عدوان إسرائيل على إيران: مخاطر مشاركة بريطانيا في صراع غير محسوب

منذ ثلاثة عقود، ظل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكرر للعالم أن إيران على وشك الانضمام إلى نادي الدول النووية. وقد انشغل بفكرة قصف إيران، وخوض حرب شاملة، وتحقيق تغيير في النظام بطهران. وفي مقال نشره كريس دويل على موقع “ميدل إيست آي”، تناول فيه تبعات العدوان الإسرائيلي على إيران، وأشار إلى المخاطر التي قد تترتب على مشاركة المملكة المتحدة في صراع قد يؤدي إلى تبعات غير محسوبة. تتراوح هذه التصريحات بين مراحل متعددة، بدءًا من الغزو الأمريكي للعراق في 2002، وصولاً إلى الضغط على الولايات المتحدة لسحب الاتفاق النووي مع إيران في 2018. وفي هذا المقال، نعرض تبعات العدوان الإسرائيلي الأخير على إيران، والمخاطر المترتبة على مشاركة المملكة المتحدة في صراع قد يؤدي إلى تبعات غير محسوبة.
نتنياهو: من العراق إلى إيران
وكتب كريس دويل، في عام 2002، كان نتنياهو أحد أبرز الداعمين للغزو الأمريكي للعراق، حيث ضغط على الولايات المتحدة بغزو العراق بدعوى امتلاكه برنامجاً للأسلحة النووية. كان يتصور أن إزالة صدام حسين ستجلب استقرارًا للمنطقة وتؤدي إلى انهيار الأنظمة القمعية في الدول المجاورة، بما في ذلك إيران. لكن مع مرور الوقت، كانت هذه التوقعات بعيدة عن الواقع، فقد أسهم الغزو في زعزعة استقرار المنطقة، وسمح ببروز تنظيم القاعدة وانتشار تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وفي عام 2015، وجه نتنياهو انتقادات شديدة للاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته الإدارة الأمريكية برئاسة باراك أوباما، ووصفه بأنه سيعزز من قدرة إيران على الحصول على أسلحة نووية. وقد نجح في إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتمزيق الاتفاق في 2018، وهو القرار الذي يراه الكثيرون أحد الأسباب الرئيسية لتصاعد التوترات العسكرية مع إيران.
العدوان الإسرائيلي على إيران: حرب باختيار مسبق
وقال الكاتب كريس دويل في مقاله إن نتنياهو، الذي كان يضغط على الولايات المتحدة في الماضي للقيام بدور أكبر في العراق، اختار هذه المرة أن يكون هو المبادر في التصعيد، ليس بالهجوم على إيران مباشرة، بل بمحاولة إفشال أي فرصة لنجاح اتفاق نووي بين الولايات المتحدة وإيران. الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران ليس مجرد رد فعل عابر، بل هو خطوة مدروسة لخلق الظروف التي تجذب الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين إلى صراع قد يجرهم إلى حرب غير محسوبة.
في المقابل، أظهر تقرير مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، تولسي غابارد، أن “إيران لا تبني سلاحًا نوويًا حاليًا، وأن المرشد الأعلى [آية الله علي] خامنئي لم يوافق على استئناف البرنامج النووي الذي علّقه في عام 2003”. وقد يثير هذا تساؤلات حول دوافع الهجمات الإسرائيلية ومدى مصداقيتها.
مشاركة بريطانيا: من التهديد إلى التنفيذ؟
وأضاف كريس في المملكة المتحدة، بدأ رئيس الوزراء كير ستارمر في الدعوة إلى التهدئة في بداية الأزمة، إلا أن الموقف البريطاني بدأ يتغير تدريجيًا، حيث بدأت الحكومة في التأكيد على دعم “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، وهو تحول كبير في الموقف البريطاني. ومع تصاعد الضغط السياسي، خصوصًا من قبل رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، الذي اتهم الحكومة البريطانية بالضعف، يتزايد احتمال انخراط المملكة المتحدة في الصراع.
وقد أرسل ستارمر مزيدًا من القوات العسكرية البريطانية إلى المنطقة، في خطوة قد تجر المملكة المتحدة إلى قلب صراع غير محسوب. وإذا استُهدفت مصالح بريطانية أو قُتل أفراد من القوات البريطانية في الهجمات الإسرائيلية أو الإيرانية، فقد تجد المملكة المتحدة نفسها مضطرة للانخراط بشكل أكبر في المواجهات، مما قد يؤدي إلى مشاركة مباشرة في القتال.
التداعيات المحتملة: من دعم الهجمات إلى حرب مفتوحة
وقال كريس إذا قررت المملكة المتحدة إرسال قواتها للدفاع عن إسرائيل، فإنها ستصبح شريكًا فعليًا في الهجمات على إيران، مما قد يراه العديد من الأطراف دعمًا غير مشروط للاعتداءات الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة قد تبدأ بمساعدة محدودة مثل اعتراض الطائرات المسيرة الإيرانية، فإن التصعيد المحتمل قد يؤدي إلى صراع شامل أكثر تعقيدًا، مما يعرّض مصالح المملكة المتحدة للخطر.
إذا تعرضت القوات البريطانية للهجوم، فإن المملكة المتحدة قد تجد نفسها مضطرة للانخراط بشكل أكبر، وهو ما سيزيد من تعقيد الوضع العسكري والسياسي في المنطقة، ويؤدي إلى تصعيد الموقف بشكل غير قابل للسيطرة.
إسرائيل في غزة: تداخل الأزمات
وختم كريم مقاله وقال من المهم عدم تجاهل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، الذي يتزامن مع الهجمات على إيران. فإسرائيل التي تشن حربًا على إيران، تقوم في الوقت نفسه بإبادة جماعية في غزة، حيث دمرت النظام الصحي بالكامل، وشردت معظم السكان، واستخدمت التجويع كسلاح حرب. وعليه، فإن أي دعم بريطاني للعدوان الإسرائيلي على إيران قد يُنظر إليه باعتباره تأييداً لانتهاكات حقوق الإنسان في غزة، مما يضر بسمعة المملكة المتحدة على الصعيد الدولي.
رأي منصة العرب في بريطانيا AUK
منصة العرب في بريطانيا AUK تؤكد على ضرورة تجنب المملكة المتحدة الانخراط في أي صراع عسكري غير محسوب، لا سيما في ظل غياب استراتيجية واضحة لحل النزاع القائم بين إيران وإسرائيل. وتعتبر المنصة أن انحياز المملكة المتحدة إلى جانب إسرائيل في هذا الصراع، في وقت تتصاعد فيه الانتهاكات ضد الفلسطينيين في غزة، يشكل تهديداً خطيراً على مصالح المملكة المتحدة في المنطقة.
المصدر: ميدل إيست آي
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇