المصدر، بل هو مزيج معقد من عوامل محلية وعابرة للحدود، تتطلب استراتيجيات متكاملة وشاملة.

من الضروري أن تتبنى السلطات نهجًا متعدد الأبعاد، يجمع بين تقليل الانبعاثات المحلية عبر تحسين وسائل النقل العام والتحول إلى الطاقة النظيفة، وبين التعاون الإقليمي والدولي للحد من انتقال الملوثات العابرة. كما أن ارتفاع الأوزون مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتغير المناخ، ما يؤكد ضرورة دمج السياسات البيئية مع خطط مواجهة الأزمة المناخية.

إن النجاح في تحسين جودة الهواء لا يعتمد فقط على خفض ملوثات معينة، بل على رؤية شاملة تضمن صحة البيئة والإنسان معًا، وترسيخ التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية.

المصدر : الغارديان

إقرأ أيضًا :

• دراسة: التلوث يهدد الصحة العقلية للأطفال
• رغم تراجع التلوث في معظم مدن بريطانيا.. بلدة واحدة تخالف الاتجاه
• مدن بريطانية تفرض ضرائب إضافية على السيارات للحد من التلوث