سوء التقدير حول أوكرانيا قد يقود العالم إلى حرب أوسع نطاقًا!
لن تقتصر تبعات الحصار الروسي غير المسبوق لأوكرانيا على نشوب حرب محتملة ومدمرة فقط؛ بل إن الحرب المتوقعة بين البلدين قد تؤدي إلى اتساع رقعة الصراع أيضًا.
وقد أكد كلٌّ من حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية أن القوات التابعة لهما لن تدخل أوكرانيا على الإطلاق، في حين سحب البنتاغون من أوكرانيا 160 جنديًّا من جنود الحرس الوطني، والمستشارين العسكريين التابعين له هناك.
بايدن يتجنب الصدام العسكري
وكان كل من الجانبين الروسي والأمريكي قد حرصا على عدم حدوث صدام بين قواتهما خلال الحرب الباردة، وهذه هي السياسة التي يرغب بايدن في اتباعها حاليًّا.
قال بايدن: “إذا اشتبكت القوات الأمريكية والروسية فهذا يعني بدء حرب عالمية”.
إن تمركُز القوات الروسية في بيلاروسيا ونشْر قوة بحرية روسية كبيرة في البحر الأسود، وما يقابله من نشر قوات برية وبحرية تابعة للناتو على نطاق أصغر، كل ذلك قد يؤدي إلى حدوث صدام بين تلك القوات خاصةً مع وجودها على مسافة قريبة.
قال داني سورسن الرائد السابق ومدير شبكة أيزنهاور الإعلامية: “يمكن أن يتزايد خطر وقوع أيّة حوادث عسكرية بين الطرفين مثل الصدام الجوي، وهذا ما قد يؤدي إلى تصعيد الأمور بشكل أسرع”.
“إن الصراع يحدث في بيئة مُهيَّأة للحوادث وسوء التقدير، وقد تخرج الأمور عن السيطرة بسرعة كبيرة ولكل من الطرفين اعتباراته الخاصة. فما الذي سيحصل في حال خسر الأمريكان أحد طيّاريهم؟! قد لا يعني ذلك بالضرورة أننا سنذهب إلى حرب نووية كارثية، ولكنه بالتأكيد سيؤدي إلى تصعيد الأمور”.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان لشبكة سي بي سي يوم الأحد: “إن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لتكون أكثر شفافية فيما يتعلق بنشر قواتها في أوروبا الشرقية؛ وذلك لتجنّب أيّ سوء للتقدير، أو تصعيد محتمل، وأيضًا لكي نرسل إلى الروس رسالة واضحة مفادها أننا سندافع عن كل ذرة تراب تابعة لمناطق الناتو”.
لطالما كانت منطقة البلطيق والبحر الأسود مسرحاً للتوتر الأمريكي الروسي؛ حيث سارعت المقاتلات النفاثة الأمريكية إلى اعتراض طائرات حربية روسية عاملة بالقرب من المجال الجوي للناتو في وقت سابق من هذا الشهر بينما أقلعت طائرات بريطانية ونرويجية؛ لمراقبة تحليق الطائرات الروسية في بحر الشمال.
احتمال التصعيد ما زال قائماً
وبينما أغلقت روسيا أجزاءً كبيرة من البحر الأسود لإجراء مناوراتها بقيت أساطيل الناتو خارج منطقة المناورات في الوقت الحالي، وعززت وجودها في البحر الأبيض المتوسط.
وفي حال عبرت سفن الطرفين مضيق البوسفور في استعراض للقوة أو لحماية سفن الشحن التجاري فسوف يرتفع خطر التصعيد مرة أخرى.
وقالت إليزابيث براو العضو البارز في معهد أمريكان إنتربرايز: “إن الخطر يزداد حدة؛ بسبب الاشتباه في استخدام روسيا لـ “نظام تحديد المواقع”، بالإضافة إلى تدخّلها في معدات الملاحة للسفن الأخرى.
وقد واجهت العديد من السفن في رحلتها عبر البحر الأسود مشاكل غريبة في نظام تحديد المواقع الخاصّ بها؛ حيث تُلُوعِب بمواقع الملاحة الخاصة بالسفن والتي وجدت تغييرًا في مواقعها ضمن خريطة البحر الأسود، ومن المتوقع أن يعود سبب هذه الحوادث إلى تجارب تقنية روسية.
وقد أضافت براو قائلةً: “إن هذا الأمر سيُعرّض السفن البحرية في البحر الأسود إلى مزيد من المخاطر، علمًا أن هذه السفن مزدحمة، وليست كبيرة الحجم و هناك نشاط مِلاحي كبير في البحر الأسود؛ حيث إن الطواقم البحرية ستواجه خطر فقدان نظام تحديد المواقع”.
إن نقل القوات العسكرية من أقصى شرق روسيا إلى بيلاروسيا أدى إلى رفع حدة التهديد الروسي لأوكرانيا بشكل كبير؛ بل زاد أيضًا من قلق الدول الأعضاء في الناتو في أوروبا الشرقية.
وقال كريستيان ماي رئيس مديرية حلف الناتو والاتحاد الأوروبي في وزارة الدفاع الإستونية: “إن أقرب مدى للنيران في بيلاروسيا يتراوح بين 150 و200 كيلومتر من فيلنيوس أو وارسو؛ حيث تتواجد هناك قوة روسية لم تكن موجودة من قبل”.
وقد أدت أزمة اللاجئين على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا إلى مواجهة قريبة بين قوات البلدين؛ حيث اشتكت وارسو من أن القوات البيلاروسية فتحت النار على جنودها.
تعطيل أنظمة الاتصال قد يزيد الوضع سوءًا
وقالت براو: “إن الجنود الموجودين في الجبهات هم شباب يافعون تقع عليهم مسؤولية كبيرة، وعلى الرغم من وجود قيادات أيضًا إلا أنه إذا حصل أي نوع من الاستفزاز أو العدوان سواء كان مقصودًا أم غير مقصود فسوف يقود إلى رد عسكري”.
ولحسن الحظ أن معظم المواجهات التي جرت على الحدود حصلت في أوقات السلم، ومن المتوقع أن يتصاعد التوتر أكثر عندما يبدأ الاجتياح الروسي لأوكرانيا؛ خاصًة إذا عُطِّلت الاتصالات، أو حصل تضارب وتضليل في المعلومات.
وقال ساهيل شاه العضو في شبكة القيادة الأوروبية:
“لسنا واثقين تمامًا من قدرة الناتو وروسيا على التواصل في الفترة التي تسبق النزاع أو خلاله؛ وخاصّة أن أنظمة الاتصالات المدنية والعسكرية الحالية بينهما ليست قوية أو مرنة من الناحية الفنية كما ينبغي أن تكون”.
هذا ويبدو أن أكبر دولتين مسلحتين نوويًّا في العالم تنزلقان إلى حافة الصراع بعد مضي 60 عامًا على أزمة الصواريخ الكوبية، وإذا لم تُرَاعَ الجوانب الدبلوماسية إلى أقصى حدّ فإن مخاطر سوء التقدير وسوء التواصل يمكن أن تدفع أوروبا إلى حرب مدمرة، فلا بد من الحوار حول كيفية خفض التصعيد الحاصل”.
اقرأ أيضاً :
ما الثمن الذي سيدفعه العرب إذا غزت روسيا أوكرانيا ؟
خلال مكالمة عاصفة،بايدن يهدد بوتين برد حاسم إذا غزا أوكرانيا
عائلات بريطانية عالقة في أوكرانيا بسبب نقص الأوراق الثبوتية لبعض أفرادها
الرابط المختصر هنا ⬇