رسالة من طلاب التوجيهي في غزة إلى العالم
إلى قلوبٍ ربما نسيت، أو أُثقلت بانشغالاتها،
إلى الضمائر التي لا تزال تنبض بالحياة في هذا العالم المتغيّب عنّا،
إلى العالم الذي ينظر إلينا بصمتٍ مخجل،
إلى كل قلب لا يزال ينبض بالإنسانية… نحن طلاب غزة نطرق بابكم بالكلمات، بعدما أُغلقت في وجوهنا كل الأبواب.
نحن طلاب التوجيهي في غزة، لم نحمل القلم هذا العام، بل حملنا على أكتافنا ألمًا يفوق أعمارنا. لم ندخل قاعات الامتحان، بل دخلنا قاعات لنختبئ فيها، بين قصف وخوف، بين فقد وتشريد، في الوقت الذي كنتم تحتفلون فيه ببداية فصلٍ جديدٍ من أعماركم، كنّا نحاول فقط البقاء على قيد الحياة.
أحلامنا بسيطة… كنّا نريد أن نصبح أطباء لنعالج الأطفال المبتورين، مهندسين نبني لا نعيد بناء ما هُدم، معلمين نزرع الوعي لا نعلّم محاربة الخوف ومعالجة نفسيات الطلاب. كنّا نريد أن نفرح بنهاية اثني عشر عامًا من التعب، أن نهدي شهاداتنا لآبائنا الذين تعبوا معنا، وأمهاتنا اللواتي بكين دعاءً لأجلنا.
لكننا الآن نحمل شهادات من نوعٍ آخر: شهادات من صبرٍ وصمود، من وجعٍ لا يمكن أن يُمتحن في أرقى جامعات العالم، من أملٍ لا يُكسر. نحمل شهادات لأعمار تفوق أعمارنا بسنوات، نحمل خوفًا من ماضٍ مجهول. نكتب لعالمٍ مشغولٍ عنّا، نكتب هذه الرسالة لعلها توقظ قلبًا، تُحرّك ضميرًا، تُعيد النظر في صمتٍ أصبح قاتلًا. وَيْحَكُمْ، ماذا تنتظرون؟!
لا نريد شفقة من أحد، نطالب فقط بحقنا في الحياة، في التعليم، في الحلم.
جميع ديانات وشرائع الأرض توصي بالتعلّم، فهو المنارة التي تضيء الحياة.
وسنقاوم من أجل الحياة، لأننا شعب يحبّ الحياة، ولن نقبل أن نعيش حياةً مظلمة. لن نقبل، ولن نُسامح من سرق أجمل لحظاتٍ كنّا نتمنّى أن نعيشها كباقي طلاب العالم.
لن نُسامح من دمّر مدارسنا، من دمّر أحلامنا.
سنبني من تحت الركام مستقبلًا لا مكان فيه للظلم ولا للظلام.
نحن قصص نجاحٍ مؤجّلة، عيون تنتظر الغد، وقلوب تنبض رغم كل شيء.
احفروا رسالتنا في قلوبكم،
لعلّها تُعيد لنا بعضًا من مستقبلٍ نحاول ألا ننساه.
رسالتنا هذه لن تنتهي بترك هذا القلم، بل ستكمل في ضمير كلّ حر، وتُكتب من جديد في كل قلبٍ أنصف الحقيقة، وساندنا في معركتنا من أجل الحياة.
طلاب الثانوية العامة – غزة
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة
رسالة عظيمة