لماذا نطلق حملة “الصوت العربي” في الانتخابات البريطانية؟
تأثير الأقليات في الحياة العامة بالمجتمعات الديمقراطية والمنفتحة، لا يرتبط بالكمّ بقدر ارتباطه بالنوع وكيفية التفاعل، وهذا ما فعلته أقليات كثيرة، والجالية العربية في بريطانيا ليست دون تلك الأقليات، وهي مطالَبة بتعزيز أدائها وتكثيف جهودها في الانتخابات القادمة؛ وفاءً للجرح النازف في غزة، وأخذًا بعين الاعتبار الوجود العربي المتعاظم في لندن ومانشستر ومعظم مدن المملكة المتحدة، حتى إن الأطباء من أصول عربية أصبحوا شبه أغلبية في قطاع الخدمات الصحية (NHS)، فضلًا عن الحضور العربي الوازن في مختلف القطاعات الأخرى.
وتشير التقديرات إلى أن عدد أفراد الجالية العربية في بريطانيا يناهز المليون، ويتمركز معظمهم في لندن ثم مانشستر، ومع أن السجلات الرسمية تتحدث عما هو أقل، فإن هذا لا يقلل أبدًا من قدرتهم على التأثير، ولا سيما أنّ بينهم أصحابَ كفاءات مهنية وأكاديمية.
وهم مع الأقلية المسلمة وكثير من أصحاب الأفكار اليسارية والمناضلين الحقوقيين من البريطانيين، قادرون على إحداث فرق نوعي في انتخابات منصب عمدة لندن، المقرر إجراؤها في شهر أيار/مايو، والانتخابات العامة في البلاد، المقرر إجراؤها قبل نهاية العام الجاري 2024.
حملة “الصوت العربي” في الانتخابات البريطانية
ويتقاطع هذا مع تحريض غير مسبوق في درجة السوء، تمارسه حكومة المحافظين بقيادة ريشي سوناك، وهي تحمّل مسلمي بريطانيا ومظاهرات التضامن مع غزة تَبِعات إخفاقها في إدارة شؤون البلاد داخليًّا وخارجيًّا.
وتحاول إشاحة الأنظار المسلّطة على إخفاقها بتوجيه اتهامات فارغة لكل من يرفض العدوان على غزة.
هذه المخالفات الفظيعة للمواثيق الدولية في حقوق الإنسان، التي ترتكبها تل أبيب في غزة بالتطهير العرقي والإبادة الهمجية والعقاب الجماعي، أدت إلى تنامي التعاطف الغربي، وينبغي أن يُستثمَر هذا التعاطف في الناحية السياسية والناحية الحضارية، بمقاطعة من تورط بدعم الإبادة أو سكت عنها، ودعم انتخاب من يقف ضده في الدائرة نفسها، ممن هو أقرب للدفاع عن العدل والكرامة الإنسانية ورفض الظلم الحاصل في فلسطين وفي كل مكان.
إن من حق أبناء الجالية العربية في بريطانيا أيضًا دعم مَن يرونه مناسبًا منهم، ليخوض غمار المعركة الانتخابية، وتقدير ثقلهم السياسي على مستوى الأفراد.
مادور الصوت العربي في تشكيل المشهد السياسي في بريطانيا؟
وقد سبق لناظم الزهاوي، وهو من أصل كردي عراقي، أن حظي بمقعد عن حزب المحافظين، وكذلك ليلى موران عن حزب الديمقراطيين الأحرار، والفرصة مواتية لآخرين، مثل: ليان محمد في شمال إلفورد، وحلمي الحراحشة في شمال إيلينغ، ومنى آدم في كنسنغتون، وكامل حواش في بيرمنغهام ومحمد الحاج علي في كارديف.
وقد يكون من نقاط ضعف المرشحين العرب في الانتخابات القادمة: خوضهم غمار تلك المعركة بوصفهم شخصيّات مستقلة أو عن أحزاب صغيرة لا عن الأحزاب الكبرى في البلاد، فضلًا عن دخول بعضهم في دوائر تحظى بمرشحين أو نواب سابقين مشهورين جدًّا في الساحة، ولهم مواقف قوية وشجاعة في التضامن مع قضية فلسطين والقضايا الأخرى، ولذلك قد تكون الأقليات المتضامنة معنا أكثر اهتمامًا بهم من المرشح العربي في تلك المنطقة.
ولكن ثمة دوائر ما زالت فرص المنافسة بها كبيرة وقائمة، وحضور المرشح العربي المسلم فيها سيكون له أثره الأكبر كذلك.
دور الأقليات المتضامنة في دعم حملة ‘الصوت العربي’ في بريطانيا
ليس بدعًا من القول في العمل السياسي في بريطانيا أن تسعى أقلية معينة داخل البلاد لحضور نوعي يحافظ على حقوقها، واليهود البريطانيون من المتعاطفين مع الحركة الصهيونية سبّاقون إلى ذلك، فضلًا عن سفر مسؤولين لمناطق قبلية في الهند وباكستان؛ لإقناع زعماء فيها بضرورة حث أبناء القبيلة في بريطانيا على انتخابهم.
كل الأسباب المذكورة آنفًا تؤكد ضرورة التفاعل مع حملة “الصوت العربي”، التي أطلقتها منصة العرب في بريطانيا، وضمت في نواتها الأولى نحوًا من 140 شخصية عربية من مختلف المدن، وقد اختاروا هيئة تنسيقية لهم، ورسموا إطارًا عامًّا للعمل ضمن مراحل؛ من أجل إحداث فرق نوعي ودور بارز، يتكامل مع باقي الحملات التي أطلقتها أقليات وجهات قريبة من العرب البريطانيين.
فنحن -أبناء مدرسة “إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية” وأصحاب شعار “يد الله مع الجماعة”- معنيون بالعمل الجماعي المنسّق المنظّم لنكون مؤثرين، وتكون الغاية من تأثيرنا نصرة المستضعفين في غزة، وحفظ حقوق أجيالنا القادمة.
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇