دراسة: العمل من المنزل بعد جائحة كورونا لم يعزّز اقتصاد بريطانيا

كشفت دراسة أكاديمية حديثة أنّ التحوّل واسع النطاق إلى العمل من المنزل بعد جائحة كورونا، والذي شمل فئات واسعة من أصحاب المهارات العالية، لم يؤدِ إلى إعادة توزيع النشاط الاقتصادي داخل بريطانيا كما توقّع كثيرون، بل ساهم في تعزيز التفاوتات القائمة بدلًا من تقليصها.
ورغم الانتشار الواسع لنظام “العمل الهجين” – حيث يتنقل الموظفون بين مقار العمل ومواقع أخرى مثل المنزل – فإن هذه الصيغة ظلّت حكرًا على الفئات الأكبر سنًّا والأعلى مهارة، لا سيما في لندن والمدن الكبرى.
وبحسب التقرير، فإن 52% من العاملين في المملكة المتحدة لا يعملون من المنزل إطلاقًا، فيما تنخفض هذه النسبة إلى 29% فقط بين أصحاب المهارات العالية.
مركزية المدن لا تزال قائمة
وأوضح الباحثون أن تفضيل العمل الهجين على العمل عن بُعد الكامل يعني بقاء معظم الموظفين مرتبطين فعليًّا بمكان عمل في مركز المدينة، مما خيّب الآمال بتحفيز هجرة مهنية واسعة نحو المناطق الأقل تكلفة.
وقال الدكتور ديفيد ماكولوم، أحد معدّي التقرير وأستاذ الجغرافيا في جامعة سانت أندروز:
“لم نشهد الانتقال الجماعي الذي كنا نطمح إليه في بداية الجائحة. المهنيون لا يزالون يختارون العيش في أماكن توفر أفضل الأجور وأوسع الفرص.”
وأشار التقرير إلى أن انتقال أصحاب المهارات العالية يعود غالبًا إلى الحاجة إلى مساحة سكنية أكبر، وليس بفعل تغيّر في فرص العمل.
وقد دعا معدّو الدراسة، التي موّلتها وزارة الإسكان والمجتمعات والحكم المحلي إلى جانب مجلس البحوث الاقتصادية والاجتماعية، صناع القرار إلى التحرك لتفادي تفاقم التفاوتات الجغرافية بسبب العمل من المنزل.
وقال ماكولوم: “انتقال أصحاب الأجور المرتفعة إلى مناطق جديدة يمكن أن يرفع أسعار العقارات، مما يزيد من الفجوات الاجتماعية على المستوى المحلي.”
مقترحات للحكومة البريطانية
في ظل سعي حكومة حزب العمال إلى توطين 50% من كبار موظفي الخدمة المدنية خارج لندن خلال خمس سنوات، أوصى التقرير بتوفير حوافز للشركات من أجل إنشاء مراكز عمل هجينة أو عن بُعد في المدن الثانوية، إلى جانب دعم فضاءات العمل المشترك والبنية التحتية خارج العاصمة
وأشار نيكولاس بلوم، أستاذ الاقتصاد في جامعة ستانفورد، إلى أن الموظفين يعتبرون العمل الهجين معادلاً لزيادة في الراتب بنسبة 8%، موضحًا أمام لجنة في مجلس اللوردات أن “العمل الهجين يُعزّز من قدرة المؤسسات على الاحتفاظ بالموظفين وجذبهم، وإذا نُظّم جيدًا، فلا يؤثر سلبًا على الإنتاجية.”
عودة الشركات إلى نمط ما قبل الجائحة
وقد انضمّت شركة “بلاك روك”، أكبر مدير أصول في العالم، إلى عدد من الشركات الكبرى مثل “أمازون” في إلغاء سياسات العمل عن بُعد، وأصدرت تعليمات تلزم المديرين التنفيذيين بالعودة الكاملة إلى المكتب.
وأعرب بلوم عن اعتقاده بأن بعض الشركات تسعى من خلال فرض العودة إلى المكتب إلى دفع بعض الموظفين للاستقالة طوعًا، لتقليص حجم القوى العاملة.
وقال: “اليوم الخامس على وجه الخصوص يُثير انزعاج الموظفين. إجبارهم على الحضور يوم الجمعة لا يبدو أنه يحسّن الإنتاجية.”
المصدر الغارديان
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇