رسوم جديدة لكل ميل تثير قلق السائقين في بريطانيا
أثار مقترح منسوب إلى وزيرة المالية من حزب العمال راشيل ريفز جدلًا واسع النطاق في بريطانيا، بعد تحذيرات من أن فرض رسوم “الدفع مقابل كل ميل” قد يفتح الباب أمام طعون قانونية، وربما يثير إشكالات تتعلّق بحقوق الإنسان، مع توقعات بأن يطول تأثيره ملايين السائقين عبر رسوم يومية مرتبطة بالاستخدام.
كيف تعمل الرسوم المقترحة؟

وفقًا لما نُقل عن المقترح، سيُطلب من السائقين دفع رسوم تُحتسب على أساس كل ميل يظهر على عدّاد السيارة (الأودوميتر). ويثير المقترح قلقًا إضافيًّا؛ لأنه -بحسَب التحذيرات- قد يشمل الأميال المقطوعة خارج بريطانيا، ما يعني أن السائق قد يُحاسَب على رحلة له في فرنسا أو إسبانيا أو أي دولة أخرى رغم أن تلك المسافات لا ترتبط مباشرة ببنية الطرق داخل بريطانيا.
وتتضمن التفاصيل المتداولة أن سائقي السيارات الكهربائية قد يواجهون رسومًا بمعدل 3 بنسات لكل ميل ابتداء من عام 2028، أما السيارات الهجينة القابلة للشحن فستخضع لمعدل أقل يبلغ 1.5 بنس لكل ميل.
“غير عقلاني أو غير متناسب”: مدخل للطعن القضائي
يرى محامون أن تطبيق الرسوم بالطريقة المشار إليها قد يجعل السياسة عرضة للطعن عبر المراجعة القضائية (Judicial Review). وقال أندرو ساندرسون، المحامي في مكتب (Kingsley 𝖭𝖺𝗉𝗅𝖾𝗒): إن فرض رسوم على أميال تُقطع خارج بريطانيا قد يُتَّخَذ ذريعة على أن الإجراء غير عقلاني أو غير متناسب، ولا سيما إذا كانت الحكومة تبرر الرسوم بأنها ستُخصص لصيانة الطرق وتحسينها.
وأوضح ساندرسون أن فرض رسوم على مسافات قُطِعت في دول أخرى -ولا تسهم في “الاستهلاك” أو “التآكل” الذي تتعرض له طرق بريطانيا- قد يُضعف المبرر المعلن للسياسة، ويجعلها تبدو أقرب إلى آلية تحصيل إيرادات عامة بدلًا من كونها رسمًا موجّهًا لاستخدام الطرق.
زاوية حقوق الإنسان: “التمتع السلمي بالممتلكات”
بحسَب ساندرسون، قد تظهر عقبات محتملة تستند إلى حقوق الإنسان ومبادئ القانون العام. وأشار إلى أن من حق الأفراد التمتع السلمي بممتلكاتهم، وأن الضرائب مسموحة قانونيًّا، لكنها يجب أن تحقق هدفًا مشروعًا وأن تُطبق بما يضمن توازنًا عادلًا.
وبناءً على ذلك، فإن إلزام السائق بدفع رسوم عن أميال خارج بريطانيا دون رابط واضح بالفائدة التي سيجري تمويلها داخل بريطانيا، قد يُعارَض بأنه يُخلّ بذلك التوازن.
موقف الحكومة: الإيرادات لصيانة الطرق وتحسينها

يأتي هذا الجدل في وقت قالت فيه حكومة حزب العمال: إن الإيرادات ستُستخدم لدعم الاستثمار في صيانة الطرق وتحسين حالتها في أنحاء البلاد، وهو ما يشكل المبرر الأساسي الذي يستند إليه المدافعون عن توجهات “الدفع مقابل الاستخدام”.
من جهته قال لاش سارانا من شركة (EZOO) المتخصصة في التأجير عبر نظام (Salary Sacrifice): إن الأمر كان “أقل إثارة للاختبار” في السابق؛ لأن رسوم الوقود كانت بديلًا غير مباشر لضريبة الطريق. لكنه نبّه على أن فرض رسوم مباشرة لكل ميل يجعل المسألة أكثر تعقيدًا من الناحية التطبيقية والقانونية.
هل يمكن الطعن في التشريع نفسه؟
بدوره أوضح آدم كراغز، من مكتب (RPC)، أن الطعن قد يأخذ أيضًا مسارًا مختلفًا عبر طلب إعلان بموجب المادة الـ4 من قانون حقوق الإنسان يفيد بأن بعض الأحكام غير متوافقة مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وأشار إلى أن هذا النهج استُخدم سابقًا في الطعن على فرض ضريبة القيمة المضافة على رسوم المدارس الخاصة، لكنه لفت إلى أن المحاكم في بريطانيا تكون في الغالب مترددة في التدخل في السياسات الضريبية.
وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن أي تحوّل نحو رسوم “الدفع مقابل كل ميل” يجب أن يُبنى على وضوح تشريعي كامل ومعايير عدالة وشفافية لا تترك المواطنين أمام التزامات مبهمة أو قابلة للتأويل، ولا سيما إذا تعلق الأمر بفرض رسوم على أميال تُقطع خارج بريطانيا. وتؤكد المنصة أن تمويل صيانة الطرق هدف مشروع، لكن تحقيقه ينبغي ألا يأتي على حساب الثقة العامة أو يفتح الباب لإجراءات قد تُفسَّر بأنها غير متناسبة أو مجرّد وسيلة لزيادة الإيرادات، بل يجب أن يراعي مبدأ التناسب ويقدّم ضمانات واضحة بشأن كيفية الاحتساب والرقابة وأوجه الإنفاق، بما يحفظ حقوق السائقين ويمنع أي شعور بالاستهداف أو التعسف.
المصدر: birminghammail
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
