العرب في بريطانيا | عام على العدوان

1446 جمادى الأولى 19 | 21 نوفمبر 2024

عام على العدوان

a26ff7d7-5c82-475b-9bcc-30c5947c63b3
ريم العتيبي October 7, 2024

رأينا الأشلاء المتطايرة، بكينا وما زلنا نعيش، سمعنا الصراخ والأنين وما زلنا ندعو بيقين.

هنالك كلمات أثرت في مسامعنا، ورسخت في ذاكرتنا لن ننساها ما حيينا، كلمات ستصبح مثل وسم حنظلة وخريطة فلسطين وأرزة لبنان: *بابا بدي أخوي يوسف* …. *بينتقموا منا بالأولاد معلش* *خليك صامد يا زلمة* *ابني يوسف شعره كيرلي أبيضاني وحلو*    *وين نروح  وين نروح*     *ريم هاي روح الروح*

ولعل أكثر العبارات تأثيرًا وأكثرها إيلامًا: “حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم يا عرب!”، حقًّا كانت تتفطّر لها القلوب وتتألم منها النفوس، تجعلنا نتفكر: هل سنُحاسَب على عجزنا هذا؟ كيف نَهنَأ في عيشنا وإخوة لنا عانوا وما زالوا يعانون ويلات الحرب، ويتجرّعون مرارة العيش الأليم، وهل يُعقل أن يمضي عام من الإبادة الجماعية لأهلنا في غزة؟!

لا ولم يكتفوا بل تمادَوا وتطاولوا على لبنان لنرى المشاهد المؤذية نفسها، والله أعلم بمن سيكون الدور عليه في قابل الأيام! هذا العدو اللئيم الحاقد كالأفعى التى تلفظ أنفاسها الأخيرة. نعلم جميعًا أن هذا الكيان إلى زوال بعون الله تعالى وقدرته، وهذا مقتضى وعده، ووعده حق فهو لا يُخلف الميعاد، ومن شدة خوف هذا الكيان وعلمه باقتراب نهايته يتمادى ليتشبث بالحياة، هو كالأفعى عندما يقترب منها مَن يريد قتلها فتصبح تتخبط يمنةً ويسرةً، تلدغ من حولها دون وعي، لا تكترث لأحد ولا تأبه به، تريد تفريغ سمها فقط. فما بالكم بأفعى كبرت وعاشت قرابة مئة عام وقد اقتربت نهايتها!

هذا الكيان الذي عاث في الأرض فسادًا هو سرطان انتشر في جسد الأمة ولا بد من استئصاله، نحن نعلم أن الخلايا الخبيثة عندما تُزَال لا بد من استئصال بعض الخلايا السليمة من حولها، لهذا نحن نثق تمامًا بأنه حتى نصل إلى درجة الشفاء من هذا المرض علينا أن نضحي بعدد من الخلايا السليمة، نعم ضريبة الدم عالية جدًّا، وهي الأكبر منذ الاحتلال، لكن كما قيل: اشتدِّي أزمة تَنفَرجي. ومهما يَطُل ظلمه فإنه سيزول، ومهما تعدى وتطاول على كل قيم الإنسانية فسينتهي.

ولكن ما يؤلمنا حقًّا هو عجزنا وقلة حيلتنا، ما يؤلمنا هو عدم اكتراث مَن بأيديهم السلطة والقدرة، أم أنها سلطات صورية عاجزة لا تستطيع تحريك ساكن؟! كم استنجد النساء ولا معتصم لهن! كم جاع أطفال ولا عُمَر لهم! كم قُهِر رجال ونحن نستعيذ من قهرهم؟!  كم وكم وكم.. هل سيسامحوننا؟ هل سنُحاسَب على ما يحدث؟

تفطّرت قلوبنا، بل أنهكنا التعب، مرضت أجسامنا من شدة الألم عليهم وما زلنا نتألم، بل زاد ألمنا، ماذا ننتظر لتصبح لبنان غزة ثانية، وعلى من سيأتي الدور؟! تُجبرنا الحياة أحيانًا أن نقسوا على أنفسنا حتى نمضي بها ونكمل مشوارها، بل ترهقنا وتتعبنا ولا نرجو زوالها، نبقى متشبثين بها تمامًا كالغريق الذي مهما شارفت أنفاسه على الخروج يحاول النجاة جاهدًا، ويصارع الأمواج بكل ما أوتي من قوة.

فإن كان صاحب عزيمة وثقة بنفسه وصاحب حكمة يُتقِن ركوب الأمواج نجا وأصبحت قصته ذكرى بطولية، أمّا إن استسلم وترك جسمه يضعف هبط إلى قاع المياه وغرق. لنكن أصحاب عزيمة وقوة إيمان بالله تعالى، ولْنكن أقوياء نرتفع مع الأمواج حتى نصل إلى بر الأمان.

ولنكن على يقين أن هذا الكيان الظالم سينتهي، طال الزمان أو قصر، شاء من شاء وأبى من أبى وتواطأ من تواطأ، سينتهي وسيسجل التاريخ هذه الأيام أننا ثبتنا على الحق وعشنا بكرامة، هي الحياة كالعجلة تدور لتبدأ من النقطة نفسها، من يَخذُل يُخذَل، إن لم يكن في الدنيا فستكون عاقبته وخيمة يوم لا ينفع مال ولا بنون، يوم لا تنفع سلطة، ويوم تفنى كراسي الملوك، ولا يبقى إلا كرسي ملك الملوك.

عام من الإبادة لأطفال ليس لهم حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. عام من الوجع والقهر والعجز والكسل، عام من الجلوس أمام محطات الأخبار نتألم ونبكي، ولا نملك إلا الدعاء الذي أصبح في بعض البلدان العربية جريمة يعاقب فاعلها، نحن في تضارب كبير، كم تحدث كثيرون عن الاستبدال وزمن الاستبدال، وهذا ما نخشاه، تضارب يجعلك تتعجب! فقد ترى في بريطانيا وبلاد الغرب أجانب يرتدون الكوفية والعلم ويهتفون بصوت عالٍ: “لا للإبادة في غزة”، في حين يُمنع أهل البلد والسيّاح في بعض البلدان العربية من ارتداء قميص مكتوب عليه: “الحرية لفلسطين”! نخرج أُلُوفًا مؤلّفة في بريطانيا لمظاهرات أكثر المشاركين فيها ليسوا بعرب، يتحملون قسوة الجو من برد وأمطار غزيرة، في حين يُمنَع العربي الحر في بلادنا من المشاركة في المسيرات الاحتجاجية، كم نخشى جميعًا أن نكون في زمن الاستبدال!

أتظنون أننا استُبدلنا حقًّا؟ يطالب الغرب بحريتنا، أما نحن فنجلس خلف شاشات التلفزة ونتابع الأخبار ونبكي ونتألم، ونخاف أن نطالب بأبسط حقوقنا. الاستبدال الحقيقي أن يطالب الغرب بوقف الإبادة الجماعية ومعاقبة حكوماته، ونصفق نحن لمعونات تُرمى من السماء وكأن من تصلهم تلك المعونات ليسوا ببشر.

قمة الضعف والهوان ألا نستطيع إيقاف الظلم، بل نُعِين الظالم على التجرُّؤ والتمادي في ظلمه! قمة الظلم والهوان أن نتلاسن ونتطاول على بعضنا ويرمي بعضنا بعضًا بالتهم بأبشع الأوصاف، بل وصل الحد إلى تصنيف الناس: هؤلاء في الجنة وأولئك في النار!

جُلّ الظلم أن نترك كل ما يحدث ونتصيد الأخطاء ونذكر مساوئ بعضنا، قمة الظلم أن نصمت عما يجري من ظلم، ونشاهد ونعتاد المشهد، فإلى متى هذا الحال؟!

 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
6:26 am, Nov 21, 2024
temperature icon -0°C
overcast clouds
Humidity 88 %
Pressure 1004 mb
Wind 5 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 100%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 7:29 am
Sunset Sunset: 4:03 pm