رغم تجريمه.. لماذا أصبح تدخين الحشيش مشهدًا مألوفًا في شوارع بريطانيا؟

في وقت أصبح فيه تدخين الحشيش مشهدًا مألوفًا في شوارع بريطانيا، يثير التساؤلات عن تزايد هذا السلوك في الأماكن العامة، رغم أنه لا يزال يُعتبر جريمة بموجب قوانين المملكة المتحدة. وبينما يزداد التدخين العلني للقنب في مختلف المناطق، يواجه سكان العديد من المناطق الحضرية والريفية مشكلة متزايدة في التعامل مع هذا الموضوع.

من لندن إلى القرى الصغيرة: تدخين القنب في كل مكان

باتت رائحة دخان القنب غير محصورة في الأماكن الحضرية فقط، بل امتدت أيضًا إلى المناطق الريفية. وفي قرية كريسبرُوك في ديربيشاير، شاهد باتريك هانافورد، رجل الأعمال البالغ من العمر 64 عامًا، مجموعة من الشبان تدخن الحشيش بالقرب منه أثناء قضاءه وقتًا في الصيد. وقد عبّر عن دهشته من جراء الجرأة التي أظهرها هؤلاء الشباب الذين لم يبالي أحدهم حتى بإمكانية أن يكون هانافورد ضابط شرطة.

ازدياد التدخين في الأماكن العامة بعد جائحة كوفيد-19

بحسب الخبراء، شهدت الفترة التي تلت جائحة كوفيد-19 زيادة ملحوظة في تدخين القنب في الأماكن العامة. يقول البروفيسور سايمون هاردينغ، أستاذ علم الجريمة وعلم الاجتماع في جامعة سانت ماري: “تزايد التدخين في الأماكن العامة يعود إلى كونها استفزازًا أو نتيجة للاعتقاد بأن التدخين لم يعد محصورًا في الأماكن الخاصة”. أصبحت الأجيال الجديدة أقل اهتمامًا بالحدود بين الأماكن العامة والخاصة، وأصبح التدخين جزءًا من الحياة اليومية في الأماكن العامة.

شكاوى عامة وازدواجية السلطات في التعامل مع القضية

كشف استطلاع للرأي أجرته “إيبسوس” لصالح “ذا صن داي تايمز” أن 64% من البريطانيين يعانون من رائحة القنب في أماكنهم. وعبر السكان في المناطق الريفية عن قلقهم المتزايد من تدخين القنب في الأماكن العامة، مع إشارات إلى أن الشكاوى قد ازدادت بشكل ملحوظ خلال العام الماضي. في بعض القرى مثل هبيدن بريدج، تدخين الحشيش أصبح أمرًا شائعًا للغاية في الأماكن العامة، حتى إن أحد السكان المحليين، مايكل هايلاندز، وصف الظاهرة بأنها “وباء”.

هل تعالج الشرطة القضية بفعالية؟

رغم تجريم تدخين القنب في الأماكن العامة في بريطانيا، إلا أن الموارد المحدودة للشرطة تجعل من الصعب تطبيق القوانين بصرامة. في استطلاع أجرته “أوبيموم” لصالح مركز العدالة الاجتماعية، أعرب 66% من ضباط الشرطة عن شعورهم بأن القنب قد تم “إلغاء تجريمه” فعليًا في العديد من المناطق. وفي نفس السياق، أشار ضابط شرطة من كامدن إلى أن الشرطة مشغولة بقضايا أكثر أهمية، ما يجعل من الصعب فرض القوانين المتعلقة بالقنب.

الجهود المحلية لمكافحة التدخين في الأماكن العامة

بعض المجالس المحلية في بريطانيا بدأت تتخذ خطوات لمواجهة مشكلة تدخين القنب في الأماكن العامة، مثل تجربة المجلس المحلي في “إيبسويتش” الذي عالج المسألة بشكل غير تقليدي. بدلاً من التعامل مع تدخين القنب كجريمة، تعامل مع هذه القضية على أنها “إزعاج”، مثل الضوضاء أو دخان النيران. وقد أسفرت هذه المبادرة عن نتائج إيجابية، حيث تم حل 80% من الحالات عن طريق توجيه تحذيرات بسيطة.

منطقة كندا ووتر: هل السلطات ملتزمة حقًا؟

على الرغم من ارتفاع الضغوط لمكافحة التدخين في الأماكن العامة، يبدو أن بعض المناطق مثل “كندا ووتر” في لندن تتبنى سياسة أكثر تساهلًا. حيث قال مارك إيفانز، مدير عمليات شركة “بريتيش لاند” التي تدير المنطقة: “إذا لم يتأثر أحد، وإذا لم يتم تقديم شكاوى، فنحن نفضل عدم إثارة المشاكل”. هذا التساهل مع تدخين القنب يعكس تحولًا في سياسات بعض المناطق التي تفضل التركيز على الجوانب الاقتصادية والتجارية بدلاً من القضايا الاجتماعية مثل تعاطي القنب.

وتؤمن منصة العرب في بريطانيا AUK بأن معالجة قضايا المخدرات في المملكة المتحدة يجب أن تتم من خلال حلول شاملة تأخذ في الاعتبار التحديات الاجتماعية والصحية الناتجة عن الاستخدام المفرط للمخدرات. بينما تتفهم المنصة تسامح بعض المجتمعات مع هذه الظاهرة، إلا أنها تدعو إلى ضرورة أن تكون هناك معايير واضحة للتعامل مع التدخين في الأماكن العامة، بما يحفظ حقوق الأفراد غير المدخنين ويضمن بيئة صحية وآمنة لجميع المواطنين.

ومن جانب آخر، تدعو المنصة إلى تكثيف الجهود التعليمية لرفع الوعي حول المخاطر الصحية والنفسية لتدخين القنب، كما تؤكد على ضرورة تطبيق القوانين بشكل عادل وفعال.

المصدر: التايمز 

إقرأ أيضًا:

• صادق خان يدعو للنقاش حول تقنين الحشيش في المملكة المتحدة!
• 7 أطعمة يُنصح بتناولها لتسريع عملية الشفاء من الأمراض
• فرص حصول البريطانيين البيض على غرفة في البيوت المشتركة أعلى من غيرهم!