تقرير أممي: قيود إسرائيل على المساعدات تُفاقم سوء تغذية الأطفال في غزة
تكشف أحدث البيانات الأممية عن آثار كارثية مستمرة على الأطفال في قطاع غزة، رغم مرور شهرين على إعلان وقف إطلاق النار. فبينما تراجع خطر المجاعة الشاملة، لا يزال سوء التغذية الحاد يتصاعد بوتيرة تنذر بانهيار طويل الأمد للصحة العامة، في ظل استمرار القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات.
آلاف الأطفال في المستشفيات بسبب سوء التغذية
وفقا لتقرير نشرته صحيفة الغارديان، تقول الأمم المتحدة: إن أكثر من 9,000 طفل أُدخلوا مستشفيات غزة في تشرين الأول/أكتوبر؛ بسبب سوء التغذية الحاد، في مؤشر على أن الأزمة الإنسانية لم تتراجع رغم الهدوء النسبي منذ إعلان وقف إطلاق النار في الـ10 من تشرين الأول/أكتوبر.
ورغم انخفاض خطر المجاعة الشاملة نسبيًّا، تؤكد وكالات الإغاثة أن المساعدات التي تسمح بها إسرائيل لا تزال أقل بكثير من حاجة سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، بعد عامين من الحرب والتشرّد والمعيشة في ملاجئ هشة.
مواليد بوزن أقل من كيلوغرام
قالت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، تِس إنغرام: إنها شاهدت في مستشفيات غزة “مواليد لا يتجاوز وزنهم كيلوغرامًا واحدًا، يكافحون للبقاء على قيد الحياة”.
ووفق بيانات يونيسف، جرى علاج 9,300 طفل من سوء التغذية الحاد في تشرين الأول/أكتوبر، وهو رقم أقل من الذروة المسجّلة في آب/أغسطس (14,000 طفل)، لكنه أعلى بكثير من معدلات سوء التغذية خلال وقف إطلاق النار السابق في شباط/فبراير وآذار/مارس الماضيين.
وقالت إنغرام: “الرقم صادم للغاية. وما نراه اليوم سيترك أثرًا طويل المدى على جيل كامل”.
كما دخل نحو 8,300 امرأة حامل ومرضعة المستشفى؛ بسبب سوء التغذية، في نمط تحذّر المنظمة من أنه سيقود إلى زيادة الولادات المنخفضة الوزن خلال الأشهر القادمة.
مساعدات غير كافية… رغم وقف إطلاق النار
تقول منظمات الأمم المتحدة: إن عدد الشاحنات التي دخلت غزة ازداد مقارنة بفترة ذروة الحرب، لكنه ما يزال بعيدًا عن تلبية الاحتياجات الأساسية.
ففي كانون الأول/ديسمبر الجاري، دخلت في المتوسط 140 شاحنة مساعدات يوميًّا، وهو رقم يقل كثيرًا عن الهدف المحدد في اتفاق وقف إطلاق النار، أي 600 شاحنة يوميًّا.
وتشير التقارير إلى أن المساعدات التجارية والهبات الثنائية التي دخلت غزة أسهمت في تخفيض أسعار بعض السلع في السوق، لكنها لا تزال بعيدة عن متناول أغلبية السكان الذين انقطعت مصادر دخلهم لعامين كاملين واستنفدوا مدخراتهم.
سيطرة عسكرية تحدّد ما يدخل وما يُمنع
منذ وقف إطلاق النار، تُنسّق المساعدات عبر مركز تنسيق مدني عسكري تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن الدبلوماسيين ومسؤولي الإغاثة يؤكدون أن “الجيش الإسرائيلي هو صاحب القرار النهائي” بشأن ما يُسمح بدخوله.
وفي يوم واحد فقط، تقول الأمم المتحدة: إن أربعًا من أصل ثماني قوافل إنسانية حصلت على الموافقة للدخول، في حين رُفضت البقية أو تأخرت من دون أسباب واضحة.
كارثة إنسانية تستمر رغم وقف النار
تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن الأرقام الأممية تكشف أن وقف إطلاق النار لم يؤدِّ إلى انفراجة إنسانية واسعة، في ظل استمرار القيود الإسرائيلية على المساعدات، وتفاقم انهيار البنية الصحية، وارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال والنساء. وتوضح المنصة أن هذه الأزمة ليست مجرد “أثر جانبي” للحرب، بل نتيجة مباشرة لغياب الإمدادات الأساسية عن السكان.
وتضيف المنصة أن طبيعة القيود الإسرائيلية واستمرارها رغم الهدوء العسكري النسبي لا يمكن فصلها عن مسعى ممنهج لجعل غزة منطقة غير قابلة للحياة، في إطار سياسة ترقى إلى محاولة تصفية عرقية عبر الإفقار والتجويع وتعطيل إعادة الإعمار. وتشير إلى أن هذا النهج يستهدف تقليص الوجود الفلسطيني وإضعاف قدرته على الصمود، ودفعه نحو الهجرة القسرية أو الانهيار الداخلي.
وترى المنصة أن الكارثة الإنسانية المستمرة ليست ظرفًا طارئًا، بل جزءًا من استراتيجية أعمق تستهدف بنية المجتمع الغزّي ومستقبله، ما يستدعي موقفًا دوليًّا أكثر صراحة وحزمًا لمنع الجرائم الإسرائيلية الممنهجة وضمان تدفق المساعدات ووقف سياسة استخدام الجوع كسلاح ضد سكان غزة.
المصدر: الجارديان
اقرأ أيضاً
الرابط المختصر هنا ⬇
