العرب في بريطانيا | إرشادات لحماية أبناء المسلمين في بريطانيا من ال...

1446 ربيع الأول 4 | 08 سبتمبر 2024

إرشادات لحماية أبناء المسلمين في بريطانيا من التفكير في الانتحار

أبناء المسلمين في بريطانيا
فريق التحرير January 4, 2023

يندُر أن يُطرَح موضوع الانتحار للنقاش في المجتمع المسلم، وجرَّاء ذلك يعاني عدد كبير من المسلمين من معاناة نفسية بمستويات مختلفة؛ بسبب الفكرة التي تقُضُّ مضجع صاحبها. وبهذا الصدد يتساءل بعض الناس عما يجب فعله لتثقيف أبناء المسلمين في بريطانيا وحمايتهم من خطر التفكير في الانتحار؟

لا تنتشر روايات الانتحار كثيرًا بين المسلمين مثل الحوادث الأخرى، فنادرًا ما نسمع عن انتحار أحدهم، بل إننا نسمع عنها فقط عندما ينتحر أحد معارفنا أو أقاربنا. ولكن علينا الاعتراف بأن الانتحار يحدث في المجتمع المسلم كما يحدث في أي مجتمع آخر.

كيف نحمي أبناء المسلمين في بريطانيا من الأفكار الانتحارية؟

عندما نتأمل الطبيعة البشرية وبصرف النظر عن الدين، فإن الأفكار الانتحارية جزء من طيف الحالة الإنسانية التي تكون لها جذورها ودوافعها الخاصة. وعدم التطرق إلى هذه المسألة باعتبارها أحد المحظورات يزيد الطين بلة، فعندما نكتفي بمعالجة بعض الأعراض ونتجاهل الأسباب الحقيقية للمشكلة؛ فلن يؤدي ذلك إلا إلى تفاقم الأزمة

كم عدد المسلمين المنتحرين في بريطانيا؟

 

Free photos of Depression
كيف نساعد أبناء المسلمين في بريطانيا في تجتب خطر الانتحار؟ (بيكساباي)

 

لا توجد حاليًّا إحصائيات محددة لمعدل الانتحار داخل المجتمع المسلم في بريطانيا. ووفقًا لأحدث الإحصاءات، كان معدل الانتحار الإجمالي عام 2021 في إنجلترا وويلز 10.7 حالة لكل 100 ألف شخص، علمًا أن نحو 3.3 مليون مسلم يعيشون في بريطانيا.

إذ أخذنا الأرقام السابقة بعين الاعتبار يمكننا حينئذ توقع المعدلات الحالية، فقد يكون هناك زُهاء 361 حالة انتحار في المجتمع البريطاني المسلم سنويًّا، أي انتحار مسلم واحد في اليوم تقريبًا، ولا يأخذ هذا الرقم محاولات الانتحار الفاشلة بعين الاعتبار.

وقد أشارت دراسة حديثة في عام 2022 إلى أن معدلات الانتحار في البلدان الإسلامية أقل من المتوسط. وخلص مؤلفو الدراسة إلى أن الأمر يستدعي مزيدًا من البحث في الأسباب الكامنة وراء ذلك، حيث يستحيل معرفة ما إذا كانت هذه المعدلات ناتجة عن تأثير الدين أو بسبب نقص الإبلاغ عن حالات الانتحار.

وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن هذه الدراسة قارنت بين الدول ذات الغالبية المسلمة، وربما تكون الدراسة أكثر صلة بالدراسة التي حللت معدل محاولات الانتحار بين مسلمي الولايات المتحدة، بناءً على بحث نُشِر في عام 2021. وقد وجدت هذه الدراسة أن معدل الانتحار في المجتمعات ذات الأقلية المسلمة كان ضعف المعدل المسجل عند الجماعات الدينية الأخرى (ويشمل ذلك الجماعات اللادينية). ومن ثَمّ فإن تطبيق هذه الاستنتاجات على بريطانيا ستكون أكثر ملاءمة.

ساجد جافيد هو أحد المسلمين القلائل في بريطانيا الذين تحدثوا علنًا عن فقدان شخص مقرب لهم بالانتحار. عانى وزير الصحة السابق من خسارة مأساوية لشقيقه الذي انتحر في عام 2018. ووصف جافيد كيف طُلب منه التستر على سبب الوفاة؛ لوصمة العار المرتبطة بالصحة النفسية للشخص المنتحر.

وفقد عنايات بونجلاوالا السكرتير الإعلامي السابق للمجلس الإسلامي البريطاني، هو الآخر ابنه الذي انتحر في عام 2021. وكتب عنايات حينها عن حاجة المجتمعات إلى الابتعاد عن فكرة أن الانتحار موضوع مثير للجدل، وعن حاجة المجتمعات المسلمة إلى التوصل إلى نقطة يُنظر فيها إلى الانتحار كما يُنظر إلى الموت بالسرطان من حيث المواقف وكيفية الاستجابة له.

وصمة عار الانتحار عند أطفال المسلمين في بريطانيا

Free photos of Woman
لماذا لا يطرح موضوع الانتحار بين الناس؟ (بيكساباي)

 

الانتحار أمر مؤلم يمكن أن يؤثر في دائرة كبيرة من الناس خارج العائلة والأصدقاء. وتشير التقديرات إلى أن زُهاء 135 شخصًا يتأثرون بكل حادثة انتحار. وفي المجتمع المسلم، يمكن اعتبار الوفاة بهذه الطريقة مشينة ومخزية، ما يمنع أصحاب الأفكار الانتحارية من طلب المساعدة، ويمنع العائلات من الحصول على الدعم الكافي إذا ابتُلوا بهذه المصيبة.

وبهذا الصدد تحدث عمير أحمد مدير (Janazah Community Services) -وهي شركة إسلامية في بروكلين بنيويورك متخصصة في دفن الموتى- عن أن الرغبة في الحفاظ على خصوصية الأسرة تدفع إلى عدم الإفصاح عن المعلومات الخاصة بسبب الوفاة. وذكر أنه يرى نحو حالة انتحار واحدة في الشهر في مؤسسته، ومع ذلك فمن النادر أن تُناقش مسألة الأمراض النفسية والانتحار معًا.

هذا ويحجم وُجَهاء المجتمع أنفسهم عن الحديث عن الانتحار؛ وربما يرجع ذلك إلى حرصهم على عدم تشويه سمعتهم فرادى وجماعات، أو لأنهم يفتقرون إلى مهارات التعامل مع مثل هذه القضايا المعقدة. وفي كِلتا الحالتين، من المحتمل أن يكون هذا التردد مرتبطًا بفهم سطحي لموقف الدين من الانتحار، حيث يحتاج علماء الدين إلى بذل مزيد من الجهد؛ لفهم موضوع الانتحار بطريقة أكثر دقة ومشاركة ذلك مع مجتمعاتهم.

وقد يتضمن هذا تحويل المنظور الحالي إلى منظور يربط الانتحار باعتلال الصحة النفسية والعقلية، بدلًا من نقص أو ضعف الإيمان أو انتهاك حدود الشرع. ويكون ذلك بالاعتراف بخبايا الصحة النفسية والتصالح معها لعلاجها، وبتسليط الضوء على وجهات النظر التي تربط منع الانتحار بمكافأة إنقاذ الحياة، ففي الولايات المتحدة، يوجد برنامج ضخم لمؤسسة مارتيسان (Martisan) في جميع أنحاء البلاد، يستهدف تدريب 500 من وجهاء المجتمع على استراتيجيات منع الانتحار. وستؤدي هذه الجهود إلى التعافي من وصمة العار التي يسببها الانتحار، ومثل هذا البرنامج إذا طُبّق في بريطانيا فربما يحدث فرقًا كبيرًا أيضًا. (Modafinil)

وأفضل طريقة لتجاوز المهانة التي يسببها الانتحار في المجتمعات المسلمة على غرار المجتمعات الأخرى هي طرحها على الملأ دون مواربة أو شعور بالخجلفمن لديهم أفكار انتحارية أو فقدوا أحد أحبائهم منتحرًا لن يُنظر إليهم بالطريقة نفسها إذا كان سبب الوفاة مرض السرطان أو سكتة قلبية. ومن ثَمّ يحتاج المجتمع المسلم إلى إعادة النظر في مواقفه من الانتحار والأمراض النفسية، دون أن ننسى أن تفاقم أزمة الصحة النفسية أثناء الوباء وبعده لن يؤدي إلا إلى مزيد من حالات الانتحار.

قال تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) [سورة المائدة: الآية 32]، تدل هذه الآية الكريمة على عظمة إنقاذ النفس، فبدلًا من اعتبار الكلام عن الانتحار من الممنوعات يجب علينا طرحه؛ لأنه بمثابة إحياء الناس جميعًا.

وقد اعتقد المسلمون في السابق أن الأمراض النفسية والعقلية -مثل الاكتئاب- ناجمة عن ضعف الإيمان والعقيدة، أو عدم الاطمئنان إلى طلب المساعدة من الخدمات المجتمعية، ما يفسر إحجام المسلمين الذين يعانون من أمراض نفسية عن طلب العلاج، وما يجعل تلك الأمراض تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، لتؤدي أحيانًا إلى دخول المصحات والمستشفيات.

وتشير الإحصائيات إلى أن 90 في المئة من حالات الانتحار تكون بدوافع الاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى، التي تؤثر في العقل والتفكير السليم، وتضعف سيطرة المريض على أفعاله.

وبالمقابل لا يمكننا أن ننفي أن الانتحار من منظور الدين يُعَد خطيئة، بل من كبائر الذنوب؛ لأن قتل النفس محرم. ولكن من غير المناسب أيضًا إلقاء الأحكام جزافًا على من يعاني من مرض نفسي وعقله مغيّب وحاول الانتحار أو انتحر؛ لأن الحكم متروك لله فقط؛ لأنه العدل والوحيد الذي يعلم ما تخفي الصدور.

إن التعبير عن إمكانية التسامح مع هؤلاء الناس لا يعني الإيحاء إليهم بأنه لا بأس من إنهاء حياتهم لأنهم سيُغفر لهم (فضلًا عن عدم ذكر ذلك). وهذا الأمر له فائدتان جليلتان:

• يذكر أصحاب الأفكار الانتحارية أن الله هو الغفور، لذا فإن التذكير بلطف الله ورحمته قد يحث من لديه ميول انتحارية على طلب المساعدة.

• يوفر الراحة والاطمئنان للعائلات التي تدعم شخصًا لديه ميول انتحارية، أو فقدت شخصًا بسبب الانتحار؛ لمعرفة أن أحباءهم قد يغفر الله لهم.

يمكن تفادي وَفَيَات الانتحار حتى اللحظة الأخيرة، مثلما قال البروفيسور روري أوكونور أستاذ علم النفس في مختبر أبحاث السلوك الانتحاري بجامعة غلاسكو ورئيس الرابطة الدولية لمنع الانتحار:

“بالنسبة لبعض الناس، يرتبط الانتحار بالتنمر/الاستقواء والطلاق وفقدان الوظيفة. وبالنسبة إلى بعضهم الآخر يتعلق الأمر بالفجيعة أو الإفلاس أو العار أو التمييز أو التقدير الذاتي المنخفض أو المرض. ويكمن الفرق في كيفية استجابتنا للأحداث والظروف الصعبة وكذلك ذكريات الطفولة، ولكن من المهم أن نتذكر أن الانتحار ليس نتيجة حتمية أبدًا، بل يمكن منعه حتى اللحظة الأخيرة”.

 

ما طرق المساعدة؟

Free photos of Alkoghol
كيفية الاستجابة لظاهرة الانتحار (بيكساباي)

رحلة الألف الميل تبدأ بخطوة، ومن الخطوات الأولية البسيطة نشر الوعي بضرورة الحديث عن الانتحار والمشكلات النفسية؛ لأن كبتها يشعل لدى أصحابها فتيل الرغبة في الانتحار وإنهاء المعاناة التي صورتها لهم عقولهم.

إذا كان لديك متسع من الوقت، فيرجى من المعنيين إكمال تدريب (Zero Suicide Alliance) عبر الإنترنت، الذي سيساعدك على زيادة وعيك بالملابسات المحيطة بالانتحار، ويرشدك إلى كيفية الحصول على المساعدة وكيفية دعم من يرغبون في الانتحار من دائرة معارفك، بمنحهم مشاعر الحب واحتوائهم والإصغاء إليه بانتباه وتعاطف ملحوظ،  لأن ذلك سينعكس علينا أيضًا بفوائد عظيمة تكمن في القدرة على سبر أغوار النفس البشرية لنتفادى الوقوع في فخ الأفكار السوداوية، ولا سيما أن شخصًا واحدًا من كل أربعة أشخاص يصاب بمرض نفسي في إحدى مراحله العمرية.

ومن الأشياء المهمة التي يتعين فعلها أيضًا هو اهتمام الأئمة في بريطانيا بموضوعَي الانتحار والصحة النفسية والعقلية، وتكثيف الحديث عنهما وزيادة الوعي بكيفية الاستجابة لهما. قد يكون الأئمة والمساجد أول ملجأ يجمع المسلمين أثناء المحن، ومن ثَمّ فهم يحتاجون إلى فهم كيفية دعم شخص لديه ميول انتحارية، ما يعني الحاجة إلى تدريبهم وتدريب وُجَهاء المجتمع على حد سواء.

 

خدمات الوقاية من الانتحار:

• لمن يفكرون في الانتحار يرجى طلب الدعم من خدمات الطوارئ عن طريق الاتصال بالرقم 999 في بريطانيا.
• خدمة (Samaritans): اتصل بالرقم المجاني 123 116 على مدار الساعة 24/7.
• خط مساعدة الشباب المسلم: اتصل بالرقم 2008 808 0808 مجانًا، من يوم الإثنين إلى يوم الأحد من الـ4 مساء حتى الـ10 مساء.
• استشارة طبيب نفسي.

إذا كنت تدعم شخصًا يعاني من مشكلات نفسية أو يفكر في الانتحار فيُنصح بـ:

• أداة التدريب (Zero Suicide Alliance): وهي أداة تدريب على الإنترنت، مدتها 20 دقيقة تساعدك على فهم كيفية دعم من يعاني من أفكار انتحارية.
• موقع (?R U OK): وهو موقع غني بالمواد المتعلقة بالانتحار والصحة النفسية.
• البحث عن خدمات (NHS) المحلية التي قد تقبل الإحالات الذاتية. وفي إنجلترا يمكنك الاتصال بخدمة العلاجات النفسية المحلية (IAPT).
• الاتصال بمؤسسة (MIND) الخيرية التي تقدم الدعم لهذه الفئة.

إذا خسرت أو كنت على وشك خسارة أحد أقربائك أو معارفك بسبب الانتحار فيُنصح بـ:

• الاتصال بخدمة (Muslim Bereavement Support Service).
• الاتصال بخدمة (Cruse Bereavement Support).
• الاتصال بخدمة (Bereavement by Suicide)
• الاتصال بخدمة (Winston’s Wish) لدعم الأطفال المتضررين من الانتحار.

 

المصدر: Amaliah 


اقرأ أيضًا:

الميرور: تضاعف معدلات الانتحار في سوريا 3 مرات خلال أشهر 

شاب مغربي ينقذ شخصا حاول الانتحار في محطة سوانلي جنوب شرق لندن 

الصحة النفسية : كيف تستثمر القلق لصالحك؟

 

خريجو AUK

loader-image
london
London, GB
12:18 am, Sep 8, 2024
temperature icon 17°C
overcast clouds
Humidity 88 %
Pressure 1005 mb
Wind 3 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 100%
Visibility Visibility: 0 km
Sunrise Sunrise: 6:24 am
Sunset Sunset: 7:31 pm