العرب في بريطانيا | حين خان الأشقاء دم أختهم… وسكتوا عن المغتصب!

1446 ذو القعدة 7 | 05 مايو 2025

حين خان الأشقاء دم أختهم… وسكتوا عن المغتصب!

مقالArtboard 2 copy (4)
عدنان حميدان May 5, 2025

كان يا ما كان، في قديم الزمان، مجموعة من الأشقاء عاشوا في بيت واحد، ولهم شقيقة وسطى.

في تقاليدهم العائلية، وفي تراثهم القيمي، كانت الأختُ أعز ما يملكون؛ فهي رمز العزة، ومرآة الشرف، وسرّ الكرامة.

تربّوا على أن المساس بالأخت جريمة، وأن الاقتراب منها بغير حق خط أحمر لا يُغتفر، وأن من يُفرّط فيها كأنما تخلّى عن كل ما بقي من رجولته ومروءته.

لكن، كما تتبدل الفصول، تتبدل النفوس.

تسلّلت إلى نفوس بعض الإخوة رياح الطمع، ودخلت قلوبهم إغراءات الجيران، وتربّع على عقولهم سحرُ القوة والنفوذ الذي يمتلكه زعماء العصابات في الحي المجاور.

شيئًا فشيئًا، بدؤوا يبررون التخاذل، يبيعون مواقفهم بثمن بخس، ويتنازلون عن مبادئهم مقابل وعود فارغة أو مصالح آنية، ويلتمسون المعاذير.

ثم جاء اليوم المشؤوم…

دخل غريب عليهم، لا يربطه بهم نسب ولا رحِم، واعتدى على أختهم بوحشية في وضح النهار.

استغاثت، وصرخت، وبكت، لكن أحدًا منهم لم يَنبس ببنت شفة، ولم يحرّك ساكنًا.

كانوا يرون، ويسمعون، لكنهم آثروا الصمت.

ثم بعد أن أنهكها الألم، وانتهى المعتدي من جريمته، جاؤوها ببعض الطعام، وقليل من الدواء، لا ليوقفوا النزف، بل ليمنحوها ما يكفي لتحيا حتى تُجلد من جديد.

كانوا يعرفون أنها ستُهاجَم مرة أخرى، لكنهم أرادوا لها أن تبقى على قيد الألم، فقط كي لا يُقال إنهم تخلّوا عنها تمامًا.

كان ذلك هو الحد الأدنى من “الوفاء” الذي ظنّوه كافيًا!

أما اليوم، فقد ذهب ذلك القليل أيضًا…

لم يعودوا يرسلون دواءً، ولا طعامًا، ولا حتى دمعة تعاطف أو كلمة عزاء.

بل تطوّر الأمر إلى ما هو أفظع:

صاروا يطلبون منها ألّا تقاوم، وألّا تصرخ، وألّا تشتكي.

يريدونها أن تُخفي دماءها، وتَستُر وجعها، وتُقنِع نفسها بأن ما حصل كان مجرد حادث عابر.

الأسوأ من ذلك كله، أنهم يطلبون منها أن تشكرهم على ما فعلوه لها في الماضي، وأن تتعاون مع المعتدي ذاته؛ لأنه -حسَب زعمهم- “أمرٌ واقع” لا يمكن تغييره!

ومما يدعو للحسرة أكثر، أن بعض الأشقاء، في بداية الجريمة، كانوا قد سمحوا لبعض أبنائهم أن يرفعوا أصواتهم تضامنًا مع الأخت.

صرخوا، وعبّروا عن ألمهم، كتبوا ورفعوا لافتات، أعلنوا تضامنهم معها في وجه المعتدي.

لكن حتى هذا لم يُرضِ الكبار…

فها هم اليوم يمنعون أبناءهم من التعبير، يكتمون صوتهم، ويهددونهم، يخشون أن يُقال عنهم إنهم خرجوا عن الطاعة!

تغيّر الموقف من: “لا تمسّ الأخت”، إلى “لا تزعج المغتصب”!

أيّ جريمة هذه؟!

أيّ انحطاط أخلاقي يجعل الشقيق يطالب شقيقته بأن تشكر من خذلها؟!

أيّ قلب يمكن أن يتحمّل هذا القدر من النفاق والجبن والخيانة؟!

أيّ نخوة مزّقها الطمع، والذل، والخوف؟!

هكذا يُصنع العار… لا بسكين الغريب، بل بصمت القريب.

 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
2:52 pm, May 5, 2025
temperature icon 12°C
scattered clouds
Humidity 67 %
Pressure 1021 mb
Wind 17 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 40%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 5:24 am
Sunset Sunset: 8:29 pm