رسالة جوردان بيترسون للمسلمين تثير حفيظة الملايين
في 13 يوليو، نشر الأكاديميّ الكنديّ، جوردان بيترسون، رسالة فيديو مثيرة للجدل للمسلمين على موقع يوتيوب، أنتجتها مؤسسة ديلي واير (The Daily Wire)، وقد حصل الفيديو على ما يقرب من 2 مليون مشاهدة في غضون يومين وقوبل بانتقادات حادة بسبب محتواه.
إذ اعترضت العديد من الشخصيات الإعلامية البارزة على الافتراضات الفجة حول المسلمين الواردة في الفيديو، لكنّ قلة منهم علّقوا على هدفه المعلن صراحة، والذي يوضحه التعليق المُدون أسفل الفيديو:
“في أعقاب اتفاقات إبراهيم، يقترح الدكتور جوردان بيترسون أنّ المجتمع المسلم يمكن أن يكون مثالًا تاريخيًّا من خلال إجراء اتصال مع من يعتبرونه العدو”.
إنّه يهاجم المسلمين بشدة، ويناشدهم أن يستلهموا السلام من أداة التطبيع الصهيونية الإسرائيلية، و”اتفاقات أبراهام”، وأن يحتضنوا مجموعات أخرى. يمكن قراءة ذلك على أنّه محاولة لتشجيع ودعم تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم وإخضاع الحكومات الإقليمية لإرادة إسرائيل، باسم التسامح الدينيّ!.
فما الذي يمكن أن يُفسّر تحول بيترسون المؤيد بشدة لإسرائيل؟، تشير الدلالات وراء هذا الفيديو إلى أنّه جزء من حملة منسقة لتسويق اتفاقيات إبراهيم للمسلمين.
ذا ديلي واير (The Daily Wire)
Beyond Daily Wire. Beyond Order. Jordan Peterson is now on @dailywireplus! Use code "PLUS" for 35% off here: https://t.co/zNO6vteWzn pic.twitter.com/MSw7VavtvP
— Daily Wire (@realDailyWire) June 30, 2022
أُنتجت رسالة بيترسون المصورة إلى المسلمين من قبل مؤسسة ديلي واير (The Daily Wire) الإعلامية. ويُعدّ كبير مسؤولي العمليات في المؤسسة جون لويس، محللًا استخباراتيًّا سابقًا في مشاة البحرية الأمريكية، كما توظف المنظمة أيضًا ضابط الاستخبارات العسكرية الأمريكية السابق ويسلي شميدت في تحليلات خدمة العملاء.
وبصفة بن شابيرو مؤسس لصحيفة ديلي واير من جهة وصديق بيترسون من جهة أخرى، من المرجح أيضًا أن يكون قد شارك في صناعة الفيديو. ففي اليوم نفسه الذي نُشرت فيه رسالة بيترسون المستوحاة من اتفاقات أبراهام إلى المسلمين، نشر شابيرو مقابلة مع “أرييه لايتستون”، المبعوث الأمريكيّ الخاص للتطبيع الاقتصاديّ، على بودكاست خاص به لصحيفة ديلي واير.
ووفقًا لموقع وزارة الخارجية الأمريكية، فإنّ لايتستون مكلف بتمثيل “المصالح الأمريكية في تطبيع العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان وكوسوفو والمغرب”. وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست (Jerusalem Post) أنّ لايتستون، الذي يصف نفسه بأنّه “صديق” لشابيرو، “يلعب دورًا أساسيًّا في التحركات الاستراتيجية الكبيرة التي حدثت على طول المحور الأمريكيّ الإسرائيليّ”، وخاصة “سلسلة اتفاقات التطبيع والسلام التي تمّ التوصل إليها في الأشهر الأخيرة”.
إذ نشرت صحيفة ديلي واير العديد من المقالات حول اتفاقيات أبراهام، بما في ذلك مقابلتان مع وزير الخارجية الأمريكيّ آنذاك، مايك بومبيو، حول هذا الموضوع لبودكاست شابيرو، وكلاهما تمّ نسخهما والترويج لهما على موقع وزارة الخارجية الأمريكية.
وفقًا لهذه المعطيات، من الواضح أنّ بيترسون كان جزءًا من حملة أوسع للترويج لاتفاقات أبراهام، سواء عن قصد أو عن غير قصد. والسؤال هنا: أكان الدفع من الجانب الأمريكيّ أم الجانب الإسرائيلي؟ أو كليهما؟
عمل مؤسسا صحيفة “ديلي واير”، بن شابيرو وجيريمي بورينغ، في منظمات لها صلات كبيرة بالمؤسسات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية. وغرّد بن شابيرو في وقت سابق متهكمًا على المسلمين: “الإسرائيليون يحبون البناء، بينما العرب يحبون الهدم والعيش في مياه الصرف الصحيّ”. واحتوت تغريدته على هاشتاغ #settlementsrock.
قبل تأسيس صحيفة ديلي واير، كان شابيرو زميلًا لروبرت شيلمان في مركز ديفيد هورويتز للحرية، حيث تمّ تمويل منصبه مباشرة من قبل شيلمان، وفي الوقت نفسه كان يجلس في مجلس إدارة أصدقاء جيش الدفاع الإسرائيليّ ويضخ ملايين الدولارات في المنظمة الصهيونية الأمريكية جنبًا إلى جنب مع منظمات بناء المستوطنات الرئيسة.
على جانب آخر، لعب المخرج الأمريكيّ جيريمي بورينغ دورًا أساسيًّا في تطوير مشروع منظمة براغر يو (Prager U)، الذي أسسه عضو جماعات الضغط الإسرائيلية دينيس براغر. وفقًا للمؤسس المشارك للمنظمة ألين إيسترين، فإنّ جيريمي بورينغ “توصل إلى النمط المرئي المميز للموقع”.
أمّا ماريسا ستريت، الرئيس التنفيذيّ للمنظمة، فهي عميلة سابقة لوحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية سيئة السمعة “الوحدة 8200”. كما أنّها في الوقت نفسه مديرة العمليات في المجلس الإسرائيليّ الأمريكيّ وتتباهى علنًا بالعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية.
مبادرة أبراهام للسياسات العالمية
يرتبط جوردان بيترسون أيضًا بمجموعة الضغط الإسرائيلية التي تتخذ من كندا مقرًا لها، وهي مبادرة أبراهام للسلام العالميّ. أُعدت المنظمة كفرع لإعطاء القوة لاتفاقات أبراهام، وهي موطن للعديد من المؤيدين البارزين لبيترسون. وقد كتب مؤسس هذه المنظمة، آفي بينلولو، عن محاولات مزعومة لإسكات بيترسون.
وحظي عمل عضو مجلس إدارة مبادرة أبراهام للسياسة العالمية، ريتشارد كرافاتس، بدعم علنيّ من بيترسون عدة مرات. وقع آخرها خلال الاعتراضات التي واجهتها زيادة المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل في الكونغرس الأمريكيّ.
The Murderous Anti-Semitism of the Effort to Kill Iron Dome https://t.co/8hkcL8PWee
— Dr Jordan B Peterson (@jordanbpeterson) September 27, 2021
في وقتٍ سابقٍ، نشر كرافاتس مقالًا بعنوان “معاداة السامية القاتلة للجهود المبذولة لقتل القبة الحديدية في موقع صحيفة تايمز أوف إسرائيل، إذ أعطى بيترسون المقال ختم الموافقة عليه وروّج له علنًا لملايين المتابعين على صفحته عبر تويتر.
وعلى المنوال نفسه، أشاد محمد التوحيديّ، وهو عضو آخر في مجلس إدارة AGPI، ببيترسون باعتباره “واحدًا من أعظم العلماء الذين ساهموا على الإطلاق في الفكر البشريّ”. كما روّج التوحيديّ علنًا لرسالة بيترسون إلى المسلمين باستخدام هاشتاغ #AbrahamAccords، مما يشير إلى جهد منسق. إضافةً لدعم ستوكويل داي، عضو مجلس الشيوخ والوزير الكنديّ السابق وعضو مجلس إدارة AGPI الحالي، جوردان بيترسون.
من خلال ربط كلّ تلك الخيوط بعضها ببعض، يبدو لي أنّه لا يمكن إنكار أن تدخل جوردان بيترسون الأخير يركز على تسويق الاعتراف بإسرائيل لجمهور المسلمين، وإذا حكمنا من خلال الشركة التي يحتفظ بها، إلى جانب الشركة التي توظفه حاليّا، فمن المرجح أن تكون جزءًا من حملة منسقة.
لوكي فنان هيب هوب بريطانيّ عراقيّ وناشط سياسيّ أكاديميّ. وهو أحد رعاة تحالف أوقفوا الحرب، وحملة التضامن مع فلسطين، وشبكة العدالة العرقية، ومشروع السلام والعدالة الذي أسسه جيريمي كوربين.
اقرأ أيضًا:
ضغوط إسرائيلية لحذف مواد فنان الراب لوكي من سبوتيفاي
عرب بريطانيا: الهوية والانتماء وتعقيدات أخرى
الرابط المختصر هنا ⬇