تكاليف الاقتراض الحكومي في بريطانيا تبلغ ذروتها منذ 1998.. هل سترتفع الضرائب؟
ارتفعت تكاليف الاقتراض طويل الأجل للحكومة البريطانية إلى أعلى مستوياتها منذ 27 عامًا، وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى زيادات أكبر في الضرائب ضمن ميزانية الخريف المقبلة.
قفزت العائدات على السندات الحكومية البريطانية – المعروفة أحيانًا باسم gilts – إلى أعلى مستوى لها منذ عام 1998. وتعد السندات الحكومية بمثابة إقراض شخص ما للحكومة البريطانية مقابل وعد بسداد فوائد. وزيادة العائد تعني أن الحكومة ستضطر لدفع مبالغ أكبر للمستثمرين.
فيما يلي الأسباب التي أدت إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض وفقًا للخبراء، وما قد يعنيه ذلك من تغييرات محتملة في الميزانية.
ارتفاع عوائد السندات وسط قلق من تغييرات حكومة ستارمر
شهدت السندات الحكومية ضغطًا عالميًا، مع ارتفاع العوائد في الولايات المتحدة وأوروبا.
وعموما، تميل العوائد للارتفاع في فترات عدم اليقين الاقتصادي، حيث يسعى المستثمرون للحصول على تعويض عن المخاطر الكبيرة التي يتحملونها. هناك أيضًا عوامل محددة يرى بعض الخبراء أنها تؤدي إلى ارتفاع العوائد في بريطانيا.
قال مايكل ساندرز، المستشار الأول في أوكسفورد إيكونوميكس، إن هناك أسبابًا متعددة وراء ارتفاع عائد السندات، مضيفًا: “يعكس ذلك بشكل كبير العوامل العالمية، بالإضافة إلى بعض القلق بشأن التضخم المستمر في بريطانيا، والعجز المالي المستمر، والمخاطر السياسية طويلة الأجل الناتجة عن صعود حزب ريفورم.”
من جانبه، أوضح نيل ويلسون، كبير استراتيجيي الاستثمار في بريطانيا بشركة Saxo Markets: “تحرك السوق كان علامة على أن المستثمرين لا يثقون في أن الخزانة ستلتزم بقواعد الاقتراض الصارمة.”
وتملك الحكومة مجموعة من القواعد الذاتية التي تحكم قراراتها الضريبية والإنفاقية.
يوم الاثنين، أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر عن تغييرات كبيرة في فريقه في داونينغ ستريت. فقد أصبح دارين جونز، نائب المستشارة السابقة للخزانة راشيل ريفز، سكرتيرًا أول لرئيس الوزراء، بينما سيحل جيمس موراي محله كرئيس للسكرتارية في الخزانة.
وقال ويلسون: “ارتفعت عائدات السندات في بريطانيا بعد إعادة تشكيل الفريق من قبل رئيس الوزراء، مما بدا وكأنه تهميش لمستشارة الخزانة الصارمة ريفز من خلال استقطاب نائبها. إذا لم تكسر الخزانة القواعد، فربما يمكن لرقم 10 أن يفعل ذلك؟”
ارتفاع تكلفة ديون الحكومة يضغط على الخزانة ويُرجح رفع الضرائب في الخريف
يزيد ارتفاع العائدات من تكلفة خدمة ديون الحكومة، وقد يؤدي إلى رفع المبالغ التي ستجمعها الحكومة من الضرائب. ويتفق معظم الاقتصاديين على أن الضرائب سترتفع في الخريف، مع اختلاف التقديرات حول مقدار الزيادة.
قالت روث غريغوري، نائبة كبير الاقتصاديين في بريطانيا بشركة Capital Economics، إن تحركات السوق قد أضعفت بالفعل قدرة المستشارة على المناورة بمقدار مليار باوند ، مضيفة: “نعتقد الآن أنها ستضطر لرفع ما بين 18 مليار إلى 28 مليار باوند في ميزانية الخريف، في الغالب من خلال رفع الضرائب.”
وأوضح توماس بوه، اقتصادي في RSM UK، أنه إذا استمرت عائدات السندات عند هذا المستوى، فقد تكلف الخزانة نحو 4 مليار إلى 5 مليار باوند بحلول موعد الميزانية في أكتوبر أو نوفمبر.
وكان قد توقع سابقًا أن تحتاج الحكومة لجمع نحو 20 مليار باوند من الضرائب، مضيفًا: “نحن على الأرجح الآن في نطاق 20 مليار إلى 25 مليار باوند .”
وأشار بوه إلى أن التكاليف الإضافية قد تحد من قدرة الخزانة على تقديم أخبار جيدة، ففي كثير من الأحيان يحاول وزير الخزانة موازنة الأخبار السيئة مثل رفع الضرائب، بإجراء مفاجئ مثل خفض الضرائب أو زيادة الإنفاق لجذب رضا الجمهور، لكنه أضاف: “في الواقع، قد يقتصر تأثير ذلك على الحد من قدرتهم على تقديم أي منح أو مفاجآت إيجابية.”
الذهب عند أعلى مستوى قياسي مع تزايد الطلب على الملاذات الآمنة
في أوقات الاضطراب الاقتصادي العالمي، يبحث المستثمرون عن الملاذات الآمنة، ويُعتبر الذهب أحد أكثر الأصول أمانًا. وقد أدى ذلك إلى وصول الأسعار إلى مستوى قياسي بلغ 3,508.50 دولار للأونصة في وقت مبكر من يوم الثلاثاء.
وقالت كاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في XTB: “بيع السندات والاندفاع نحو الدولار والذهب علامات على أن المستثمرين يتجهون نحو الملاذات الآمنة والأصول القابلة للتسييل مع تقدمنا خلال الأسبوع.”
وأضافت: “جاذبية الذهب من غير المرجح أن تتضاءل في المدى القريب.”
وشهد الذهب العديد من الارتفاعات هذا العام، لا سيما بعد الإجراءات المثيرة للجدل للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات انتقامية على دول حول العالم. كما أثرت في صعود الأسعار اليوم عوامل أخرى، منها ضعف الدولار الأمريكي واحتمال المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
تشير هذه التحركات إلى الضغوط الكبيرة التي تواجه الحكومة البريطانية في تمويل ديونها، ما يزيد احتمالية رفع الضرائب في ميزانية الخريف. فارتفاع عوائد السندات يزيد تكلفة خدمة الدين ويحد من قدرة الحكومة على تقديم أي إجراءات مالية مفاجئة لجذب رضا الجمهور.
ويبقى التساؤل: هل ستتمكن الحكومة من السيطرة على تكاليف الاقتراض دون تحميل المواطنين أعباء إضافية، أم أن استمرار ارتفاع العوائد سيجبرها على اتخاذ خيارات مالية صعبة؟
المصدر : The i paper
إقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇
18°C
