شميمة بيغوم.. متى يمكن للحكومة في بريطانيا سحب جنسية أحدهم؟

خسرت شميمة بيغوم، البالغة من العمر 15 عامًا والتي سافرت إلى سوريا من أجل الانضمام إلى داعش، فرصة الاستئناف لاستعادة جنسيتها البريطانية.
يُذكَر أن بيغوم سافرت إلى سوريا عام 2015، ثم جرَّدتها وزارة الداخلية بقيادة ساجد جافيد في عام 2019 من جنسيتها، بعد العثور عليها في مخيم للَّاجئين السوريين وهي حامل في شهرها التاسع.
وقد زعمت وزارة الداخلية أن بيغوم تُشكِّل تهديدًا للأمن القومي، لكن محاميها أكدوا أنها كانت ضحية للاتجار والاستغلال. وقضت لجنة استئناف الهجرة بأنه على الرغم من وجود أدلة دامغة على أنها تعرضت للاتجار وسوء المعاملة، فإن هذا ليس كافيًا لإلغاء قرار سحب الجنسية، وأن وزير الداخلية ساجد جافيد لم يكن مخطئًا في قراره.
كيف ومتى يمكن سحب الجنسية؟

تستطيع حكومة المملكة المتحدة تجريد شخص ما من جنسيته البريطانية عندما يكون ذلك من أجل “المصلحة العامة” في القضايا الخطيرة المتعلقة بالإرهاب أو الأمن القومي أو جرائم الحرب. ويمكن أيضًا تجريد الشخص من جنسينه إذا حصل عليها عن طريق الاحتيال، مع مراعاة اتفاقية الأمم المتحدة بشأن خفض حالات سحب الجنسية، التي تنص على أنه لا يمكن للحكومات ترك الفرد بلا جنسية.
وعندما جُرِّدت بيغوم في البداية من جنسيتها، ظن بعضهم أنها قد تحصل على الجنسية البنغلاديشية عن طريق والدها، لكن بنغلاديش رفضت السماح لها بدخول البلاد.
ماذا عن الحالات الأخرى؟
تقدر منظمة ريبريف الخيرية لحقوق الإنسان أن نحو 25 امرأة انتمين إلى داعش، وأن 34 طفلًا من أبناء المنتمين إلى التنظيم يقيمون حاليًّا في مخيمات اللاجئين السوريين.
وبهذا الصدد قال ديفياني برابهات الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة بريستول: سبقت قضية بيغوم قضايا أخرى أكثر تعقيدًا. وأضاف: “أيدت اللجنة النتائج المتعلقة بالاتجار بغرض الاستغلال الجنسي، ولكن التحقيق قد أخفق، ومن ثم ازداد شعور الناس بإخفاق الدولة في التعامل مع هذا الملف، إلا أن هذا الإخفاق لا ينفي أسباب الحرمان أو المخاطر التي تتعلق بالأمن القومي”. وتابع: “هذه الحالة تشكل سابقة مشتركة للأشخاص الآخرين الذين دخلوا سوريا بطريقة غير شرعية”.
وتساءل البروفيسور برابهات عمن يتحمل مسؤولية إخفاقات الحكومة في المملكة المتحدة في الفترة التي سبقت رحيل بيغوم، وقال: “من الغريب رؤية محكمة الهجرة تكافح مسألة الاتجار بالبشر وتعترف بآثارها الكبيرة على القُصَّر، ثم تضعها جانبًا لأسباب تتعلق بالأمن القومي. إذن أين التعويض عن هذا الإخفاق، ومن هو المخفق؟!”.
كيف اتخذت الجهات المختصة هذا القرار؟

اتخذت لجنة الاستئناف الخاصة بالهجرة القرار بناءً على الحجج المقدمة من وزارة الداخلية ومحامي بيغوم، إضافة إلى أدلة قدمتها أجهزة المخابرات. وأكد محامو بيغوم أنها أُدخِلت إلى سوريا بطريقة غير شرعية واستُغِلَّت جنسيًّا، وقالوا: لدينا أدلة “دامغة” على أن السيدة بيجوم قد “استُقدِمت إلى سوريا لأغراض” الاستغلال الجنسي و”الزواج” من “ذكر بالغ”!
ووافقت المحكمة على وجود حجج قوية تفيد بأن بيغوم قد تعرضت للاتجار، وأن الجهات المختصة أخفقت في منعها من مغادرة المملكة المتحدة، لكنها لم تجد أن هذه الأدلة كافية لإلغاء القرار.
كيف يقارن موقف المملكة المتحدة مع بقية دول العالم؟
وفقًا للأمم المتحدة فإن هناك 60 دولة مختلفة لديها مواطنون حاليون أو سابقون يقيمون داخل المخيمات.وفي هذا السياق قالت منظمة “ريبريف” الخيرية لحقوق الإنسان: إن نهج المملكة المتحدة في سحب الجنسية “لا يتماشى مع شركائها مثل الولايات المتحدة”.
وزعمت أن بريطانيا هي الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين التي تجرد المواطنين من جنسيتهم، وأنها آخر الحلفاء الغربيين الذين يرفضون إعادة رعاياهم من سوريا. وقال البروفيسور برابهات أيضًا: إن معظم حلفاء المملكة المتحدة لا تحرم رعاياها من حق المواطنة كما هو الحال في المملكة المتحدة.
يُذكَر أن بعض الدول أعادت مواطنين لهم صِلات بداعش من المخيمات السورية في الأشهر الأخيرة في يناير/كانون الثاني، حيث أعلنت كندا أنها ستُعيد 23 من مواطنيها إلى أراضيها. وكانت وزارة الخارجية قد خططت في الأصل لإعادة ست نسوة كنديات لهن ارتباط بداعش و13 رضيعًا كانوا يعيشون في المخيمات. كما أعادت فرنسا 15 امرأة و32 طفلًا من المخيمات في الشهر نفسه، وسلمت الكبار إلى النظام القضائي والأطفال إلى الخدمات الاجتماعية؛ من أجل “المراقبة الطبية والاجتماعية”.
وفي عام 2019 حثت الولايات المتحدة الدول الأوروبية على إعادة مواطنيها الذين انتموا إلى داعش وانخرطوا في القتال معها.
ماذا سيحدث لشميمة بيغوم الآن؟
قالت بيغوم: “ليس عندي خيار آخر” فقد كانت استعادة جنسيتي البريطانية السبيل الوحيد للنجاة من المكان الذي أقيم فيه.
وتعتقد أنها لن تتمكن أبدًا من العودة إلى المملكة المتحدة، وقالت لبي بي سي: إن داعش كانت “أسوأ شيء في القرن الحادي والعشرين”، وإن بقاءها في مخيم اللاجئين “كان الثمن” الذي يتعين عليها دفعه لأنها كانت جزءًا من التنظيم.
وعلى الرغم من ذلك قال محامو بيغوم: إن القضية “لم تنته بعد”. حيث قال البروفيسور برابهات: من المرجح تقديم طعن إلى محكمة الاستئناف، وربما يصل إلى المحكمة العليا. جدير بالذكر أن المحكمتين أصدرتا قرارًا بالسماح لبيغوم بالعودة إلى المملكة المتحدة؛ للاستئناف ضد رفض استعادة جنسيتها، وحكمت محكمة الاستئناف بأنها تستطيع استئناف القضية في المحكمة، ولكن المحكمة العليا ألغت ذلك.
اقرأ أيضا
شميمة بيجوم.. ضحية الاتجار بالأطفال وإهمال الحكومة البريطانية
لندن تعلن عودة أول امرأة بريطانية وطفلها بعد معاناة في مخيمات اللجوء السورية
الرابط المختصر هنا ⬇