دراسة تكشف: شركات تبرعت للعمال حصلت على عقود حكومية بـ138 مليون باوند
كشفت دراسة جديدة أن الحكومة البريطانية منحت عقودًا ضخمة لشركات قدّمت تبرعات مالية لحزب العمال، في تطور يثير تساؤلات حول العلاقة بين التمويل السياسي والإنفاق العام في بريطانيا.
عقود بالملايين بعد تبرعات سياسية

بحسب تقرير صادر عن معهد أوتونومي (Autonomy Institute)، حصلت شركات تبرعت بأكثر من 580 ألف باوند لحزب العمال على عقود حكومية تقارب قيمتها 138 مليون باوند خلال العامين اللذين أعقبا التبرعات (من يوليو 2024 حتى يونيو 2025).
وأشار التقرير إلى أن هذا النمط من التعاملات لا يقتصر على حزب العمال، بل شمل أيضًا حكومات المحافظين السابقة، حيث فازت شركات داعمة للحزب بعقود قيمتها 25.4 مليار باوند في السنوات الماضية.
أكثر من 100 شركة مرتبطة بالأحزاب السياسية
ووفق الدراسة، تم تحديد أكثر من 100 شركة قدّمت تبرعات لأحزاب سياسية ثم فازت بعقود حكومية، في حين بلغت القيمة الإجمالية للعقود الممنوحة لتلك الشركات نحو 28.8 مليار باوند مقابل تبرعات بلغت 30 مليون باوند.
ومن بين أبرز الشركات:
- بارينغا بارتنرز (Baringa Partners)، التي تبرعت بـ30 ألف باوند لحزب العمال في يناير 2024، ثم حصلت على عقود حكومية بقيمة 35 مليون باوند.
- غرانت ثورنتون (Grant Thornton)، التي تبرعت بنحو 81 ألف باوند بين 2023 و2024، وتلقت لاحقًا عقودًا بقيمة 6.5 مليون باوند.
انتقادات لضعف آليات الرقابة
قالت الدكتورة سوزان هوولي، المديرة التنفيذية لمنظمة سبوتلايت على الفساد، إن “الثقة العامة تتعرض للضرر عندما يشعر المواطنون أن من يملكون نفوذًا سياسيًا يحصلون على امتيازات في العقود الممولة من أموالهم”.
وأضافت أن “النتائج الأخيرة تكشف خللًا ممنهجًا في تعامل بريطانيا مع تضارب المصالح، ويجب أن تؤدي إلى إصلاحات حقيقية، من بينها استبعاد المتبرعين السياسيين من عمليات الشراء الحكومية والنظر في حظر تبرعات الشركات المتعاملة مع الدولة”.
رد الحكومة وحزب المحافظين
من جانبه، أكد متحدث باسم حزب المحافظين أن الحزب “يموَّل عبر العضوية وجمع التبرعات المعلنة قانونيًا”، مشددًا على أن التبرعات “لم تؤثر في قرارات منح العقود الحكومية”.
أما الحكومة البريطانية فقد قالت في بيان رسمي إن “جميع العقود تُمنح وفق قواعد عادلة وشفافة، وبما يحقق أفضل قيمة لموارد دافعي الضرائب”.
دعوات لحظر تبرعات الشركات المتعاقدة مع الحكومة

ودعا الدكتور ويل سترونغ، المدير التنفيذي لمعهد أوتونومي، إلى حظر حصول المتبرعين السياسيين على عقود حكومية، مؤكدًا أن “تداخل المال السياسي مع المصلحة العامة يجعل الخط الفاصل بين الخدمة العامة والنفوذ الخاص غامضًا وخطيرًا”.
شركات استراتيجية ضمن القائمة
شملت الدراسة أيضًا أربع شركات من “الموردين الاستراتيجيين” للحكومة البريطانية – أي الشركات التي تعتمد عليها الدولة بشكل أساسي – وهي: فوجيتسو (Fujitsu)، كيه بي إم جي (KPMG)، مايكروسوفت (Microsoft) وبي دبليو سي (PwC)، حيث تبين أن بعضها تبرع لكل من العمال والمحافظين ثم حصل على عقود في عهد الحكومتين.
خلفية: العمال انتقد المحافظين سابقًا
قبل انتخابات عام 2024، كان حزب العمال قد انتقد منح عقود ضخمة لشركات مقربة من المحافظين خلال جائحة كورونا دون منافسة شفافة، وقالت ريتشيل ريفز، وزيرة مالية الظل حينها: “من الطبيعي أن يغضب البريطانيون عندما يرون أموالهم العامة تذهب إلى أصدقاء ومتبرعين لحزب المحافظين.”
في المقابل، أكدت شركة PwC أن دعمها للأحزاب السياسية يتم في إطار “مساعدة فنية محدودة وتحت إشراف صارم”، نافية أي انتماء سياسي، بينما رفضت KPMG التعليق، ولم ترد بقية الشركات على طلبات التعليق.
معهد أوتونومي: المشكلة منهجية
خلصت الدراسة إلى أن جزءًا من العقود التي تصل قيمتها إلى 28.8 مليار باوند يمتد لسنوات مقبلة ولم يُنفذ بالكامل بعد، ما يشير إلى استمرار العلاقة الوثيقة بين المال السياسي والمصالح الحكومية، وهي علاقة يرى الخبراء أنها “تتطلب إصلاحًا جذريًا لضمان الشفافية والمساءلة”.
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
