العرب في بريطانيا | سامي العريان: لماذا يحاول نتنياهو يائسًا جرّ أم...

1447 محرم 4 | 30 يونيو 2025

سامي العريان: لماذا يحاول نتنياهو يائسًا جرّ أمريكا إلى حرب إسرائيل ضد إيران؟

سامي العريان: لماذا يحاول نتنياهو يائسًا جرّ أمريكا إلى حرب إسرائيل ضد إيران؟
رجاء شعباني June 18, 2025

في الثالث عشر من يونيو 2025، أقدمت إسرائيل على شنّ هجوم عسكري مفاجئ وغير مبرر ضد إيران، مستهدفةً أكثر من 100 موقع حيوي، من بينها قواعد عسكرية ومنشآت نووية ومقرّات قيادية عليا. وقد أدّى الهجوم إلى مقتل رئيس أركان الجيش الإيراني، وقائد الحرس الثوري، وعدد من كبار العلماء في البرنامج النووي الإيراني، قبل يومين فقط من انطلاق الجولة السادسة من المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن.

الهجوم الإسرائيلي لم يكن سوى ذروة لعقود من محاولات تقويض إيران عبر الاغتيالات، والتخريب، وانتهاك السيادة، وسط صمت غربي مريب. هذه المرّة، استهدفت الضربة الإسرائيلية رأس النظام الإيراني، وأسفرت عن اغتيال ما لا يقل عن 14 عالِمًا نوويًا في عمليات جوية وتفجيرات سيارات مفخخة.

ورغم تعهد إيران بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT) بالامتناع عن تصنيع السلاح النووي والسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالإشراف على نشاطاتها، ظلّت إسرائيل تعتبر مجرد تطوير إيران للطاقة النووية تهديدًا استراتيجيًا. المفارقة أن إسرائيل نفسها تمتلك ترسانة نووية منذ الستينيات، دون أن تُخضع برنامجها لأي رقابة دولية.

هل كانت واشنطن على علم مسبق؟

استقالة دبلوماسي بارز احتجاجًا على تواطؤ بريطانيا مع جرائم حرب غزة
حرب

بحسب تقارير متعددة، حصلت الولايات المتحدة على معلومات مسبقة حول الضربة. ورغم نفي الإدارة الأمريكية المشاركة المباشرة، أكّدت مصادر مطلعة أن كبار القادة في الكونغرس أُحيطوا علمًا بالعملية، في حين عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تأييده للضربة، واصفًا إياها بـ”الناجحة”، قائلاً إن “واشنطن كانت تعرف كل شيء عنها”.

إلا أن حسابات إسرائيل، التي اعتقدت أنها ستنجح في تحقيق ضربة قاصمة، بدأت تتهاوى سريعًا. فقد ردّت طهران بشكل غير مسبوق، عبر موجات من الصواريخ والطائرات المسيّرة التي استهدفت تل أبيب وحيفا وعددًا من المنشآت الإسرائيلية الحساسة، ما وضع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في مأزق.

مشروع “تأمين الهيمنة الإسرائيلية”

منذ عقود، تتعامل الولايات المتحدة وإسرائيل مع الجمهورية الإسلامية باعتبارها العقبة الأبرز في وجه الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية في الشرق الأوسط. ولطالما مثّل تحجيم نفوذ إيران هدفًا ثابتًا في الاستراتيجية الأمريكية، وهو ما يفسّر دعم واشنطن الضمني لغزو العراق لإيران عام 1980، وتبنّيها لاحقًا سياسة “الاحتواء المزدوج” ضد طهران وبغداد في التسعينيات.

وفي عام 1996، وفي ظل صعود نجم نتنياهو، ظهرت وثيقة استراتيجية بعنوان “الانطلاقة الجديدة: استراتيجية جديدة لتأمين المملكة”، لم تكن “المملكة” هنا الولايات المتحدة، بل إسرائيل.
وبعد هجمات 11 سبتمبر، كشف الجنرال ويسلي كلارك، القائد السابق لحلف الناتو، عن خطة صاغها المحافظون الجدد في إدارة بوش لتفكيك سبعة بلدان عربية وإسلامية، تنتهي بإيران.

هوس نتنياهو بـ”الخطر النووي الإيراني”

سوء التقدير حول أوكرانيا قد يقود العالم لحرب أوسع نطاقًا
حرب

منذ ربع قرن، دأب نتنياهو على التحذير من اقتراب إيران من تصنيع قنبلة نووية، رغم أن تقارير الاستخبارات الدولية، بما فيها تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لم تجد دليلًا على سعي إيران للتسلّح النووي.

الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015 بين إيران والدول الكبرى (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا)، سمح لطهران بتخصيب اليورانيوم تحت رقابة صارمة. لكن نتنياهو وجّه حملة شرسة لإفشاله، ونجح عام 2018 في دفع ترامب للانسحاب من الاتفاق.

منذ ذلك الحين، تبنّت إدارتا ترامب وبايدن سياسة “الضغط الأقصى”، عبر فرض عقوبات اقتصادية قاسية، لكنها فشلت في إيقاف برنامج إيران النووي، بل زادت طهران من نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60%، ورفعت احتياطيها إلى أكثر من 400 كغ.

كيف اختار ترامب التواطؤ؟

مع عودة ترامب إلى الرئاسة مطلع 2025، وعد بتوقيع اتفاق جديد يُنهي البرنامج النووي الإيراني دون اللجوء إلى الحرب. لكن صعود حكومة إسرائيلية متطرفة بعد عملية “طوفان الأقصى” عام 2023 أعاد خلط الأوراق.

فقد شنّت إسرائيل حربًا إباديّة على غزة استمرت أكثر من 600 يوم، وسعت في الوقت ذاته إلى تصفية قادة إيران ونخبتها العلمية. وفي أبريل، أصدر ترامب إنذارًا مدته 60 يومًا لإيران لقبول اتفاق جديد، لكن ما حصل هو العكس: ضربة إسرائيلية مفاجئة قبل بدء الجولة السادسة من المفاوضات بيومين، أدّت إلى اغتيال أكثر من 20 مسؤولًا عسكريًا وعالمًا نوويًا إيرانيًا.

هدف العملية كان واضحًا: شلّ القيادة الإيرانية، ونسف المسار الدبلوماسي، وإشعال مسار إسقاط النظام.

الرد الإيراني: عقيدة جديدة في الردع

 

ذهاب 4 جنود بريطانيين لمحاربة الروس في أوكرانيا يثير مخاوف من جرّ البلاد للحربلم تنتظر طهران كثيرًا. خلال ساعات، جرى تعيين قيادة عسكرية جديدة، وأُطلقت مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، في أكبر ضربة تواجهها تل أبيب في تاريخها الحديث.

أُجبر ملايين الإسرائيليين على الاحتماء بالملاجئ، وانكشف عجز منظومة “القبة الحديدية”. ومع فشل إسرائيل في إسقاط النظام الإيراني أو تدمير منشآته النووية، بدأت دعوات نتنياهو تبدو مضطربة ويائسة.

خيارات إسرائيل المأزومة:

تقف إسرائيل اليوم أمام معادلة حرجة:

  1. حرب استنزاف طويلة: تستمر المواجهات دون حسم، بينما تنجح إيران في امتصاص الضربات والاحتفاظ بقدراتها النووية، وتكريس موقعها الإقليمي.
  2. تدخّل أمريكي مباشر: وهو ما يسعى نتنياهو إليه، رغم معارضة قاعدة ترامب الداخلية لـ”حرب جديدة في الشرق الأوسط”، فضلًا عن خطر التصعيد مع الصين وروسيا.
  3. اشتعال إقليمي شامل: قد يشعل حربًا إقليمية، ويتسبب في أزمة طاقة عالمية، وربما يفتح الطريق نحو مواجهة عالمية كبرى.

خاتمة | العرب في بريطانيا – AUK

بوريس جونسون يتعهد بإفشال بوتين في حربه على أوكرانيا

ما يحاول نتنياهو فعله ليس مجرد ضربة عسكرية ضد إيران، بل تعديل ميزان القوى الإقليمي بالكامل عبر توظيف واشنطن كأداة لضرب أعدائه. لكنه قد يكون بصدد ارتكاب خطأ استراتيجي كارثي.
إن فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها سيُضعف قدرتها على الردع، ويُعيد ترتيب أولويات القوى الدولية تجاه مشروعها الإقليمي. أما إذا انزلقت أمريكا إلى حرب لا تُحسم، فإن الشرق الأوسط سيعود إلى دوامة الحروب العقيمة، وستدفع شعوبه – من غزة إلى طهران – ثمن هذه الحسابات المجنونة.

لقد آن الأوان لإدراك أن الحرب لا تبني أمنًا، وأن الردع الحقيقي لا يقوم على الدمار، بل على العدالة.

 

المصدر ميدل ايست اي 


إقرأ أيّضا

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
5:53 am, Jun 30, 2025
temperature icon 18°C
broken clouds
83 %
1021 mb
10 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 66%
Visibility 10 km
Sunrise 4:46 am
Sunset 9:21 pm