توقعات بارتفاع التضخم في بريطانيا إلى 3.8%.. ماذا يعني ذلك؟
ينبغي على الأسر الاستعداد لقفزة جديدة عند صدور تقرير التضخم لشهر يوليو غدًا الساعة 7:00 صباحًا. ويتوقع بنك إنجلترا أن يرتفع الرقم الرئيسي للتضخم إلى 3.8%، ارتفاعًا من 3.6% في يونيو.
كما يتوقع خبراء الاقتصاد في دويتشه بنك قفزة قدرها 0.2 نقطة مئوية مقارنة بقراءة الشهر الماضي. وفي الوقت نفسه، تتوقع شركة الأبحاث Pantheon Macroeconomics زيادة طفيفة أقل، لترتفع التضخم إلى 3.7%.
ما الذي يدفع أسعار المستهلكين للارتفاع؟
قد يكون الإنفاق الصيفي مسؤولًا جزئيًا، إذا ارتفع التضخم إلى 3.8% كما هو متوقع غدًا.
ادعى سانجاي راجا، كبير الاقتصاديين في بريطانيا لدى دويتشه بنك، أن “هناك احتمالًا لزيادة زخم الخدمات، خصوصًا حول أسعار تذاكر الطيران والإقامة، حيث تدعم الأولى توقيت العطلات المدرسية وقد تتأثر الأخيرة بارتفاع مرتبط بمهرجان Oasis”.
كما أن تضخم أسعار الغذاء قد زاد من الضغط في الأشهر الأخيرة. وقد أثر الطقس القاسي على المحاصيل، كما أن ارتفاع تكاليف التوظيف يدفع الأسعار للارتفاع.
وأضاف راجا: “نتوقع أن يستمر تضخم الغذاء في الصعود – لكننا نعتقد أننا قد نقترب من الذروة”.
تضخم مستمر يثقل كاهل بنك إنجلترا ويثير الحذر في خفض أسعار الفائدة
على الرغم من أن التضخم قد تباطأ بشكل ملحوظ عن ذروته التي بلغت 11.1% في أكتوبر 2022، إلا أنه ما زال مرتفعًا. وتشير فيكتوريا سكولار، رئيسة الاستثمار في منصة Interactive Investor، إلى أنه “أشد ارتفاعًا بكثير” مما يطمح إليه كل من المستشارة المالية راشيل ريفز وبنك إنجلترا.
وقد انعكس ذلك في اجتماع تحديد أسعار الفائدة الأخير للبنك، عندما صوت المسؤولون الاقتصاديون لخفض الفائدة بأغلبية ضيقة 5-4. وكانت هناك حاجتان للتصويت قبل الوصول إلى هذا القرار. وكان المعلقون يتوقعون تصويتًا أكثر حسمًا، ونتيجة لذلك، خفف بعضهم من نبرة توقعاتهم للمستقبل.
وقال أندرو جودوين، كبير الاقتصاديين في بريطانيا لدى Oxford Economics : “على الرغم من أننا ما زلنا نتوقع خفض قدره 0.25% في نوفمبر ، إلا أن مستوى ثقتنا في هذا التوقع أقل بكثير”.
وأضاف: “نرى أن الأمر قد لا يتطلب جهدًا كبيرًا لإقناع اللجنة بتأجيل أي خفض إضافي للفائدة. وإذا استمر التضخم في تجاوز التوقعات، فقد يتجه القرار نحو الثبات، لا سيما إذا انعكست حركة أسعار السوق ضد أي خفض محتمل”.
تباطؤ نمو الأجور وسط التضخم يدفع الأسر لاعتماد الحذر المالي
بشكل عام ، يعني ارتفاع الأسعار أن تكلفة السلع والخدمات اليومية ترتفع، مما يضغط على ميزانيات الأسر. وقد يكون هذا تحديًا إذا لم يرتفع دخلك بنفس المعدل.
على الرغم من أن نمو الأجور السنوي لا يزال مرتفعًا، حيث بلغ 5% في أحدث تقرير لسوق العمل، إلا أنه بدأ يتباطأ مع تباطؤ سوق الوظائف. وتشير بيانات المسح من مكتب الإحصاءات الوطنية إلى أن الشركات قد أوقفت قرارات التوظيف، مع بعضهم الذين يختارون عدم توظيف عمال جدد أو استبدال من غادروا.
قالت أليس هاين، محللة التمويل الشخصي في منصة الاستثمار Bestinvest: “قد يجد العمال الراحة في حقيقة أن الدخل قبل الضرائب لا يزال ينمو أسرع من التضخم في الوقت الحالي… لكن هذا يعوضه عبء الضرائب الأكبر وخطر تباطؤ نمو الأجور أكثر من هنا”.
وأضافت: “في ظل غموض توقيت خفض الفائدة واعتماد الشركات سياسات توظيف أكثر حذرًا، أو الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لسد فجوات المهارات، يُنصح المستهلكون بتبني نهج متأنٍ في الإنفاق”.
وبالطبع، لا يؤثر التضخم على ميزانيات الأسر فقط، بل على جوانب أخرى من أموالك مثل المدخرات والاستثمارات أيضًا.
التضخم وخفض الفائدة يهددان مدخرات البريطانيين… كيف تحمي أموالك؟
يعد ارتفاع التضخم خبرًا سيئًا لمن يملكون مدخرات نقدية، خصوصًا عند اقترانه بخفض أسعار الفائدة. إذ يقلل التضخم من القيمة الحقيقية للنقد، حيث لا يصبح الباوند في جيبك ذا قيمة كافية عند ارتفاع تكلفة السلع والخدمات.
لحماية مدخراتك من التضخم، تأكد من أن سعر الفائدة على حساب التوفير يواكب التضخم على الأقل. ويفضل أن يسعى لتحقيق عائد أعلى. وتقدم أفضل حسابات التوفير السهلة الوصول حاليًا معدلات تصل إلى 5%. وحتى إذا ارتفع التضخم إلى 3.8% غدًا، فهذا يعني أنه يمكنك تحقيق عائد حقيقي بنسبة 1.2%.
إذا كنت ترغب في تجميد نقودك لعام أو نحو ذلك، فقد يكون من المنطقي تثبيت مدخراتك لضمان معدلات أعلى لفترة أطول. وتميل الحسابات السهلة الوصول إلى أن تكون متغيرة، وقد تنخفض بدون سابق إنذار، بينما تقدم الحسابات ذات المعدل الثابت مزيدًا من اليقين. ويقدم أفضل حساب ثابت لمدة عام دون حد أدنى للإيداع حاليًا معدل 4.25%، وفقًا لموقع المقارنة Moneyfacts.
استراتيجيات استثمارية لمواجهة التضخم على المدى الطويل
إذا كنت تبحث عن التغلب على التضخم على المدى الطويل، فقد ترغب في النظر في استثمار جزء من مدخراتك في محفظة متنوعة من الأسهم والسندات وغيرها من الأصول.
هناك بعض التحفظات – على سبيل المثال، يجب أن تكون مستعدًا للإبقاء على الأموال مستثمرة لمدة لا تقل عن 5 سنوات لتجاوز تقلبات قصيرة المدى. قبل الاستثمار، تأكد أيضًا من سداد أي ديون بفوائد عالية ووضع ما يكفي من النقد لتغطية الطوارئ وأي أهداف مدخرات قصيرة المدى.
بينما يعرض الاستثمار لأخطار السوق، تتفوق الأسهم عادةً على النقد على المدى الطويل ولها سجل أفضل عند مواجهة التضخم.
وتظهر بيانات من بنك Barclays على مدار الـ 120 عامًا الماضية تقريبًا أن الأسهم قد تفوقت على النقد بنسبة 70% من الوقت، بناءً على فترة احتفاظ لمدة عامين. وإذا امتدت فترة الاحتفاظ إلى 10 سنوات، يرتفع المعدل إلى 91% من الوقت.
من المهم الاستثمار بحكمة عبر مجموعة متنوعة من الفرص بدلًا من وضع كل البيض في سلة واحدة. وإذا لم تكن واثقًا من اختيار استثماراتك بنفسك، قد يكون الصندوق الجاهز خيارًا جيدًا.
التضخم المجمد للضرائب يرفع فاتورة الدخل ويؤثر على الجميع
يعد ارتفاع التضخم خبرًا سيئًا فيما يتعلق بالضرائب. فقد تم تجميد حدود الضريبة الشخصية منذ 2021، مما يعني أن المزيد من دافعي الضرائب يجدون أنفسهم في شريحة ضريبية أعلى مع دفع زيادات الأجور المتعلقة بالتضخم بهم إلى ما فوق الحد.
كما يقلل التضخم من قيمة الإعفاء الشخصي من الضرائب – وهو مبلغ الدخل الذي لا تحتاج لدفع الضريبة عليه. وقد تم تجميده عند 12,570 باوند منذ 2021. ويعرف هذا التأثير باسم الكبح المالي. وغالبًا ما يصفه النقاد بالضريبة الخفية، لأنه يؤدي إلى زيادة فواتير ضريبة الدخل حتى مع ترك الأسعار دون تغيير.
قال كريج ريكمان، خبير التمويل الشخصي في Interactive Investor: “تؤثر حدود الضريبة المجمدة على الجميع. مع تجميد الإعفاء الشخصي وحدود الشريحة الأعلى حتى 2028، هذا يعني أن حتى أصحاب الدخل المنخفض سيدفعون تدريجيًا ضريبة على المزيد من دخلهم”.
وأضاف ريكمان أن ” الجدل حول الكبح المالي من المرجح أن يتصاعد خلال الأشهر المقبلة مع اقتراب ميزانية الخريف. ومع خطر الحكومة في عدم الوفاء بقواعدها المالية الصارمة، قد تكون هناك زيادات ضريبية في الطريق”.
وأشار ريكمان إلى أن تمديد تجميد حدود الضريبة بعد 2028 هو “طريقة للحكومة لجمع مليارات الباوند دون كسر وعدها الانتخابي بعدم رفع الضرائب على العمال”.
كيف يستجيب المستثمرون لارتفاع التضخم؟
رغم توقع ارتفاع التضخم إلى 4% في سبتمبر المقبل، تستمر أسعار الفائدة في التراجع، ما قد يدفع المدخرين للبحث عن فرص استثمارية بديلة، مع تراجع جاذبية عوائد النقد بسبب انخفاض معدلات التوفير.
ورغم ذلك، تظل بيئة الاستثمار معقدة وفقًا لتشارلي أمبلر، المدير المشارك للاستثمار في شركة إدارة الثروات Saltus.
وقال: “رغم أن خفض أسعار الفائدة يقلل من حافز الادخار، فإن ارتفاع التضخم واحتمال المزيد من زيادات الضرائب في الخريف يدفع المستثمرين إلى توخي الحذر. ومع تباطؤ النمو الاقتصادي إلى 0.3% بين أبريل ويونيو، يتعين على صانعي السياسات طمأنة المستثمرين وتعزيز الثقة في الاقتصاد لدفع عجلة النمو”.
وأضاف: “لا شك أن هناك فرصًا في القطاعات الحساسة لأسعار الفائدة والأسهم البريطانية، لكننا نرى المستثمرين يتبنون نهجًا صبورًا ومنضبطًا مع التركيز على العوائد طويلة الأجل”.
رأي منصة العرب في بريطانيا (AUK) :
مع اقتراب صدور تقرير التضخم لشهر يوليو، يبدو أن الأسر البريطانية ستواجه ضغوطًا جديدة على ميزانياتها، مع توقع بنك إنجلترا ارتفاع الرقم الرئيسي للتضخم إلى 3.8%. تستمر الضغوط على أسعار الخدمات والسلع الأساسية، لا سيما في قطاعات السفر والإقامة والغذاء، ما يزيد من صعوبة التوازن المالي للأسر.
رغم التباطؤ النسبي منذ الذروة التي سجلها التضخم في أكتوبر 2022، إلا أن المستوى الحالي لا يزال أعلى مما ترغب الحكومة وبنك إنجلترا، ما يجعل أي تخفيض مستقبلي لأسعار الفائدة مرهونًا بالمستجدات الاقتصادية.
الأسر تواجه ضغوطًا مزدوجة؛ ارتفاع الأسعار يثقل الإنفاق اليومي، بينما تباطؤ نمو الأجور يقلل من القدرة على مواجهة التحديات المالية. المدخرون يعانون أيضًا، إذ يقلل التضخم من القيمة الحقيقية للنقد، ما يدفع البعض للبحث عن استثمارات أكثر أمانًا واستراتيجية لمواجهة فقدان القوة الشرائية.
من منظور منصة العرب في بريطانيا، إدارة التضخم ليست مجرد أرقام، بل مسألة تأثير مباشر على حياة الناس اليومية. والحاجة ماسة لوضع سياسات واضحة تعزز القدرة الشرائية وتخفف من العبء الضريبي، مع دعم الأسر في التخطيط المالي المستقبلي.
كيف تؤثر زيادات الأسعار على ميزانيتكم اليومية؟
وهل تخططون لتعديل أسلوب إنفاقكم أو استثماراتكم لمواجهة التضخم؟
شاركونا أفكاركم في التعليقات.
المصدر : Money Week
إقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇
19°C
